أكد وزير الخارجية الأريتري هيلي ولدتسائي ان "كل المبادرات التي طرحت حتى الآن لمعالجة النزاع الصومالي لم تحقق النجاح المطلوب"، وأن بلاده تؤيد جهود الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد لإيجاد حل للمشكلة الصومالية. ولاحظ أن كثرة المبادرات تشجع الفصائل الصومالية على "اختيار المبادرة التي تستفيد منها كما وضح في المبادرة المصرية التي ركزت على فصيل واحد وتجاهلت الفصائل الأخرى". وتحدث الوزير الأريتري الى "الحياة" في اديس ابابا اول من امس عن العلاقات الأريترية مع أثيوبيا وجيبوتي واليمن والسودان والدول العربية واسرائيل. وأوضح رداً على سؤال عن دور ايغاد في حل المشكلة السودانية ان بلاده "تريد حلاً للمشكلة السودانية، وإذا أرادت الحكومة السودانية التفاوض مع معارضيها فلا مانع لدينا". وعن موقف أريتريا من الجهود الاقليمية والدولية لاحتواء الأزمة الصومالية قال ان "موقف اريتريا واضح وصريح منذ اندلاع الحروب الأهلية في الصومال في العام 1991". وأكد ان مشكلة الصومال "لا يمكن حلها الا بواسطة الصوماليين أنفسهم، وأريتريا رفضت التدخل العسكري للأمم المتحدة وأميركا في العام 1993. وأكدت اريتريا ان المشكلة الصومالية لا يمكن حلها بالقوة الخارجية ولكن بجمع جميع أطراف النزاع على مائدة التفاوض. ونجد ان كل المبادرات التي قدمت حتى الآن لم تحقق النجاح المطلوب وان اريتريا تقف الى جانب منظمة "ايغاد" لايجاد حل للمشكلة الصومالية. نحن نطالب جميع المبادرات أن تشمل جميع أطراف النزاع في الصومال، وكثرة المبادرات تشجع الصوماليين على التمادي، وتوجه كل فصيل نحو مبادرة تحقق له أهدافه وطموحاته والتخلي بسهولة عن المبادرات التي لا يستفيد منها، وكان ذلك واضحاً في المبادرة المصرية التي ركزت على فصيل واحد متجاهلة الفصائل الأخرى والنتيجة كانت مثل المبادرات التي سبقتها". ونفى وزير الخارجية الأريتري صحة أنباء أشارت الى وجود خلافات بين أثيوبيا واريتريا أخيراً خصوصاً بعد اصدار العملة الجديدة في البلدين. وقال ان اريتريا واثيوبيا "دولتان صغيرتان تحتاج كلاهما الأخرى لتطوير اقتصادهما" وأن العلاقات الأريترية - الاثيوبية "ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهدف تحقيق الفائدة القصوى من الموارد الداخلية التي تتمتع بها الدولتان والعمل على تعميق التعاون في مجال الاتصالات وتقوية البنية التحتية للدولتين والتعامل في مجال النوافذ المائية والموانئ. وهذه الروابط الاقتصادية يجب توسيعها لتشمل دول المنطقة خصوصاً دول القرن الافريقي والدول المطلة على البحر الأحمر حتى تساهم كل دولة في تنمية البلاد الأخرى". وأكد ان السياسة الاقتصادية الحرة في أريتريا فتحت آفاق التعاون التجاري والاستثماري لدول الجوار. وفي شأن استخدام الموانئ البحرية قال الوزير ان "أي دولة يحق لها استخدام الميناء الذي تراه مناسباً، فمثلاً ميناء مصوع يقدم خدمات ملاحية ليس لأريتريا فحسب بل للأجزاء الشمالية من اثيوبيا وأجزاء من السودان. وهدف أريتريا أن تقوم مشاريع اقليمية مشتركة تربط الدول المجاورة في مجال استخدام الموانئ". وأكد الوزير أنه "لا توجد خلافات أو توترات بين اريتريا واثيوبيا". وعن العلاقات السودانية - الأريترية قال وزير الخارجية الأريتري: "أريد ان اؤكد ان العلاقات بين الشعبين الأريتري والسوداني علاقات يسودها الود والاحترام، لكن المشكلة تكمن في سياسة الحكومة السودانية التي تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وخصوصاً زعزعة أمن