على رغم التطور الكبير الذي طرأ على حياة البدو في سيناء، الا انهم ما زالوا يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها عبر مئات السنين، خصوصاً تلك المتعلقة بالزواج والقضاء، وعادات اجتماعية اخرى تميزهم عن غيرهم. فالزواج في المجتمع البدوي يكون، عادة، من أقرب قريبات الرجل التي يحل له الزواج منها، وهي ابنة العم. فإذا كان لإبنة العم الواحدة عدد من أبناء عمومتها في سن الزواج، ولم يستقر الرأي على أحدهم يفضل اختيار ابن العم الأكبر سناً. ويقول علي محسن، من بدو سيناء وصاحب دراسة اجتماعية عن عشيرته، انه اذا لم يكن للفتاة أبناء عمومة فإنها ترفع راية بيضاء فوق مسكنها للدلالة على ذلك، حيث يمكن حينها لراغبي الزواج من خارج الأسرة التقدم لخطبتها. إلا ان ابنة العم تظل هي العروس المفضلة لدى البدوي، فإن لم يمل ابن العم لها، فيخير بين انسابه أو ابنة الخال. أما الزواج من خارج الأسرة فلا يزال مرفوضاً ويلقى معارضة شديدة تحول دون اتمامه. ويقول محسن إن أولى مراحل الزواج تبدأ بالخطبة، فتخطب الفتاة من أبيها مباشرة، أو وليها اذا كانت يتيمة الأب، وعادة يكون جدها أو عمها الأكبر. وتُسأل الفتاة صراحة عن رأيها في الزوج المتقدم اليها، وتقوم بمهمة السؤال النساء المتقدمات في العمر، مثل الجدة أو الأم أو العمة أو الخالة، فإذا وافقت احضروا لها أو لوالدها عصا خضراء، يطلقون عليها "قصلة" في حضور أعمامها وكبار العائلة، ويعطيها لزوج المستقبل. ويقول محسن انه لا تحرر وثيقة في هذا الزواج الذي يعرف بزواج القصلة، والقصلة عبارة عن نبات أخضر صغير أو فرع صغير من شجرة أو نبت أخضر ندي، اذ ان البدو يتفاءلون بالنبات الأخضر، ويأملون للعروس ان تنجب، وان تتكاثر ذريتها. مهر البدو والمهر عند البدو لا يزال على خمسة جمال. أما مهر العروس في حال الزواج من خارج الجماعة فيكون 20 جملاً. ويرجع هذا الارتفاع في قيمة المهر لتشجيع الزواج من الأقارب وحرصاً على تماسك البناء القبلي للقبيلة. وبعد سداد المهر يقيم أهل العروسين خيمة للعروس بالقرب من خيمة أهلها يعرّفونها بپ"البرزة" حيث تقدم الهدايا والنقوط. وبعد الزفاف يتوجه العروسان الى مكان بعيد يعرفه الأهل فقط، فيرسلون لهما الطعام والشراب لمدة تتراوح بين اسبوع الى شهر، ثم يرسل الأهل من يحرضهما على الإقامة في خيمة الزوجية. اما عن عادات البدو في الطلاق، فيقول يوسف مصطفى انه اذا امتنعت الزوجة عن طاعة زوجها لمدة عام، تلجأ الى القاضي ليطلقها من زوجها من دون أي أعباء على الزوج. أما اذا كان الرجل متزوجاً بأكثر من زوجة، ولم يعدل بينهن، فتحسب الزوجة "المتضررة" الليالي التي تخطاها فيها وأهملها، وذلك بأن تمسك خيطاً طويلاً وتعقد عقدة فيه عن كل ليلة يغيب زوجها عنها. ثم تأخذ الخيط المعقد الى القاضي. واذا لم ينجح القاضي في الاصلاح بينهما يطلقها من زوجها مع توقيع حكم على الزوج بإعطائها كسوة تتكون من ثوبين وقدراً من القمح لطعامها وناقة وأربعة "أرادب" من القمح لا تزيد مدتها على أربع سنوات عن كل ليلة أهملها فيها. ومن أهم العادات والتقاليد التي لا تزال تحتفط بمكانتها الاجتماعية العالية عند البدو "العدالة البدوية" التي تقوم على الحلف او العقد. ولكل قبيلة "عقيد" وظيفته حفظ العهود والمواثيق بين قبيلته والقبائل الأخرى. وحينما كانت تنشب الصراعات والحروب القبلية فإنها عادة ما كانت تنتهي بحلف أو عقد. والبدو يعترفون بالجميل، ولذلك يقيمون "الرجوم" لرد الشرف أو الاعتبار، وهو يقع على من اتهم آخر بالباطل فيُرجم بالحجارة. وهناك أيضاً التبييض والتسويد، ويقتربان في وظيفتهما من الرجوم. والتبييض والتسويد يكونان برفع راية بيضاء أو راية سوداء، وترفع الأولى على خيمة صاحب الحق المغتصب والثانية على خيمة المغتصب. والأخذ بالثأر مشروع عند البدو، ولكن الثأر ليس قاصراً على القتل فقط، بل يشمل الجروح أيضاً، فإذا جرح بدوي آخر يجرح المتضرر غريمه جرحاً مماثلاً تماماً. واذا تساوى الجرحان حكم ببراءتهما. اما في حال القتل فالثأر يكون من القاتل نفسه أو أحد أقاربه، وقد يلجأون الى قاضٍ "منقع الدم" لتحديد "الدية" المناسبة. والدية لا تسدد فوراً ولكن تمتد لفترة عام كاملة. وإتلاف العين أو إحداث عاهة مستديمة جريمة لها دية خاصة، أما قطع الإصبع فعقوبتها خمسة جمال. ومن أشهر قبائل سيناء التي لا تزال تحتفظ بهذه العادات قبائل "الوراكة" و"المساعيد" و"العبابدة" و"الترابية" و"الاحيوات" و"الحويطات" و"البندرة" و"الصوالحة" و"العليقات" و"الجيالية" و"أولاد سعيد" و"الحمارة" و"صبح" و"أهالي الطور".