سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصادر الحريري تستغرب زجّه في الإشكال بين رئيس الجمهورية وصاحب "الشراع" . لبنان : الهراوي "متألم" من بيان نقابتي الصحافة والمحررين وينوي طرح الأمر على مجلس الوزراء
تكثّفت امس الإتصالات على الصعد كافة، في ضوء ورود معلومات عن احتمال طرح الازمة القائمة بين رئيس الجمهورية الياس الهراوي ونقابتي الصحافة والمحررين على بساط البحث في جلسة مجلس الوزراء المقررة مساء اليوم في بعبدا. وفي معلومات "الحياة" ان بوادر بروز الازمة بين الهراوي والنقابتين ظهرت علناً فور صدور البيان التضامني عنهما حيال ما تعرض له امين سر نقابة الصحافة رئيس تحرير مجلة "الشراع" الزميل حسن صبرا اثناء تعزيته نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر بوفاة والدته في بتغرين. واستناداً الى المعلومات فأن مقرّبين من رئيس الجمهورية وبينهم وزراء توقعوا ان يطرح على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال بيان النقابتين لما ورد فيه من موقف عنيف استهجنه رئيس الجمهورية، مما قطع الطريق على احتمال التوصل الى تسوية لطي التفاعلات المترتبة على الصفعة التي تلقاها صبرا. وفي تقدير مصادر رسمية ل"الحياة" ان احد الوزراء سيبادر في مستهل الجلسة بانتقاد بعض مضامين البيان المشترك لتهجّمه المباشر على رئيس البلاد ومن ثم سيطلب من المجلس تحديد موقف من البيان بذريعة ان ما ورد فيه تجاوز موضوع الشخص الى مقام رئاسة الجمهورية. تجميد الوساطة وقالت المصادر الرسمية ان مضمون البيان المشترك كان وراء تجميد الوساطة التي بدأ بها البعض، في محاولة لتطويق ذيول ما حصل في بتغرين مشيرة الى ان الوزير المر لم يكلف القيام بالوساطة، وأنه لو طلب منه لبادر بها فوراً، ولن يتردد في معالجة المشكلة. ونقلت عن مقرّبين من الرئىس الهراوي تألمه الشديد لما ورد في البيان من "هجوم ليس في محله". ولفتت الى انه كان وراء وقف المساعي بعدما نشط البعض على هذا الصعيد، وفي طليعتهم الوزير شوقي فاخوري والنائب مروان حمادة. وهذا ما يوجب على مجلس الوزراء تحديد موقف. وفي المقابل، قالت مصادر نقابية ل"الحياة" ان نقيبي الصحافة محمد بعلبكي والمحررين ملحم كرم لم يوفّرا جهداً للوصول الى مخرج لإنهاء المشكلة قبل ان تتفاقم لغياب الحلول التوفيقية. وأضافت "ان النقيبين عرضا الأمر مع الرئىس الهراوي الذي بدا متألماً لما اورده بعض وسائل الاعلام عن الحادث، عازياً اسبابه الى ان صبرا استفزّه وتجاهله". وتابعت "انهما راهنا على امكان التوصل الى حلحلة قبل موعد الاجتماع الطارئ للنقابتين ظهر اول من امس في دار نقابة الصحافة، ليأتي الاجتماع وسط اجواء مريحة وإيجابية، إلا ان جهودهما لم تفلح لتعذر ايفاد من ينتدبه الرئيس الهراوي "الذي نكنّ له كل احترام وتقدير للإنجازات التي حققها على كل المستويات، لنبادر بدورنا بتطويق مضاعفات الإشكال". وأكدت "اننا لم نبحث عن مشكلة وبالأخص مع رئيس الجمهورية الذي نعرف عن كثب مواقفه من الحريات وسِعَة صدره حتى لو تعرّض لانتقادات ظالمة، لكننا لم نوفق في اطلاق مبادرة تدفعنا الى التعامل مع الموضوع كأنه عابر، ولن يترك ذيولاً". ورأت "ان النقابتين كانتا مضطرتين الى اتخاذ الموقف الذي صدر عنهما، خصوصاً ان تأجيل الاجتماع كان ممكناً لو اننا لمسنا ان هناك مبادرة تستدعي تأجيله ريثما تسوى المشكلة ونطوّق مضاعفاتها". وكشفت مصادر النقابتين "ان تأجيل اصدار البيان او تأخير انعقاد الاجتماع كان طرح لكنهما لم تلمسا ما يبرر التأجيل خصوصاً لجهة الأخذ بوجهة نظر النقيبين الداعية الى مبادرة الرئىس الهراوي بإيفاد من يتولى انهاء الإشكال". وأضافت "ان مبادرة الهراوي وهو من عوّدنا على رحابة صدره، آخذاً كعادته كل الإشكالات بقلب مفتوح، كانت كافية لتجاوز سحابة عابرة في علاقة رئاسة الجمهورية بنقابتي الصحافة والمحررين، خصوصاً ان ليس هناك من يود تكبير المشكلة او الدخول في ازمة مع رئىس البلاد. اما وأن المبادرة لم تتم وحصل ما حصل فأن الجهود الوفاقية التي بذلت ليل اول من امس لم تسفر عن نتائج ايجابية نظراً الى تألم الهراوي من بيان النقابتين، وكان شارك في جانب فيها رئيس الحكومة رفيق الحريري من فقرا". وأجريت اتصالات مع الوزير المر الذي ابدى كل استعداد ولم يتردد في