في مقابل "الرجل الذي يحب النساء"، وكل منا يحبهن، هناك بيل كلينتون، او "الرجل الذي أحبته النساء"، وكل منا يتمنى ذلك، ويحسد الرئيس الأميركي. النساء أكبر مجموعة انتخابية في الولاياتالمتحدة وهنّ مكّن الرئيس من تحقيق نصر تاريخي في الانتخابات النصفية قبل أيام، فللمرة الأولى منذ سنة 1934 فاز رئيس اميركي بانتخابات في منتصف ولايته. وأسرع بإيضاح فالرئيس لم "يفز" بالانتخابات، لأن الجمهوريين بقوا الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ وبين حكام الولايات، الا انه لم يخسر، فكان هذا فوزاً له، ورئيس الغالبية الجمهورية في مجلس النواب نيوت غينغريتش، ظل حتى عشية الاقتراع يصرّ على ان حزبه سينتزع ما بين 10 مقاعد من الديموقراطيين و30 مقعداً، فكانت النتيجة ان الديموقراطيين كسبوا خمسة مقاعد على حساب الجمهوريين، وخسر غينغريتش زعامة الجمهوريين نتيجة لأخطائه. وبذلك يكون بيل كلينتون نجا نهائياً من العزل بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي، حتى وان اصرّ مجلسا الكونغرس بالغالبية الجمهورية فيهما، على المضي في التحقيق، فمجلس النواب يحتاج الى غالبية بسيطة موجودة عند الجمهوريين لتحويل مشروع العزل الى مجلس الشيوخ، غير ان هذا يحتاج الى موافقة ثلثي الاعضاء لعزل الرئيس، وهذه مستحيلة مع احتفاظ الديموقراطيين بمقاعدهم الخمسة والأربعين مقابل 55 مقعداً للجمهوريين. ولا سبب هناك لتصور ان يصوّت 11 عضواً ديموقراطياً مع الجمهوريين للوصول الى نسبة الثلثين المطلوبة. الواقع ان هذه النسبة، أو 66 في المئة، هي ما يتمتع به الرئيس من تأييد بين نساء اميركا مع 90 في المئة بين السود. وهن أيدنه على الرغم من كل فضائحه، وعندما جرى استفتاء بعد ان اعترف الرئيس بعلاقة بلوينسكي واعتذر، تبين ان 43 في المئة من الرجال اقتنعوا بكلامه مقابل 66 في المئة بين النساء. لو سألت بيل كلينتون: هل تحب السمراء او الشقراء، القصيرة او الطويلة، النحيلة او السمينة؟ لقال: نعم. فهو يحب كل النساء، وهن يبادلنه هذا الحب. وفي حين زعمت 19 امرأة انهن اقمن علاقات جنسية مع بيل كلينتون، مدعياً عاماً او حاكماً او رئيساً، او ان الرجل تحرش بهن، فان هؤلاء يمكن ان يجمعن في نوع تمثله جنيفر فلاورز وبولا جونز، اي المرأة ذات الشعر الكث المنفوش والاصباغ والألوان. ومن هذا النوع والدة كلينتون فرجينيا كيلي، فقد كانت ممرضة تنام بزينة كاملة من الاصباغ، خشية ان توقظ فجأة للعناية بمريض. فرجينيا تزوجت وليام جفرسون بلايتْ، والد بيل، وهي طالبة فقتل في حادث سيارة. ويبدو انها لم تكن تعرفه، فقد كان متزوجاً ثلاث مرات، ولم يطلّق زوجته الاخيرة عندما تزوج فرجينيا، ما يجعل بيل كلينتون ابناً غير شرعي. على كل حال، فرجينيا تزوجت بعد ذلك روجر كلينتون، وهو بائع سيارات سكير بقيت معه 12 سنة، وأخذ بيل اسم اسرته منه. وهي طلقته وعادت اليه، ثم طلقته من جديد وتزوجت روجر كيلي، وهو مزين شعر كانت تتردد عليه. في مقابل النساء مثل والدة بيل كلينتون، وجنيفر فلاورز وبولا جونز، أحبت كلينتون نساء عاليات الثقافة، واسعات القدرة، ناجحات في العمل، من نوع زوجته هيلاري، المحامية خريجة جامعة يال الراقية التي صدمت أمه بها عندما اختارها بيل زوجة، فقد كانت تريد له زوجة على مثالها. من هؤلاء النساء أيضاً بيتسي رايت، التي رعت جهوده الانتخابية في اركنسو بعد ان خسر حملة اعادة انتخابه حاكماً سنة 1981، ويقال انها كانت تسيّر "دورية ساقطات" لإبعاد امثال مونيكا لوينسكي عنه. وأيضاً بيتي كاري، سكرتيرته في البيت الأبيض، التي دافعت عنه بثبات وخبأت هدايا مونيكا لوينسكي تحت سريرها. وربما كان القارئ لاحظ ان أول بيان صدر داخل الادارة دفاعاً عن الرئيس بعد انفجار فضيحة مونيكا لوينسكي كان من وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت، وتبعتها وزيرة الصحة دونا شلالا، اللبنانية الأصل. وطبعاً، فالمرأة الوحيدة التي كانت تستطيع تدمير رئاسة بيل كلينتون هي هيلاري كلينتون، ودفاعها عن زوجها مشهور. قرأت ان معرفة بيل كلينتون بهيلاري بدأت عندما ركّز عليها نظراته في حفلة، وأخذ "يدبّل" عيونه. وأخيراً اقتربت هي منه وقالت: اذا كنت ستنظر اليّ بهذا الشكل فعلى الأقل يجب ان تعرف اسمي. وقالت جنيفر فلاورز في كتابها "العاطفة والخيانة" عن علاقتهما ان بيل كلينتون كان يستطيع تذويب اي امرأة بنظراته، وهو ما فعل بها، فاستمرت علاقتهما سنوات قبل الزواج وبعده. ربما كان هذا ما فعل بيل كلينتون مع الناخبات الاميركيات كلهن، فهن اعجبن بنظراته، وبشكله العام، وبشبابه النسبي، ففضلنه من دون تجربة او خبرة على رئيس قدير هو جورج بوش الذي خرج منتصراً من حرب الخليج، وأنسى الاميركيين هزيمة فيتنام. النساء لا زلن يؤيدن كلينتون بنسبة تتأرجح عند حدود الثلثين، وما دامت هذه النسبة الى جانبه، فمجلس الشيوخ لن يجد النسبة المماثلة المطلوبة لعزله. غير ان الرئيس قادر على ان يقع مرة اخرى، وهناك قصة مشهورة عنه عندما ألقى خطاباً بعد فوزه الأول في جامعة جورجتاون التي تخرّج منها، فقد اعجب بشابة بين الحاضرين، وأرسل اليها كلمة حملت رقم هاتفه مع احد مساعديه. الا انه تبين ان الشابة هي ابنة رون براون، وزير المواصلات في حينه، الذي توفي بعد ذلك في حادث طائرة. ولماذا يتوب بيل كلينتون والنساء يغفرن ذنوبه ويزددن حباً له؟