في الفصل الثامن من كتابه ( عرب الصحراء ) يتحدث المفوض السياسي البريطاني في الكويت الكولونيل ديكسون عن قوانين الزواج بين بدو الجزيرة العربية ويصفها بالمرونة والبساطة المتناهية معتقدا أنها لو طبقت لساهمت في حل مشكلة حادة جدا لديهم في الغرب وهي مشكلة الفائض من الإناث بطريقة عملية جدا، لافتا إلى عدد النساء في الجزيرة العربية الذي يزيد دوما على عدد الرجال نظرا للحروب التي لا تنتهي والعداوات المتأصلة بين القبائل. فالزواج والطلاق بادئ ذي بدء في غاية البساطة, إذ إن كل شاب عند بلوغه سن الرجولة يتوقع أن يختار له والده شريكة لحياته, وكذلك يجب العثور على زوج للفتاة حال وصولها إلى سن البلوغ . ويضيف أن الزواج من ( أول ) أبناء العم من القوانين التي لا تتغير في الجزيرة العربية والقاعدة هناك أن البنت من حق ابن عمها بعد ما عاش إلى جوارها وتمكن من رؤيتها ما لم يتخل عن حقه في الزواج منها, وحتى وإن تخلى عن هذا الحق فلا يحق لها الزواج دون الحصول على موافقته . فإذا عمدت البنت إلى خرق هذا القانون أو فرض عليها الزواج من شخص آخر فان من حق مالكها (ابن عمها) أن يقتلها إن استطاع إلى ذلك سبيلا. وهذا هو سبب قتل كثيرا من القبائل لبناتها وبخاصة في بلد كالعراق . ويمضي إلى أن هناك حالات يستطيع أن يرى فيها الرجل الفتاة غير ابنة عمه, ويقع في هواها. فإن لم تكن مرتبطة بابن عمها يتبع ذلك مغازلات عادية, وينتهز الفرصة لرؤيتها عند ما تقوم برعاية الإبل والغنم في المرعى أو عند موارد المياه, على نحو لا يختلف عما يفعله شبابنا وفتياتنا, وقد عرفت قصصا كثيرة من هذا النوع من الحب العنيف, حيث يهيم الفتى حبا بفتاته تماما كما يحدث مع الفتية الانجليز العاديين, إن لم يكن أعنف من ذلك . وعند ما يريد الرجل الزواج يذكر بأن عليه أن يدفع قدرا معينا من المال سلفا يعتمد على مكانة العريس, ويصل مهر الفتاة من سبعين روبية إلى خمسمائة ( الروبية وقتها شلن وأربعة بنسات) . مهرُ العروس سبعون روبية وجهازها ثوب وفراش من لحاف قطني أحمر وفي هذه الحال يجب على الرجل أن يقدم لعروسه ثوبا أو اثنين وفراشا تنام عليه يتكون من لحاف قطني أحمر تمده على الأرض , ويعتبر تقديم فراش الزوجية من الزوج المقبل أمراً ضرورياً, وتدعى هدية العروس المالية والملابس وفراش الزوجية بالجهاز وهي عادة منتشرة بين الجميع , وبعد تقديم الجهاز تبدأ مراسيم الزواج, بدعوة المطوع وهو رجل يفهم في أمور الدين لعقد القران , أما بين الشيوخ فان من يعقد القران يكون عالما أو رجلا من رجال الدين , في حين يمكن أن يكون المطوع بين البدو أي شخص يستطيع أن يؤم الصلاة , إذ يوجد في كل مجتمع مهما كان صغيرا رجلا يستطيع أن يقوم بالمراسيم الشرعية للزواج وحتى لو كان الجار الكفيف !! ثم يذكر أن العروس عند ما يحين موعد الزفاف تكون في الغالب قد استرقت نظرة من زوجها المرتقب وأصبحت على الأقل تعرف شكله , وما لم تكن البنت ابنة عمه ونشأت معه فان العريس بشكل عام لا يفترض أن يكون قد رأى زوجته المرتقبة , غير انه إن كان يتمتع بقليل من الذكاء فان لديه وسائل كثيرة لاختلاس نظرة سريعة إلى عروسه وتساعده الفتاة على إشباع فضوله من هذه الناحية . وبعد إتمام مراسم الزواج والحديث هنا عن فترة الثلاثينات والأربعينات الميلادية وبحسب ديكسون يقود الزوج عروسه إلى الخيمة التي يكون قد نصبها خصيصا قريبا من خيمة أبيها , وما أكثر حينها العيون والآذان الفضولية التي تتركز على خيمة العرس في تلك الليلة حتى قال : وكما هو الحال عندنا في أوربا فإن أكثر المهتمين باحتفالات الزواج هن النساء . وعن زواج الإتباع والمملوكين يذكر بأنه لا يختلف عما هو عليه بين الأحرار إذ يقوم سيد المملوك وسيدتها بدور الأب والأم ويظهران من الاهتمام بزواج مملوكتهما ما يظهرانه عند زواج أي بنت من بنات العائلة . يصل بعد ذلك إلى القول بأن العرب والبدو خصوصا مغرمون بالنساء ، ويعد ذلك في نظرهم من أعظم متع الحياة , حيث ينغمس العريس والعروس في فترة شهر العسل بعنف. ويبلغ عنف العاطفة لديهما حدا شديدا جدا, وقد عرفت رجلا كسر ضلعين من أضلاع زوجته في الليلة الأولى من الزواج .