التوجه على عجل الى دار نقابة الصحافة للقاء النقيبين بعلبكي وكرم وأعضاء مجلسي النقابتين، لكنه ارتأى ان يبارك الرئيس الهراوي هذه الخطوة. وبما ان الجهود بقيت تراوح مكانها، ان لجهة ايفاد الوزير المر، او تكليف المستشارة الإعلامية لرئاسة الجمهورية الزميلة مي كحّالة، فأن علاقة نقابتي الصحافة والمحررين برئاسة الجمهورية مرشحة الى اتخاذ منحى آخر اذا طرح موضوع البيان على مجلس الوزراء وطلب منه اتخاذ موقف للرد على ابرز ما تضمنه. البحث عن مخرج وحيال ما أشيع من معلومات توقعت ان تثار القضية في الجلسة، تسارعت الاتصالات في محاولة لإيجاد مخرج للحؤول دون الدخول في ازمة بين السلطة الإجرائية والصحافة، من جراء طرحها، خصوصاً ان اثارتها لا بد من ان تنتهي الى موقف يصدر عن المجلس. وعلمت "الحياة" ان هناك من يحاول تجنيب مجلس الوزراء مشكلة محدثة مع الصحافة وأن يكون البديل تجديد المحاولات بغية الوصول الى ما ينهي المشكلة حتى لو جاء متأخراً، افضل من الدخول في مواجهة سياسية ونقابية يفترض ان تكون البلاد في غنى عنها في الوقت الحاضر من دون ان تعني المساس بمقام رئاسة الجمهورية الذي يبقى فوق كل الاعتبارات مهما اشتدت الأزمات. وكان هذا الموضوع بالذات مدار بحث بين الرئىس الحريري ونائبه في حضور وزير الإعلام باسم السبع وتجنّب الجميع امام الصحافيين الكشف عن تفاصيل ما دار البحث عليه، وإن كان يهدف اولاً وأخيراً الى تهدئة الموقف بعيداً من ردود الفعل، على امل وضع حد للتجاذب السياسي الدائر بين رئاسة الجمهورية والصحافة لئلا يتطور على نحو ينذر بتفاقم الأزمة. وعلى رغم من ان المداولات في هذا الشأن باتت محكومة بستار من السرّية وتأخذ في الاعتبار التوصل الى تسوية تحافظ على طبيعة العلاقة الحميمة بين الصحافة ورئىس الجمهورية فان مصير جلسة مجلس الوزراء مرهون بالجهود المبذولة في الساعات الأخيرة لتنعقد في ظروف عادية بدلاً من ان تلتئم في اجواء ضاغطة في حال انتقلت المشكلة الى الداخل، وكأن هناك حرباً مفتوحة، بالمعنى السياسي للكلمة، بين السلطة الإجرائية والصحافة. مصادر الحريري وكانت مصادر مقرّبة من الحريري نقلت عنه استغرابه الشديد لما نشرته وسائل إعلامية امس نقلاً عن "مصادر بعبدا" ان الحادث الذي وقع بين رئىس الجمهورية وصبرا هو "لعبة الحريري". وقالت المصادر ان الحريري "متأكد من ان هذا النوع من الكلام لا يمكن ان يصدر عن رئيس الجمهورية، بل عن جهات سيئة النية هدفها الاصطياد في الماء العكر والإساءة الى البلاد وتشويه الصورة المشرقة التي خرجت بها الى العالم منذ ايام، حين وقف الشعب اللبناني بكل اتجاهاته خلف حكومته التي فاوضت في صبر وحزم لاسترداد جثث شهدائه وتحرير الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال". وأضافت المصادر ان الحريري "على رغم التجاذبات التي تحصل احياناً بين الحكومة ورئاسة الجمهورية، وهي من طبيعة عمل المؤسسات في نظامنا، يكنّ كل احترام وتقدير لرئىس الجمهورية ويثمّن المواقف التاريخية التي اتخذها خلال سنوات عهده، والتي كان لها الفضل الأكبر في نهوض البلاد وإرساء السلم الأهلي فيها". وتابعت ان "لا حسابات لدى الرئيس الحريري يصفّيها مع احد خصوصاً مع رئيس الجمهورية، اما في شأن حادث بتغرين فالكل يعلم ان الرئيس الحريري سارع منذ اللحظة الاولى الى العمل على عدم تفاقم المشكلة، وانه اتصل بالاستاذ حسن صبرا متمنياً عليه التصرّف في هذا الاتجاه". وفي ما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، افادت المصادر نفسها "ان الكلام الذي صدر عن رغبة الحريري في "الإتيان برئيس الجمهورية الذي يريد، لكي يكون الرئىس المقبل ألعوبة بين يديه"، هو كلام معيب في حق رئىس الجمهورية ورئىس الحكومة معاً وإساءة الى موقع رئاسة الجمهورية والأصول التي تحكم عمل نظامنا البرلماني، باعتباره يصوّر الاستحقاق الكبير الآتي بعد شهور قليلة كأنه موضوع صراع بين اشخاص يحسمه هذا او ذاك لمصلحته بطرق ملتوية". وذكّرت المصادر بما جاء في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري اول من امس "ان رئيس الوزراء كان وما زال من القائلين بخطأ الخوض المبكر في استحقاق انتخابات الرئاسة وأنه كان وما زال حريصاً على موقع رئاسة الجمهورية وعلى بقائها مرجع جميع اللبنانيين وموئلهم".