ليدهش الناس إذا ارادوا، فالمعرض ليس للاستغراب... "انه جولة روحية، وارتباط مع الطبيعة، وإشارة لتجاوز عالم مادي كثيراً". ليذهب الناس الى معرض ماريكو موري في سربنتاين غاليري ليتأكدوا أن ما قالته الفنانة اليابانية ينطبق الى حد ما على ما قدمته. الشيء المؤكد انهم سيدخلون كبسولة "فيديو" تحملهم الى عالم مختلف عن ذلك الذي أتوا منه... من حديقة كينسينغتون، حيث الغاليري. فن الفيديو يتحول على يد موري الى طريقة لتجسيم عالم غرائبي، الى آفاق الفضاء والفانتازية، الى نموذج من "ستار وورز". عند هذا الحد يختلط الحابل بالنابل، الى حد انه يتطلب من الزوار ان يضعوا نظارات خاصة لمشاهدة صورة ضوئية كبرى حيث تقف الفنانة في ثياب تقليدية وهي تتحرك بين كرات ملونة تشبه نجوماً. موري المولودة في طوكيو في1967 لها سمعة بين الغاليريهات الدولية التي تراقب الاتجاه الالكتروني في الفن. وهي تخطو الآن نحو الجمع بين الروحية الشرقية، والثقافة الشعبية الحديثة... بين الطبيعي والمصطنع، في إنشاءات وتراكيب مجسمة. الا انها تقع في الخطأ الذي يرافق مثل هذا النوع من الفن وهو إغراقه في التحليل، و"تلبيسه" أفكاراً ونظريات لا علاقة لها بما يشاهده الجمهور. ولكن يبدو أن المتعة، اذا كانت مقصودة هنا، تختفي عندما ينظر الانسان الى الكتب المؤلفة عن هذه الفنانة. ليس معنى هذا ان المعرض ليس فيه تحد، وتقنية بارعة، ومحاولة لتوسيع دائرة الفن الاكتروني. ويعتمد المعرض على شاشات كبيرة تغطي جدران غرفه الاربعة . تظهر الفنانة في أغلبها، مرة تشبه "روبوط"، وأخرى مثل طيف يتحرك بين أشجار غابة، وأحيانا تجوب الفضاء باللباس التقليدي. غالباً ما تصدر أصواتاً يابانية كأنها أغاني أطفال. هذا الفضاء الآلي يصفه الكتاب المرافق للمعرض بأنه محاولة لتجديد وعي الانسان، وابراز امكانات استعمال الخيال، وإحداث ثورة في التفكير عن الواقع من خلال المرئيات. ثم هناك تركيز على العالم اللامرئي بواسطة الالكترونيات. وعند الدخول الى المعرض المعتم نرى قطعة مثل المشكاة، في داخلها شكل وردة من زجاج، يصلها ضوء الشمس بواسطة ألياف بصرية. القطعة تدعى "كبسولة التجلي". واذا كانت فيها إشارة بوذية بحكم اتجاه الفنانة، فإن القطع الثانية لها علاقة بقصص الخيال العلمي أكثر من أي شيء آخر. لا يعني هذا أن فن الفيديو لم يتجاوز مرحلة "تأمل النفس في إعجاب"، بل انه يشكل وسيلة استكشاف، كما يوصل بين اتجاهات فنية عدة، ويعطي الممارسين فرصة التخلص من طرق التعبير الجامدة، الى رحاب أوسع وأكثر تأثيراً. هذه الحرية كثيراً ما تتوقف على فكرة، واتجاه، وموضوع العمل. الا انها غالباً ما تؤدي الى التهافت.