بغداد، نيويورك - أ ف ب، رويترز - صعّدت بغداد حملتها الإعلامية على اللجنة الخاصة المكلفة التحقق من نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية اونسكوم واتهمتها بمحاولة فرض "رؤية عدوانية" لابقاء الحظر الدولي على العراق. في الوقت ذاته حضت بغداد العرب على امتلاك السلاح النووي لمواجهة "أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها اسرائيل". وجاء تصعيد الحملة على "اونسكوم" بعد تأكيد رئيس اللجنة ريتشارد بتلر انه سيعرض أمام نائب رئيس الوزراء العراقي السيد طارق عزيز الاسبوع المقبل لائحة مطالب على العراق تنفيذها في المجالات الكيماوية والجرثومية وفي مجال الصواريخ تمهيداً لاغلاق ملفات هذه الأسلحة. وتوقع احصاء الصواريخ العراقية المزودة رؤوساً كيماوية "خلال أسابيع"، لافتاً الى أنه أبلغ مجلس الأمن ان تقريره الذي سيقدمه في تشرين الأول اكتوبر "قد يكون مختلفاً الى حد كبير عن التقارير السابقة" في حال امتثل العراق الى لائحة المطالب. وأضاف: "إذا قدم لنا العراق المعلومات والمواد التي نحتاجها في شأن القضايا المتبقية، سنكون في وضع يسمح لنا بإعداد تقارير للمجلس مثلما دعت الفقرة 22 في الجزء الأساسي من قرارنا" 687. يذكر أن الفقرة 22 تربط رفع الحظر النفطي عن العراق بتنفيذه كل مطالب لجنة نزع السلاح. وأبلغ وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف الموجود في نيويورك الصحافيين ليل الخميس ان اعضاء "كثيرين" في مجلس الأمن "وضعوا اللجنة الخاصة تحت التدقيق، ويشككون في صدقيتها وأوضحوا ان اللجنة أداة في يد الأميركيين. لو لم تكن اللجنة سياسية لأبلغت مجلس الأمن أن عملها انتهى". وفي مؤتمر صحافي عقده في نيويورك ليل الخميس - الجمعة لمح بتلر للمرة الأولى الى ان المفتشين الدوليين لا يمكنهم أبداً التأكد "مئة في المئة" من الحقائق في بعض المجالات، وأنه سيكون على مجلس الأمن اتخاذ قرار سياسي. وأطلع بتلر الدول ال 15 الأعضاء في المجلس الأربعاء والخميس على مدى التقدم في ازالة أسلحة العراق، وقدم وثيقة من ثلاث صفحات تتضمن لائحة مهمات على العراق تنفيذها. وأكد ديبلوماسيون شاركوا في الاجتماع المغلق ان رئيس "اونسكوم" اعتبر اللائحة نهائية، لكن المجلس لم يقر الوثيقة نتيجة ضغوط روسية وفرنسية وصينية. وقال بتلر انه "في حال انجز العراق بطريقة مرضية" المهمات المدرجة في اللائحة، سيكون قادراً على ابلاغ المجلس ان بغداد أنهت ازالة أسلحتها، مما يسمح برفع الحظر. وكان أعلن انه سيتوجه الاسبوع المقبل الى بغداد لاجراء محادثات مع طارق عزيز في 13 و14 حزيران يونيو الجاري. وزاد: "سأناقش معه ما يجب فعله لتنفيذ الوثيقة والوقت اللازم لذلك، والعقبات التي تعترضنا". وبعد عودته من العراق سيطلع بتلر مجلس الأمن على نتائج محادثاته. واعترف رئيس اللجنة الخاصة بأن الخبراء في الاجتماع "تطرقوا للمرة الأولى الى استحالة التحقق مئة في المئة في بعض المجالات ازالة الأسلحة"، مشيراً الى رؤوس الصواريخ. وتابع: "على حد علمي هذه المرة الأولى التي يطرح فيها هذا المفهوم". وأشار الى ان المجلس يجب أن يتولى هذه المسألة في وقت ما لأن الأمر يتعلق بتحديد "الحجم الكافي" للتقدم. وأضاف: "بدأنا نخرج قليلاً من الميدان التقني الى الميدان السياسي". وأعلن رئيس اللجنة الخاصة ان "خبراء اونسكوم على وشك احصاء كل الرؤوس الكيماوية، وسيكون في امكاننا خلال بضعة أسابيع القول وبطريقة مرضية إننا نعرف عدد الرؤوس الكيماوية التي يمتلكها العراق" في اشارة الى الرؤوس التي تحملها الصواريخ البعيدة المدى. وشدد بتلر على أن "الأمر يتعلق بحدث كبير وأنني واثق أنه سيحصل". انقسامات المجلس وانعكست الانقسامات التقليدية في المجلس حول المسألة العراقية في ردود فعل الوفود المشاركة في مداولات المجلس. ففي حين اكد مندوب الولاياتالمتحدة بيل ريتشاردسون ان المداولات اثبتت ان العراق "ما زال يخدع" الأسرة الدولية في ما يتعلق ببرنامج تسلحه، رأى مساعد المندوب الروسي ان بتلر بات يتخذ مواقف "متفاوتة". وكان يوري فيدوتوف اتهم رئيس "اونسكوم" الأربعاء بپ"تقديم خلاصات ذات طابع سياسي واعطاء آراء سياسية بدل الإجابة بوضوح عن الأسئلة التقنية". ورأى أول من أمس انه بات يتخذ "مواقف متفاوتة". وأوضح انه "ليست هناك أولويات واضحة" في مجال الأسلحة البيولوجية، وان "مرونة" اللجنة الخاصة في ما يتعلق بالصواريخ "مشجعة". وصرح السفير البريطاني السير جون ويستون بأن "الحقائق التي قدمت الى مجلس الأمن لم تعط سوى نتيجة واحدة هي ان العراق ما زال لديه الكثير ليخفيه". الى ذلك كتبت صحيفة "الثورة" الناطقة باسم حزب البعث الحاكم في العراق امس ان اللجنة الخاصة "تستخدم كل الوسائل" لتبرير ابقاء الخطر. واعتبرت ان اللجنة تتصرف "برؤية عدوانية هدفها اطالة الحصار، وهي اثبتت خلال السنوات الماضية أنها لا تعمل بنهج مستقل حيادي ونزيه، وأنها مرهونة بتوجيهات الولاياتالمتحدة وارادتها السياسية المعادية للعراق". ورأت ان اللجنة "تستخدم كل الوسائل غير المشروعة لايجاد الذرائع التي تمنع مجلس الأمن من التوصل الى تفهم حقيقي متوازن يتيح اتخاذ القرارات الموضوعية المنسجمة مع حقيقة الموقف كما هو، وليس كما تصوره اللجنة". ونبهت الى ان "العراق لن يقبل بأن يبقى ضحية الفهم المشوه الذي تفرضه اللجنة على مجلس الأمن". وتزامنت الحملة المتجددة مع دعوة العراق الدول العربية الى امتلاك اسلحة الدمار الشامل. وصرح وزير الاعلام العراقي همام عبدالخالق بأن "لا سلاح يخدم العرب في مواجهتهم السياسة التوسعية للكيان الصهيوني واخطار ترسانته من الأسلحة النووية والاستراتيجية الاخرى، غير سلاحهم، ومن يعتقد ان الغير سيصمم ويبني له سلاحاً يعينه في جهاده واهم". وكان الوزير يرد على سؤال لوكالة "فرانس برس" عما اذا كان امتلاك باكستان قنبلة نووية يمكن ان يشكل دعماً للعرب في جهودهم لتحقيق توازن مع اسرائيل.