أقرّ مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها ليل امس في القصر الجمهوري برئاسة رئىس الجمهورية الياس الهراوي مشروع قانون الزواج المدني الاختياري بغالبية 21 صوتاً في مقابل معارضة رئيس الحكومة رفيق الحريري والوزراء بهيج طبارة وفؤاد السنيورة وعمر مسقاوي وباسم السبع وبشارة مرهج وامتناع الوزير سليمان فرنجية عن التصويت، وفي غياب الوزيرين وليد جنبلاط وهاغوب دمرجيان الامر الذي رد عليه رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام محمد مهدي شمس الدين بانه باب لمشكلة جديدة، معلنا انه سيكون له موقف موحد مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. وتلازم اقرار مجلس الوزراء لمشروع القانون، باعلان رئيس الجمهورية ترأس الجلسة التي تأخر انعقادها من الخامسة الى السادسة والدقيقة 40 لانشغال رئيس الحكومة باستقبال وزير الخارجية البريطانية روبن كوك، انه سيوجّه كتاباً الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري يطلب فيه الاسراع في تشكيل الهيئة الوطنية التي سيتوكل اليها مهمة اقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ودرسها. واللافت ان التصويت على مشروع الزواج المدني الاختياري، حصل على موافقة غالبية ثلثي اعضاء الحكومة، زائد واحد باعتبار ان رئىس الجمهورية وهو صاحب المشروع لا يصوّت، ما يعني ان الموضوع المطروح قضية "وفاقية ميثاقية" يتطلب حسمها هذا النوع من الغالبية. وتبين ان التوافق المسبق بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي زكى حسمها في وجه معارضة رئيس الحكومة، وقد انعكس التوافق في اقران المشروع بطلب رئىس الجمهورية الاسراع في تشكيل هيئة الغاء الطائفية. وعلمت "الحياة" ان الرئىس الحريري توجه الى الرئىس الهراوي فور الانتهاء من التصويت قائلاً "يا فخامة الرئىس لا يمكن السير فيها لأنها تسبب مشكلة في البلد، وأنا سأطلب معاودة مناقشتها في مجلس الوزراء". فردّ رئيس الجمهورية "في هذه الحال انا لا يمكنني ترؤس الجلسة، ولندع رئيساً آخر بالمواصفات التي حددتها وتحددها في لقاءاتك يترأسها". واعتبر كلام الهراوي رداً على ما اعلنه الحريري في اليومين الاخيرين عن رئىس جديد يكون قريباً من سورية منفتحاً على المسلمين ومقبولاً من المسيحيين، مستبعداً بذلك تمديداً آخر للهراوي. وأدى هذا الحوار الى توتر الجو داخل الجلسة وبدا مشحوناً على ما قال ل "الحياة" عدد من الوزراء وكان سبق انعقاد الجلسة تصاعد الخلافات بين الرؤساء الثلاثة اول من امس على عدد من الامور اهمها معارضة الهراوي وبري فرض ضريبة الواحد في المئة على مجموع الاعمال للشركات، والذي رفضته الهيئات الاقتصادية. وحين علم الحريري بهذه المعارضة اتصل برئيسي الجمهورية والمجلس النيابي مستفسراً معارضتهما، واقترح سحب مجموعة الاقتراحات الاقتصادية - المالية من جدول اعمال الجلسة، ما اثار حفيظة الهراوي الذي اعتبر ان الحريري يرمي من وراء ذلك الى تحميله وبري مسؤولية تأخير اقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام التي تهدف من بين ما تهدف اليه الاقتراحات الاقتصادية - المالية، تمويلها. ورأى الهراوي ان يرد بطرح مشروعه للزواج المدني من خارج جدول الاعمال الرسمي، الامر الذي يعارضه الحريري. وكان رئىس الجمهورية ابلغ الرئىس بري عندما استقبله صباح اول من امس نيته طرح مشروعه لقانون الاحوال الشخصية الجديد الذي ينص على الزواج المدني الاختياري. وعلمت "الحياة" ان الرئىس بري نصح بأن يطرح المشروع في سياق خطة شمولية تنطلق من بدء التطبيق التدريجي للمادة ال95 في الدستور التي تنص على الآتي: على مجلس النواب المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق الغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلة وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم بالاضافة الى رئيسي المجلس النيابي والحكومة شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية، ومهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية". وفهم ان الرئيس بري قصد بأن يدرج مشروع الرئىس الهراوي من ضمن بدء تطبيق المادة ال95 التي لا تعني الإلغاء الفوري للطائفية السياسية بمقدار ما تسمح بالتحضير الذي ربما يحتاج الى سنوات. وحيال انتقال الخلاف على مسألة الزواج المدني الى داخل مجلس الوزراء في ظل التباين القائم بين الرئيسين الهراوي والحريري، بذلت ليلاً محاولة لتأجيل الجلسة بذريعة ان سحب المواضيع الاساسية من جدول الاعمال من اجل مزيد من التشاور افرغ الجلسة من محتواها، اضافة الى ان من غير الجائز جرّ البلد الى اشتباك سياسي جديد على عتبة الاستعداد لاستقبال الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي يصل غداً الى بيروت. إلاّ ان المحاولات لم تنجح بعدما اتسمت التحضيرات لجلسة مجلس الوزراء بطابع التحدي. وفي اول رد فعل على اقرار المشروع قال رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ان اقرار المشروع هو باب على مشكلة جديدة وكنا طلبنا التريث في طرحه وبته في مجلس الوزراء. واضاف شمس الدين الذي تحدث الى "الحياة" انه والشيخ قباني كانا اعدا منذ اكثر من شهر رسالة رسمية الى مجلس الوزراء يطلبان فيها التريث، افساحا في المجال امام دراسة مشروع القانون بعمق. وزاد: يفترض ان يكون رئيس الحكومة تسلم الرسالة وان تكون قدمت الى مجلس الوزراء. ونحن على كل حال نمتنع الآن عن التعليق وسندرس الامور في عمق وروية مع دار الفتوى لبلورة موقف اسلامي واحد.