بلفاست - أ ف ب - يعطي البرلمان شبه المستقل الذي انتخب لتوه في ايرلندا الشمالية الامل في تطبيع سياسي بعد 30 عاما من الاضطرابات وسقوط 3500 قتيل، اذا استطاع البروتستانت الوحدويون والكاثوليك القوميون ان يتعاونوا على تحقيق ذلك. وأكد مراقبون أمس ان عمل هذه المؤسسة الجديدة التي من المفترض ان تنبثق عنها حكومة محلية يبدو مضمونا نظرا الى النتائج المعلنة اول من امس للانتخابات التي جرت الخميس الماضي. ومن اصل 108 أعضاء منتخبين هناك 76 نائبا يؤيدون اتفاق السلام التاريخي الذي اتفقت الاحزاب الايرلندية الشمالية بموجبه على توزيع السلطة بين الطائفتين المتنافستين وعلى اطلاق عملية تعاون تنفيذي بين المقاطعة البريطانية في الشمال وجمهورية ايرلندا في الجنوب. فضلا عن ذلك فان صيغة هذا التعايش حظيت قبل ذلك بتأييد 71 في المئة من شعب ايرلندا الشمالية اثناء استفتاء جرى الشهر الماضي. اما شريحة السكان التي صوتت ضد الاتفاق فستجد هي الاخرى من يمثلها في البرلمان حيث حصل البروتستانت الراديكاليون بزعامة القس ايان بايسلي الحزب الديموقراطي الوحدوي على 28 مقعدا موزعين بين احزاب عدة. وعلى رغم من هذه النتيجة التي لا يستهان بها فان هؤلاء لا يملكون الوسيلة التي تمكنهم من شل عملية القرار التي نظمت بطريقة تعطي وزنا متساويا للطائفتين. فالقرارات المهمة تتطلب فعلا لاعتمادها غالبية الوحدويين والقوميين او غالبية مطلقة من 60 في المئة تتضمن 40 في المئة من كل طائفة. لكن البروتستانت المؤيدين لاتفاق السلام احرزوا فوزا ملغوما على فريق بايسلي، اذ ان على ديفيد تريمبل زعيم الحزب البروتستانتي المعتدل الكبير "حزب ألستر الوحدوي" ان يتعامل مع واقع يتمثل بوجود اربعة معارضين في صفوف حزبه قادرين على تحدي سلطته. بيد انه يستطيع الاعتماد على نائبين من الحزب الوحدوي التقدمي، التنظيم الصغير القريب من الميليشيات البروتستانتية. ويتوقع ان ينتخب الاربعاء المقبل زعيم حزب ألستر الوحدوي، الذي يشكل القوة الاولى في البرلمان 28 مقعدا، رئيسا للحكومة المقبلة وزيراً أول. وسيكون الوزير الثاني بعد تريمبل كاثوليكيا قوميا معتدلا من الحزب الاجتماعي الديموقراطي العمالي الذي يتزعمه جون هيوم الذي حصل حزبه على 24 مقعدا ليحتل بذلك مكانته كناطق اول باسم القوميين في ايرلندا الشمالية. وبفضل الوزن الذي يحظى به داخل البرلمان سيتمكن هذا الحزب من لعب دور داخل الحكومة مواز لحزب ألستر الوحدوي اذ سيكون نصيب كل من الحزبين ثلاثة مناصب وزارية من اصل الحقائب الوزارية العشر. اما "شين فين" الجناح السياسي للجيش الجمهوري الايرلندي الذي ينافس الحزب الاجتماعي الديموقراطي العمالي الدفاع عن ايرلندا الموحدة، فقد استمر من جهته في تحقيق تقدم انتخابي مستمر منذ عشر سنوات ليثبت بذلك صدقية استراتيجية رافضة للسلاح يدافع عنها جيري ادامز ومارتن ماكغينيس. فبحصوله على 18 مقعدا يحقق "شين فين" مجدداً افضل نتيجة انتخابية تاريخية ويؤكد مكانته كأول حزب في بلفاست. وفي امكانه ان يأمل في الحصول على حقيبتين في الحكومة المقبلة بالتعادل مع الحزب الديموقراطي الوحدوي. الى ذلك فان اتفاق العاشر من نيسان ابريل الماضي مع فكرة حكومة مشتركة بين الشمال والجنوب يشكل بالنسبة الى "شين فين" بداية الطريق نحو توحيد ايرلندا لذلك فانه سيركز كل جهوده على تطوير هذا المجلس الوزاري. لكن لا يتوقع ان تتمتع الهيئتان الجديدتان التشريعية والتنفيذية في ايرلندا الشمالية فعلا بصلاحياتهما التي ستؤول اليها من لندن الا مطلع 1999. وحتى ذلك الحين على المنتخبين ان يشكلوا حكومتهم وان يحددوا قبل 31 تشرين الاول اكتوبر المقبل مجالات التعاون مع وزراء حكومة دبلن