شُلت الدراسة، أمس، في المدارس الرسمية ومعظم المدارس الخاصة في لبنان نتيجة اضراب القطاع التعليمي الذي يضم نحو 64 ألف معلم ابتدائي وتكميلي وثانوي ومهني، احتجاجاً على عدم تلبية الحكومة مطالبهم، ولا سيما منها تسوية قيمة تعويضات نهاية الخدمة على الراتب كاملاً. وجاء الاضراب في وقت يطغى عنوان ايجاد وسائل تمويل لمشاريع اجتماعية وإنمائية وتحسين أوضاع الموظفين عبر اقرار سلسلة الرتب والرواتب، في شكل لا يؤدي أي انفاق جديد الى زيادة العجز في الموازنة. وواصل رئيس الحكومة رفيق الحريري مشاورات كان بدأها أمس تحت هذا العنوان مع كبار المسؤولين والقوى السياسية والنقابية تستمر أياماً عدة. وفي وقت ينتظر ان تخضع أفكار التمويل لتجاذب بين أركان الحكم، علمت "الحياة" ان رئيس الجمهورية الياس الهراوي ينصح بحصر اقتراحات الواردات الجديدة للخزينة بهدف تأمين قيمة سلسلة الرتب والرواتب للموظفين في مقابل الاكتفاء بتخصيص مبلغ 150 بليون ليرة لانماء المناطق المحرومة ومبلغ آخر لاستكمال عودة المهجرين يصرف ضمن خطة مرحلية على القرى لهذه السنة. أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فمع اصراره على اعادة النظر في العقد الذي أبرمته الحكومة مع شركتي الهاتف الخليوي لتأمين مبلغ بليون دولار تدفعانه مسبقاً في مقابل تمديد العقد معهما الى عشرين سنة فإن مصادر الشركتين نفت ان تكون وافقتا على مثل هذا العرض، وأكدت رفضه. ويرفض بري الزيادة على البنزين التي كان الحريري طرحها، مكتفياً بتثبيت سعر الصفيحة على رغم تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، معتبراً ان الفائض يكفي زيادة الواردات المالية. أما الرئيس الحريري فيعتقد "ان الحل لا يكون في الهرب الى الأمام"، لافتاً الى "صعوبة في اقناع شركتي الخليوي بأن تدفعا مسبقاً بليون دولار في مقابل زيادة مدة العقد. وبحث رئيس الحكومة مع "حزب الله" في برمجة المشاريع الانمائية لبعلبك - الهرمل من ضمن مبلغ 100 بليون ليرة، وتطرق البحث الى قروض دولية لتمويل انشاء سد العاصي وسدود ترابية اضافة الى تنفيذ مشاريع انمائية في المنطقة. واكتفى الحريري بالاستماع الى شروح الذين تشاور معهم بغية تشكيل مجموعة من الآراء يشترك الجميع في تحمل مسؤوليتها بدلاً من أن تلقى الأمور على عاتق شخص. وطرح امكان زيادة سعر صفيحة البنزين، معتبراً انه "خيار من الخيارات لتوفير الواردات". وإذ يستمر اضراب المعلمين ليومين، فهو الثاني خلال هذا العام الدراسي. وقد عطل دراسة زهاء 900 ألف تلميذ. ومن المرجح ان يأخذ اشكالاً تصعيدية اخرى خصوصاً في ضوء الجمعيات العمومية التي انعقدت في بيروت والمناطق، وهددت باللجوء الى مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية والاضراب المفتوح. واتهمت الجمعيات العمومية للمعلمين المسؤولين "بالمماطلة في تنفيذ المطالب المرفوعة التي هي خطوط حمر لا يمكن التنازل او التراجع عنها اياً كانت المبررات". وكانت الحكومة احالت على المجلس النيابي مشروعاً خفّض قيمة تعويض نهاية الخدمة من مئة في المئة الى نسبة تتفاوت بين 85 و90 في المئة وهو ما اعتبره المعلمون تراجعاً عن حقوق مكتسبة. وكانت الحكومة لجأت الى هذا الخفض تلافياً لتطبيق نسبة مئة في المئة على تعويض نهاية الخدمة على كل موظفي القطاع العام لأنه يشكل عبئاً على الخزينة" علماً بأن تعويضات المعلمين تدفع من صندوق خاص بهم ولا تؤثر في الخزينة، كما يقول مكتب المعلمين. وفيما تعقد رئيسة لجنة التربية النيابية بهية الحريري مؤتمراً صحافياً غداً لشرح الاتصالات التي اجريت مع المعلمين بعدما فشلت وساطتها في الساعات الاخيرة في تجنب الاضراب، فإن اصواتاً نيابية عدة ارتفعت مؤيدة تحرك الجسم التعليمي وحمّلت الحكومة مسؤولية تحمل اعباء تحقيق المطالب. وابرز هذه الاصوات النائب محمد عبدالحميد بيضون حركة "أمل" الذي طالب الحكومة "بالرحيل في حال فشلها في ايجاد الموارد اللازمة لتغطية سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام"، وطالب الموظفين والنقابيين "بسلوك الطريق الذي يسلكه المعلمون للحصول على مطالبهم "لأن الحكومة لا تفهم الا بالضغط" قائلاً ان "اضراب المعلمين يشكل هزة عميقة لإيقاظ الحكومة من نومها". على صعيد آخر أجرى الرئيس بري محادثات ظهر أمس مع الرائد الدكتور بشار الأسد تناولت تطورات الوضع في المنطقة في ضوء ما آلت اليه الاحداث الأخيرة. واستكمل البحث الى مائدة غداء حضرها رئيس فرع جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان واللواء عزت زيدان.