بعد قيام الثورة المصرية بخمس سنوات اي سنة 1957 قدم المخرج عزالدين ذو الفقار رواية يوسف السباعي "رد قلبي" في فيلم سينمائي اشترك في بطولته مريم فخرالدين وشكري سرحان وحسين رياض وصلاح ذو الفقار واحمد مظهر وزهرة العلا، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً على الصعيدين الفني والجماهيري، وتناول تاريخ مصر ايام الملكية والتفرقة بين اولاد "الاكابر والباشاوات" والفقراء، واستغلال خيرات شعب وتسخير افراده لخدمة فئات بعينها حتى تم تشكيل مجلس قيادة الثورة الذي اطاح بالملك فاروق من على عرشه. وبعد مرور 40 عاماً على انتاج الفيلم شرع المخرج احمد توفيق والسيناريست مصطفى محرم في تحويل رواية "رد قلبي" الى مسلسل تلفزيوني يقوم ببطولته مجموعة من الشباب منصهرين في بوتقة واحدة مع الكبار، وعندما شرع المخرج في تصوير المسلسل تعرضت أقلام النقاد للمخرج والسيناريست بالنقد اللاذع في محاولة لدفعهما الى اعادة التفكير في الخطوة التي يقدمان عليها، خصوصاً ان ذلك تواكب مع فشل تحويل فيلمي "اهل القمة" و"في بيتنا رجل" الى مسلسلين تليفزيونيين، وذكرت ان الإقدام على مثل هذه الخطوة خطورة بالغة وتجربة محكوم عليها بالفشل، وإن عبرت فانها تعبر عن افلاس الكتّاب مما جعلهم ينقبون ويبحثون في الدفاتر القديمة ليختاروا الاعمال الناجحة، مستغلين ذلك النجاح في تحقيق جماهيرية لهم، وزادوا أن مثل هذه المحاولات جريمة في حق التاريخ الفني. لكن أقلام النقاد لم توقف مسيرة محرم وتوفيق، وبدأ تصوير المسلسل مع الابطال الجدد: نيرمين الفقي مريم فخرالدين محمد رياض شكري سرحان حسن حسني حسين رياض احمد السقا صلاح ذو الفقار رامز جلال احمد مظهر ووائل نور وهدى سلطان واحمد خليل. واستغرب السيناريست مصطفى محرم الاقلام التي تصدر حكمها بفشل عمل قبل رؤيته، وأكد انه لا يعيد تقديم الفيلم، وإنما يقدم أحداث الرواية الاصلية ليوسف السباعي التي لم يقدم الفيلم سوى اجزاء بسيطة منها في ساعتين، بينما تستوعب الاحداث مسلسلاً طويلاً، وقال انه في المسلسل اكثر من 30 شخصية مؤثرة لم يرد ذكرها في احداث الفيلم السينمائي، وطالب بأن يؤجل الجميع حكمهم الى ان يشاهدوا المسلسل. لم تكن كلمات محرم كافية لايقاف سيل الهجوم الكاسح ضد المسلسل، فأثناء التصوير دارت المناقشات لعقد مقارنة بين الفيلم والمسلسل وصلت الى حد المقارنة بين طاقم التمثيل، خصوصاً الممثلة الشابة نيرمين الفقي التي تجسد شخصية "إنجي" الشهيرة التي تعتبر علامة مميزة بين الشخصيات التي جسدتها الممثلة مريم فخرالدين على الشاشة، ولم تقف المقارنة عند حد الأداء فقط، بل وصلت الى المواصفات الشكلية ومقاييس الجمال حيث ان الاميرة إنجي كما وصفها الاديب يوسف السباعي في روايته، بالغة الجمال والانوثة وهو ما توافر في مريم فخرالدين إبان شبابها، ولكن تلك المواصفات لا تتوفر في نيرمين الفقي. وفي هذا الصدد عارضت مريم فخرالدين بشدة فكرة إعادة تقديم الرواية وقالت ان المسلسل سيفشل، واضافت ان الممثلة التي تجسد شخصية إنجي، حكمت على نفسها بالفشل ووضعت نفسها في مقارنة ظالمة، نتيجتها المؤكدة في غير صالحها، واكدت انه لا توجد في الفترة الجارية ممثلة تستطيع ان تجسد شخصية إنجي سواء من حيث الجمال أو القدرة على الاداء التمثيلي، وقارنت فخرالدين بين مبادئ وقيم الوسط الفني في فترة شبابها، وسيطرة المادة واللااخلاقيات على ابناء الوسط الجدد. ويأتي عرض مسلسل "رد قلبي" في رمضان ليضع حداً للهجوم الذي تعرض له، إما بالتصديق على تخوف النقاد ورفض مريم فخرالدين، وإما بإنصاف المخرج والممثلين والسينارسيت وإثبات نجاحهم في تقديم عمل جيد مختلف عن الفيلم السينمائي.