ثمة علاقة مميزة تتجه الى التكامل بين المطربة اللبنانية ماجدة الرومي وأوركسترا القاهرة السمفونية التابعة لدار الأوبرا. علاقة لم تأت مصادفة، بل هي وليدة المنطق والواقع. قبل عامين، دعيت ماجدة الى المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية وصاحبتها الأوكسترا السمفونية بقيادة الدكتور مصطفى ناجي... "فكانت نقطة تحول في مسيرتي الفنية" كما قالت ل"الحياة"، وكما أعلنت أخيراً في مسرح "شاتو تريانو" في بيروت خلال تقديمهما معاً حفلة خاصة ضمنتها باقة من قديمها والجديد. واستمرت العلاقة مذذاك حفلات عدة في دار الأوبرا، آخرها قبل أسبوعين دعيت اليها "الحياة"، وعلى مسرح أقيم خصيصاً في مقر القوات الجوية المصرية في حضور الرئيس حسني مبارك وكبار المسؤولين المصريين، وستستمر، وأحدث اطلالة مشتركة سيستضيفها مسرح "فوروم دي بيروت"، بعد يومين، لمناسبة يوم استقلال لبنان. فصوت ماجدة الأوبرالي المتفجر قوة، المفعم حناناً، الضارب عمقاً، والمحلِّق آماداً، جعل مرة شاعراً يقول فيها وفيه "هي وهج الصوت حين الصوت نار". وهو، في اختماره بالنضج بعد أربعة وعشرين عاماً في عالم الغناء والفن الراقيين، كانت تنقصه فرقة موسيقية توافق أبعاده وتجاريها، وتقربه أكثر من عالمية، ليست ماجدة ببعيدة عنها، هي التي استضافتها مسارح عالمية كبرى، وأطلقت عليها صحف عالمية لقب "صاحبة الصوت الكريستال"، وذكَّرت صحفاً فرنسية بإديت بياف. والأوركسترا السمفونية المصرية الحديثة النشأة، والمفتوحة أمامها بإمكانات معتبرة مجالات محاكاة الفن العالمي، والقادرة على مصاحبة أبرز المغنين الكلاسيكيين أو عزف أصعب المقطوعات العالمية، والجامعة عازفين مصريين وروس وأوكرانيين بارعين، فرقة طموحة، وتحاول بقيادة الدكتور ناجي ألا تكون لجمهور نخبة فحسب... إذ من قال إنها النخبة وحدها، دون عامة الشعب، تحب الفن الراقي؟ فكيف إذا اختارت لميدانها الواسع فارسة بارعة كماجدة الرومي؟ ثم أن "ريبرتوار" ماجدة من اسطوانة "كلمات"، الى جديدها "أحبك وبعد"، مروراً ب"إبحث عني" و"رسائل" وأغاني والدها الراحل حليم الرومي الميلوديَّة بامتياز غني الى درجة تغري فرقة سمفونية بأن تعزفه، بعدما أعاد المؤلف الموسيقي المصري الدكتور جمال سلامة كتابة معظمه سمفونياً. وعندما تستمع اليها تغني بمصاحبة الأوركسترا السمفونية، تحسها في حال تأمل وسعادة ونشوة لم تعهدها فيها من قبل، تغني وكأنها لا تغني وتذرع المسرح فرحاً وبهجة، ويعانق صوتها كل هتاف وإعجاب ، في اتحاد يكاد يبلغ حد التماهي. مرة، ليس من زمن، نقل مسؤول مصري كبير الى الدكتور ناجي عتباً من مطربين ومغنين عرب ومصريين، لمصاحبة أوركستراه ماجدة وحدها دونهم. فأجابه من دون إحراج أنها وحدها، دونهم، حتى الآن، مؤهلة لإطلالة كهذه..