دول الجوار. كما ان مشاكل الحكومة السودانية لا تقتصر على اريتريا فقط بل مع مصر واثيوبيا وأوغندا. والصراع الدائر بين الدولتين صراع استراتيجي لهذا نرفض أي مبادرة مع حكومة الجبهة الاسلامية القومية، ولهذا السبب قطعنا علاقتنا الديبلوماسية مع السودان في العام 1994. لكن الشعب السوداني قدم الغالي والنفيس للشعب الأريتري أثناء فترة كفاحه المسلح ولذلك استضفنا السودانيين وأعطيناهم فرصة الانطلاق من الأراضي الأريترية". وأضاف الوزير انه "لا توجد مواجهات عسكرية بين البلدين لكن حكومة السودان تقوم بتدريب ما يسمى تنظيم الجهاد الاسلامي من مختلف المناطق مثل افغانستان وغيرها لزعزعة أمن أريتريا واستقرارها، ما جعلنا نغلق الحدود والثغور بين البلدين لتفادي عملية تصدير الارهاب من السودان". وتحدث عن دور الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد لحل الأزمة السودانية وقال: "إذا تتبعنا مبادرة ايغاد التي بدأت في العام 1993 نجد أن المعارضة السودانية في تلك الفترة كانت محصورة في الحركة الشعبية لتحرير السودان. وبدأت منظمة ايغاد في تلك الفترة في جمع أطراف المعارضة والحكومة لإيجاد حل سياسي لكن الحكومة السودانية رفضت الجلوس مع المعارضة على طاولة المفاوضات، ولذا كان من الطبيعي ان توحد هذه المعارضة صفوفها وتكون كياناً سياسياً يوحد عملها ويقوي تماسكها، وفعلاً تم تشكيل التجمع الوطني الديموقراطي. وكانت أريتريا أول دولة وقفت مع مبدأ الحوار لاحتواء الأزمة، لكن المشكلة أصبحت أكثر تفاقماً واريتريا تريد أن تجد حلاً للمشكلة السودانية لاخراج الشعب السوداني من محنته وأزمته بأي وسيلة ممكنة، فإذا أرادت الحكومة السودانية التفاوض مع معارضيها فلا مانع لدينا أبداً". وأوضح الوزير ان العلاقات بين أريتريا واليمن ستعود الى ما كانت عليه بعد صدور قرار المحكمة الدولية. وعلاقتنا مع اليمن قديمة وتربطنا بشعب اليمن روابط تاريخية، والمشاكل الحدودية بين دول الجوار هي من مخلفات الاستعمار. وان تصاعد المشكلة الحدودية الى درجة الصدام يعيق العلاقات الأخوية بين دول الجوار مع العلم بأن أي مشكلة حدودية لا يمكن احتواؤها إلا عبر الطرق السلمية. وقد تم تجاوز هذه المرحلة بتسليم قضية الجزر المتنازع عليها الى المحكمة الدولية وأكد الطرفان التزامهما بما سيصدر عن المحكمة الدولية في شأن الجزر المتنازع عليها وتحديد الحدود المائية للدولتين". وزاد: "علاقتنا مع العرب جيدة وتربطنا علاقات تاريخية وثقافية كما أن السياسة الأريترية تجاه الدول العربية واضحة خصوصاً مع الشعب الفلسطيني. نحن نقف مع الشعب الفلسطيني منذ فترة نضالنا ونعمل على تعميق علاقتنا مع الدول العربية، ووجود اسرائيل في هذه المنطقة كدولة قائمة يحتم علينا اقامة علاقات معها، ولكن ذلك لا يعني أن هذه العلاقات قامت على حساب القضية الفلسطينية، وهذه نقطة مهمة يجب أن يتفهمها الجميع. كما أن علاقتنا مع اسرائيل ليست ضد العرب خصوصاً أن دولا عربية كثيرة تتمتع بعلاقات مع اسرائيل منها مصر ودول أخرى في المنطقة. والادعاءات التي تروجها بعض الجهات بأن اسرائيل تدعم اريتريا بالأسلحة وعن وجود معسكرات اسرائيلية في اريتريا اشاعات لا أساس لها من الصحة. كما ان اريتريا دولة مستقلة وحرة سياسياً وتتمتع بسيادة كاملة لتقيم علاقات مع الدول ذات النفوذ السياسي مثل أميركا التي يمكن أن تلعب دوراً ايجابياً أو سلبياً في العالم، ولكن علاقتنا معها ليست على حساب سيادة القرار الأريتري فسياستنا الداخلية والخارجية مستقلة تماماً".