دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    هوكشتاين من بيروت: ألغام أمام التسوية    أمير تبوك: «البلديات» حققت إنجازاً استثنائياً.. ومشكلة السكن اختفت    فيصل بن فرحان يبحث المستجدات مع بلينكن وبالاكريشنان    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    «الشورى» يُمطر «بنك التنمية» بالمطالبات ويُعدّل نظام مهنة المحاسبة    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة.. الأحد    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    السعودية ترفع حيازتها من سندات الخزانة 1.1 مليار دولار في شهر    التزام سعودي - إيراني بتنفيذ «اتفاق بكين»    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    المملكة تتسلّم علم الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء    دعوة سعودية لتبني نهج متوازن وشامل لمواجهة تحديات «أمن الطاقة»    خيم نازحي غزة تغرق.. ودعوات دولية لزيادة المساعدات    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    المملكة تؤكد خطورة التصريحات الإسرائيلية بشأن الضفة الغربية    يوم الطفل.. تعزيز الوعي وتقديم المبادرات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    تسريع إنشاء الميناء الجاف يحل أزمة تكدس شاحنات ميناء الملك عبدالعزيز    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود الجمعيات الأهلية    العامودي وبخش يستقبلان المعزين في فقيدتهما    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    أمير القصيم يستقبل السفير الأوكراني    سهرة مع سحابة بعيدة    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    «قمة الكويت» وإدارة المصالح الخليجية المشتركة!    العصفور ل«عكاظ»: التحولات نقطة ضعف الأخضر    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    أرامكو توسع مشاريع التكرير    ثقافات العالم    سفارة كازاخستان تكرم الإعلامي نزار العلي بجائزة التميز الإعلامي    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وطن الطموح    كلب ينقذ سائحاً من الموت    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة لشؤون الدفاع بجمهورية نيجيريا الاتحادية    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم "السيد" كما ورد في القرآن الكريم
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 1998

حالات ثلاث وردت في القرآن الكريم تبين معنى "السيد"، وفيها يتأرجح الرجل بين كونه حاكماً لزوجته ورعيته كما في سورة يوسف، أو سيداً عالماً قانتاً صالحاً كما في سورة آل عمران، أو طاغية مستبداً كما في سورة الأحزاب. ومن هذه الأخيرة نبدأ في تحديد مفهوم السيد، وهو يتعلق بالسلطة والحكم لجماعة رضيت بطغيان السادة فأذلوها، وذلك كما يتضح في قوله تعالى "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" الاحزاب: الآية 67.
وبما أن الطاعة لا تكون لمخلوق يدعو إلى المعصية، وكتب الفقه تشرح ذلك، فإن الرفض شيء أساسي حتى لو كان في أدنى المستويات وهو تغيير المنكر بالقلب. وأعتقد بأن مصطلح السادة هنا شامل لا يتحدد بزمان ولا مكان، وربما في عصرنا هذا أكثر وضوحاً، وتكاد صفة الطغيان تلازمنا في حياتنا العامة والخاصة. وهذا يعني أن الآية تخاطب الرجل والمرأة معاً، ناهيك عن أنها تتجاوز حالة كل أمة أو شعب، كما تتجاوز الدنيا لتشمل الآخرة، ذلك لأن الحساب يقوم - حسب ما نفهم من الآية السابقة - على أساس تلك الطاعة العمياء للسادة وكبراء القوم الذين لا يُحاسَبون إلا لماماً. حالة أخرى لمفهوم السيد يعبر عنها القرآن الكريم تخرجنا هذه المرة من دائرة الاستعباد إلى مجرى الحياة الإنسانية ضمن شبكة العلاقات الاجتماعية الواسعة، وضمن إطار الشرع القانوني لتك العلاقات. ليس هذا فقط، بل تحدد لنا - حسب ما أفهم - ما تعارف عليه المجتمع من خلال أنماط ثقافية، وما يريده الله سبحانه كحالة مستقبلية للبشر، تتضح فيها إرادته، خصوصاً حين تكون المواجهة على أشدها بين الحق والباطل. إضافة إلى ذلك، عدم التسليم بما هو واقع، والبحث دائما عن سبل الخروج من مآزق الأمة الإسلامية. وهي حالات جميعها تخرج الإنسان من دائرة الطغيان والجبروت، إلى دائرة قوة السلطة عن جد وقناعة، وهو ما نجده موضحاً في القرآن في قوله تعالى: "فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحضوراً ونبياً من الصالحين" آل عمران: الآية 39.
