الشعور الذي يواجه زائر معرض لويز بورجوا خليط من الخوف والضغط. يريد المرء ان يعرف المزيد عن الفنانة، ولماذا غضّت لندن النظر عنها طوال هذه الفترة… فلم تقدم معرضاً شاملاً لها الا بعد ان بلغت 87 عاماً من العمر، في وقت يعيش فيه اغلب الفنانين من جيلها على الذكريات. اما الفنانة التي ولدت في فرنسا وتعيش في اميركا منذ الثلاثينات فلا تزال تغزو مخيلة الجمهور العالمي. وعندما يرى الانسان عنكبوتاً ضخماً معلّقاً في معرض سربنتاين غاليري يزداد يقينه انه امام اعمال فنية تختلف عما تجود به قريحة أجرأ الفنانين من الشبان. فن بورجوا يحوم حول مشاكل الجنس والقوة والألم. لكن لغته سهلة تعتمد الصورة المجسمة. وتنفرد بأن كل المواد يمكن ان تعبر عن الجسم البشري او عن العلاقات الخاصة. اما الاسلوب فهو مشحون، حاد، ولا يأبه بالجمال او بالأناقة. تعبّر الفنانة عن افكارها بأي مادة كانت، من الرخام الى البرونز ومن القماش الى الخشب والمواد المهملة. هذا الانتاج جزء من حياة، من زمن الطفولة ومن ضغوط اسرة، ومن خوف المجهول. المتفرج هنا لا يأبه بالتفاصيل،. يحيك خيوط عنكبوت في نفسه وفي افكاره، ويدور حول منشآت تشبه اجساماً واشجاراً وقطعاً لا علاقة لها بالواقع. انه ينتقي من الليونة ما يناسبه، ومن الحديد قسوة، ومن المجسمات المطاطية تعبيراً عن اتصال. قد يفهم الانسان هذه الحالات التي تصاحب الاشكال لكنه لا يريد ان يغوص فيها. انها تشكل اطاراً فقط. يؤثر في اعمال بورجوا الاتجاه الدرامي في مستوى المادة وتشخيص الجسم البشري بطريقة تجعل المرء يشعر ان الرخام والبرونز مادتان محدودتان في التعبير عن حالات الجسد المختلفة. امثولة الجسد المعلّق تملأ المعرض، في حين تبتعد القطع عن العاطفية والجمال والحس بالتنسيق. تبدو الاعمال كأنها حفر في ارض الذكرى للعثور على آثار او اجزاء مفقودة في زمن غابر، لكنها تظل مصنوعة بشغف وحب فنانة لا تخاف ان تعود الى صباها.