بدا واضحاً امس ان السلطة الفلسطينية اطلقت حملة قوية لتطبيق الاتفاق الامني مع اسرائيل، اذ اعتقلت اجهزة الامن الفلسطينية في الوقت نفسه كلاً من رئيس رابطة علماء فلسطين، خطيب المسجد الاقصى الشيخ حامد البيتاوي في منزله في نابلس ليل السبت - الاحد، والمسؤول في حركة "الجهاد الاسلامي" نافذ عزام في منزله في غزة. وتردد ان انتقاد اتفاق واي بلانتيشن وراء هذه الاعتقالات. واقتحمت الاستخبارات العسكرية مكاتب حركة "فتح" في مدينة رام الله في الضفة الغربية ليل السبت - الاحد في محاولة لجمع الاسلحة غير المرخصة، ما أدى في اليوم التالي الى مواجهات مع عناصر الحركة أسفرت عن اصابة اربعة اشخاص بجروح اصابة احدهم خطرة، واعتقلت الشرطة تسعة شبان من الحركة. في غضون ذلك، دافع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لدى وصوله الى تل ابيب امس عن الاتفاق، مشيراً الى ان الوفد المفاوض "جلب اتفاق امن وسلام لدولة اسرائيل"، و"قلّص حجم توقعات الفلسطينيين وطموحاتهم" في شأن حجم الانسحابات. واستخلصت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت في تصريحات امس، من الاتفاق دعوة الى الدول العربية لاستئناف التطبيع مع اسرائيل، فيما حذّر مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي من ان الوضع "لا يزال خطيراً … لكننا الآن أفضل مما كنا عليه قبل تسعة ايام". وشهدت الاراضي الفلسطينية توتراً أمنياً بعد المواجهات التي وقعت بين عناصر من "فتح" الفصيل الفلسطيني الرئيسي وبين الاستخبارات العسكرية الفلسطينية في رام الله. وكان شبان من الحركة تظاهروا امس احتجاجا على اقتحام مكاتب الحركة. وبدأت التظاهرة بشكل سلمي الى ان وصلت الى مقر المحافظة، وفيما شرع المتظاهرون بمغادرة المنطقة أطلق الرصاص بصورة مكثفة باتجاههم بعد ان هتف بعضهم ضد مسؤول الجهاز العسكري في المدينة العميد موسى عرفات ووصفه بپ"الخائن". وبالنسبة الى اعتقال الشيخ البيتاوي، قال شقيقه حاتم ان الاعتقال يأتي في اعقاب تصريحات اعتبر فيها ان الاتفاق يتناقض مع الشريعة الاسلامية. اما بالنسبة الى الشيخ عزام، فقال مصدر آخر ان السبب وراء اعتقاله هو التظاهرة التي نظمت في ذكرى مقتل زعيم الحركة فتحي الشقاقي. وفي اسرائيل، برز امس توجه لتقديم موعد الانتخابات الاشتراعية. واعلن الحزب الوطني الديني مفدال، بعد اجتماع طارئ عقده امس للبحث في موقفه من الاتفاق، اصراره على اطاحة نتانياهو واجراء انتخابات مبكرة. وتزامن ذلك مع اعلان رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست الاسرائيلي البرلمان حنان بورات ان اللجنة ستناقش اليوم مشروع قانون تقديم الانتخابات الذي مرر بالقراءة الاولى قبل فترة. ومن جانبه، دافع نتانياهو عن الاتفاق الذي وقعه مع الفلسطينيين، وقال في مؤتمر صحافي لدى وصوله الى مطار تل أبيب امس ان الاتفاق مبني على مبدأين: "الامن والتبادلية اللذان سيضمنان الامن لدولة اسرائيل". واضاف متوجهاً الى المستوطنين ان الحكومة الحالية هي "القادرة على ضمان الامن والسلام للدولة العبرية ولن نفرط بأمنهم"، مشدداً على ان المستوطنات في الضفة ستبقى تحت السيطرة الكاملة لاسرائيل. واضاف ان "زمن العطاء من دون مقابل ولى" و"انهم الفلسطينيون سيعطون وعندئذ فقط سنعطي نحن"، مشيراً الى ان "على الفلسطينيين ان ينفذوا كل التزاماتهم في كل مرحلة وبعدها فقط سيأخذون منا" انسحاباً. اولبرايت وبيرغر ودعت اولبرايت الدول العربية الى استئناف جهود التطبيع مع اسرائيل بعد التوقيع على اتفاق "واي ريفر" بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو يوم الجمعة الماضي. واعربت اولبرايت في مقابلة تلفزيونية امس الاحد مع شبكة "سي. بي. اس" عن أملها بأن تعي الدول العربية الآن "ان ما حصل ليس جيداً لاسرائيل فقط بل للشعب الفلسطيني". وان الاتفاق يظهر ان اسرائيل والسلطة الفلسطينية تعملان معاً و"على الدول العربية ان تدعم ذلك"، وسمّت اولبرايت مصر وقالت "اعتقد ان من المهم خصوصاً ان تعترف مصر بما حصل"، مشيرة الى محادثاتها الاخيرة مع الرئيس حسني مبارك ووزير الخارجية السيد عمرو موسى "حول اهمية دعمهما لعملية السلام". ولاحظت اولبرايت ان عمليات التطبيع بين الدول العربية واسرائيل، خصوصاً النشاطات الاقتصادية، كانت توقفت خلال الاشهر ال 18 الماضية. وامتنعت الوزيرة الاميركية عن اعطاء موقف الادارة بالنسبة الى الدولة الفلسطينية او الى قضية القدس. وقالت انهما مسألتان "متروكتان" لمفاوضات الوضع النهائي التي ستبدأ بعد ثمانية ايام. غضب كلينتون من نتانياهو ومن جهة اخرى اكد مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي صموئيل بيرغر ان كلينتون انسحب من جلسة مفاوضات ضمته والرئيس عرفات ونتانياهو في آخر يومين قبل التوصل الى اتفاق، بعدما شعر بأن هناك "من خرج عن حدود اللياقة، واعرب عن فقدانه الصبر بطريقة واضحة". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت في عددها الصادر امس ان ليلة المفاوضات الطويلة بين الخميس والجمعة الماضيين بدأت بأزمة كبيرة، كانت الثانية من نوعها خلال الايام التسعة من المفاوضات. وقالت الصحيفة ان ذلك حصل عندما غضب الرئيس كلينتون من الطريقة التي عامل بها نتانياهو عرفات، فرمى الاوراق التي كانت بين يديه وغادر القاعة غاضباً وهو يقول: "انه لأمر يدعو الى الازدراء". وتابعت الصحيفة ان نتانياهو تراجع واستؤنفت المفاوضات في وقت لاحق. وسئل بيرغر في مقابلة امس مع شبكة "اي. بي. سي" ما اذا كان الرئيس كلينتون استعمل تعبير الازدراء فأجاب: "لا أعرف تماماً الكلمة التي استعملها. وقد يكون استعملها…". لكنه اشار الى ان المهم النتائج "والنتيجة هي ان عملية السلام عادت الى مسارها. ولكن الطريق امامنا طويل ولا يزال الوضع خطيراً. وستحصل نكسات. وسيكون من الصعب تنفيذ الاتفاق لكننا الآن افضل مما كنّا عليه قبل تسعة ايام".