والآية هنا تبين نموذجا من استجابة الخالق لعبده ونبيه زكريا بعد بلوغه من الكبر عتياً، وفي الوقت نفسه يحضِّره إلى معجزات عاشتها السيدة مريم عليها السلام، وتعيشها معها البشرية قديماً وحديثاً، خصوصاً أن الاستجابة كانت لمناجاته الله وهو يصلي. لذلك صاحبت العبادة الحكمة، لأن هناك من يعتبر ان كلمة "سيد" هنا مقصود بها الحكمة أي حكيماً، إلا أن سيد قطب يرى في تفسيره "أن سيداً تعني الكرم، سيداً كريماً، وحصوراً يحصر نفسه عن الشهوات ويملك زمام نزعاته من الإنفلات، ومؤمنا مصدقاً بكلمة جاءته من الله، ونبياً صالحاً في موكب العالمين". غير أنه يمكن الجمع بينهما، فالحكمة - في نظري - تعتبر كرماً، ثم إنها هي الخير لأن من أوتيها فقد أوتي الخير كله.
من ناحية أخرى فإن كلمة سيد ترمز - على ما أفهم - إلى توجيه أمة بأكملها وإعطائها بعداً حضاريا، وكأن "سيداً" هنا هي هدف نسعى إليه ونور نهتدي به ونموذج علينا الاقتداء به. فالحكيم مَثل اعلى وقوة مؤثرة ودافعة للتغيير، ولذلك كان من مهام الأنبياء الرفع من القيم السامية لدى أفراد المجتمع وبعثهم حضارياً، وإخراجهم الناس من الضلال والتيه الى الهدى والرشاد، بل ومقاومتهم للأمية والجهل، ودعوتهم للعلم، بل والقراءة كما تنص على ذلك أول آية في القرآن الكريم.
النموذج الثالث أو الحالة الثالثة لكلمة سيد جاءت في قوله تعالى "واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم" يوسف: الاية 25، ومن دون الدخول في أسباب التنزيل ولا الفتنة التي واجهت سيدنا يوسف في بيئة عبر عنها بعض المفسرين، ومنهم سيد قطب، بالبيئة الارستقراطية واعتبرها جاهلية قديمة، تشبهها بل وتطابقها الجاهلية الحديثة، فإننا نقف محتارين أمام النص القرآني الذي عبر عن الزوج هنا بكلمة السيد، ألأن الزوج سيد على زوجته حقا؟ أم لأن كلمة السيد خاصة بأهل مصر فقط كما ذهب في ذلك بعض المفسرين؟ أو لأن زوج هذه المرأة المذكورة في القرآن يجمع بين سلطتين: سلطته على زوجته، وسلطته على رعيته؟ ثم لماذا لا يتوجه القرآن مباشرة إلى القول وألفيا زوجها لدى الباب؟ إننا لا نملك إجابة قاطعة عن الاسئلة السابقة، بل أعجز عن القول بوجود تلك الإجابة، لكن تأملي - والذي أدعو الله أن يكون صائباً - يصل بي إلى اعتبار أن الزوج يملك حق السيادة على زوجته لكن ليس بالمعنى العبودي كما يعامل رعيته. وعموماً فإن السيد هنا هو صاحب سلطة على الآخرين، وتحدد هذه السلطة طبقاً للبيئة التي ينتمي إليها، ولا يخرج عن هذا الوضع إلا معنى كلمة سيد الواردة في سورة آل عمران، وهو النموذج الراقي في الطرح الإسلامي والديني عموماً. أما ما عدا ذلك، فهو إما سيد على الآخرين لشهواته ولذاته يتأرجح بين وضعية السادة كما في سورة الأحزاب أثناء موقف يوم القيامة، وبين الوضعية التي عاشها عزيز مصر عندما علم بمحاولة زوجته انتهاك عرضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.