رفض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تأجيل إعلان الدولة الفلسطينية الى ما بعد الرابع من آيار مايو المقبل، فيما وصف الرئيس حسني مبارك زيارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى اراضي السلطة واسرائيل بأنها تاريخية، وكرر معارضته الإفراج عن الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام. وكان الرئيس مبارك التقى أمس عرفات في مقر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة وعقدا جلستي محادثات الاولى منفردة اقتصرت عليهما والثانية موسعة بمشاركة الوفدين بحثتا في نتائج زيارة الرئيس كلينتون واللقاء الثلاثي الذي رعاه كلينتون عند معبر ايريز بمشاركة عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وتدارس مبارك وعرفات خطوات التحرك المقبلة على صعيد المسار الفلسطيني بعد إعلان نتانياهو عدم التزامه بتنفيذ المرحلة الثانية لاعادة الانتشار في مواعيدها المقررة. وألمح الرئيس المصري، في مؤتمر صحافي مشترك وعرفات، الى وجود اتجاه لتفعيل المبادرات الاخرى - في إشارة إلى مبادرة مصر وفرنسا الداعية لعقد مؤتمر دولي لإنقاذ السلام - في حال دخول عملية السلام الى طريق مسدود. وشارك في جلسة المحادثات الموسعة من الجانب المصري رئيس الحكومة الدكتور كمال الجنزوري ورئيس الديوان الدكتور زكريا عزمي والمستشار السياسي الدكتور اسامة الباز ومن الفلسطينيين وزيرا التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث والحكم المحلي الدكتور صائب عريقات والناطق الرسمي نبيل أبو ردينة والسفير لدى مصر زهدي القدرة. واستهل مبارك المؤتمر الصحافي بتوجيه التحية للرئيس الاميركي لزيارته التاريخية التي قام بها للاراضي الفلسطينية وعلى الخطاب المتوازن والمشجع والجهود التي بذلها للتوصل الى اتفاق "واي ريفر"، واعرب عن ثقته ان الاتفاق سيتم تنفيذه سواء رضي الآخرون أم رفضوا. ورفض الانتقادات الاسرائيلية لمصر بأنها تعوق عملية السلام، وقال: "مصر طرف في عملية السلام والاستقرار في المنطقة ولا تعوق السلام وتساعد في التوصل الى حل للمشاكل ودفع عملية السلام بين الطرفين". وفي سؤال عن تقويمه والرئيس عرفات لزيارة الرئيس كلينتون، قال مبارك: "انني اعتبر زيارة الرئيس كلينتون تاريخية حققت أهدافها ولها معانيها الكثيرة". وقال ان حديث كلينتون في اسرائيل، كان "طيباً جداً" وخطابه "جاء متوازناً ومشجعاً كشف عن اصرار واشنطن على تنفيذ اتفاق واي ريفر". وتابع: "انني على ثقة أن هذا الاتفاق سوف ينفذ سواء رضي طرف أو لم يرض، ولا مفر من ذلك اذا كنا نريد سلاماً واستقراراً في المنطقة، وأكرر التحية للرئيس كلينتون على المجهود وعلى زيارته الى المنطقة". وعما اذا كان ذلك يعني ان زيارة كلينتون لاسرائيل وفلسطين لم تفشل، قال: "من يدقق في كلمات كلينتون خلال الزيارة يستطيع ان يفهم قيمة هذه الزيارة، والخطاب الذي ألقاه. وبالنسبة الى وصف الفشل فهو مجرد حكم سريع اطلقه بعض الصحف ... وأؤكد ان للزيارة معاني كثيرة ستسهم بشكل أو بآخر في السير في عملية تنفيذ الاتفاق". وسُئل عرفات عما اذا كان الفلسطينيون سيؤجلون إعلان قيام الدولة الفلسطينية طبقاً لآخر طلبات بنيامين نتانياهو، فأجاب قائلاً: "لدينا اتفاق واضح، وأعلنت بوضوح في خطابي أمام الرئيس الاميركي ان اتفاق اوسلو الذي تم التوقيع عليه في البيت البيض الأميركي ينص على مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات تنتهي في الرابع من ايار مايو وبعدها يصبح من حق الفلسطينيين إعلان دولتهم المستقلة". وعن إمكان طرح مبادرات أخرى لدعم المبادرة، قال مبارك: "المبادرات الأخرى التي تتحدثون عنها قائمة، عندما نصل الى طريق مسدود، وزيارة كلينتون والجو المحيط بها والجهد المبذول من الجانب الاميركي الراعي الرئيسي لعملية السلام يجب مساعدته، وعدم التأثير عليه ولا مفر من تنفيذ الاتفاقات التي تم الاتفاق عليها". وعقب عرفات قائلاً: "الرئيس كلينتون أعطى تعليمات واضحة لوزيرة خارجيته مادلين أولبرايت بالعودة مرة أخرى للمنطقة ومتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه". وعن مطالبة رئيس وزراء اسرائيل بتغيير خرائط الدول المجاورة ووضع اسرائيل بدلاً من فلسطين، دعا مبارك نتانياهو الى تغيير الخرائط التي عنده، وقال: "إننا لا نأخذ أوامر من أحد". وبالنسبة الى الاتهامات الموجهة لمصر بأنها تعوق علميةالسلام، قال: "هذه دعاية يرددها بعض الأطراف في اسرائيل ولو كنا نعوق عملية السلام ما كان يمكن ان تسير ... اننا طرف مساعد لعملية السلام وما يهمنا هو السلام والاستقرار في المنطقة. في إحدى المرات قالوا أنهم توصلوا مع الفلسطينيين الى اتفاق وان مصر افسدته. هذه دعايات يقومون بها مع بعض الجهات في أميركا للاساءة للعلاقات المصرية - الاميركية. ان مصر لا تعوق السلام فهي التي بدأته ولولا اتفاقية السلام المصرية ما كان يمكن لأي دولة في المنطقة ان تدخل وتتفاوض مع اسرائيل ولا بد ان يفهموا ذلك جيداً". وتابع قائلاً ان مصر "تساند إعادة الحقوق لاصحابها حتى يستتب الأمن، ويكون هناك تعاون في المنطقة. من دون ذلك من الصعب جداً اقناع الشعوب ... لا يوجد رئيس دولة يمكنه ان يسبح ضد تيار ارادة شعبه، والرأي العام في مصر يحكم قراراتنا". وعن رد فعل مصر لعدم زيارة الرئيس كلينتون لمصر لها خلال وجوده في المنطقة، وكذا زيارة مادلين اولبرايت للاردن وعدم مجيئها الى مصر، قال مبارك "ذلك لا يعد مشكلة لأن الزيارة كانت مخططة من أجل الفلسطينيين ونحن في غاية السعادة لقيام الرئيس الاميركي بزيارة غزة وبيت لحم في فلسطين، واعتقد أنه لم يكن لدى الرئيس كلينتون وقت لزيارة مصر لأن لديه مشاغل اخرى في الولاياتالمتحدة ولو كان لديه متسع من الوقت ما كان تردد في زيارة مصر". وعن الاحتمالات في المستقبل في ضوء هذه الزيارة، قال: "الشعب الاسرائيلي يريد السلام مثله مثل الشعب المصري، وكل الشعوب العربية. إننا جميعاً نريد السلام حتى يكون هناك تعاون في المنطقة، والتعاون سيكون على أحسن ما يكون عندما تستقر الأوضاع ويحدث السلام والتوازن في المنطقة". وبالنسبة الى إثارة موضوع الجاسوس عزام عزام خلال زيارة الرئيس كلينتون لاسرائيل، قال: "موقفنا واضح، وهم يثيرون القضية في كل مناسبة فخلال مفاوضات واي ريفر طالبوا بتسليم عزام. مصر لديها قضاء ومحاكم، ولم أصدر، منذ أن توليت، قراراً بالإفراج عن شخص لأن ذلك يستلزم الافراج عن القضايا المماثلة". وتساءل: "لماذا أفعل ذلك"؟ وقال: "عزام ليس على رأسه ريشه والقضاء أصدر حكمه وعلينا احترامه". وتابع: "لم أصدر، ولا الرئيس الراحل أنور السادات، قراراً بالإفراج عن شخص بعينه"، ولفت الى أن الاستثناء هو المرض وتحدده لجنة طبية وحدث ذلك مع سجين بريطاني تم تسليمه الى السلطات البريطانية، "ولو كان المسجون الذي تسأل عنه اسرائيل مريضاً بمرض خطير وقررت اللجنة الطبية ذلك فلن نعترض عن الإفراج عنه لغير هذا السبب".