قالت دراسة أجراها "معهد واشنطن" ان قرار تركيا رفع العلاقات مع العراق الى مستوى السفراء يبرز المعارضة الاقليمية الواسعة النطاق للاتفاق الذي وقعه زعيما الحزبين العراقيين الكرديين الرئيسيين في واشنطن في وقت سابق من الشهر الجاري. وأشارت الدراسة الى ان الاتفاق يهدف الى تجنب مزيد من القتال بين الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني و"منع عودة صدام الى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد". ثم رأت ان من المشكوك فيه ما اذا كان الاتفاق سيساعد هذه الأهداف أو يقوضها. وقالت الدراسة ان وزيرة الخارجية الاميركية استخدمت لهجة مشددة بتأكيدها دعم الولاياتالمتحدة لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 688 وتعهدت بعدم التسامح تجاه أي "جرائم عراقية مثل شن هجمات بالأسلحة الكيماوية على الأكراد كالتي حدثت في أوائل الثمانينات والحرب بالأسلحة التقليدية ضدهم في 1991. واضافت ان أولبرايت صرحت بأن واشنطن قد تتدخل إذا شكل صدام "تهديداً" للشعب العراقي "بمن في ذلك سكان الشمال". ووفقاً لمسؤولين أكراد كبار شاركوا في الاجتماعات، ان اولبرايت قالت للزعماء الأكراد ان الولاياتالمتحدة "ستحميكم كما نحمي الكويت"، شرط ان يتمسك الزعماء الأكراد بالإتفاق الجديد، ويبقوا قوات صدام خارج المناطق التي يسيطر عليها الأكراد حالياً وألا يستفزوا صدام لمجرد دعوة واشنطن الى الانتقام. ثم يقول التقرير: "إذا كان هذا التقرير صحيحاً، فإن ما قالته أولبرايت من شأنه ان يعكس ما قاله مساعد وزير الخارجية روبرت بيلليترو في شهادته أمام الكونغرس في 1996 من ان حماية الجيب الكردي ليست سياسة هذه الادارة". وعن "الفوائد المحتملة" للاتفاق تقول الدراسة انه "إذا طبق" فسيعزز سياسة الولاياتالمتحدة تجاه العراق عن طريق رعاية الوحدة الكردية ضد صدام، وان التعاون بين الاكراد قد يوجد أيضاً أحوال سلام واستقرار في المنطقة، مما قد يمهد، بدوره، الأرضية للمعارضة العراقية للتمركز مرة أخرى في الشمال. أما عن "محاذير" الاتفاق، فيقول التقرير انه أدى الى قرار تركيا رفع العلاقات الديبلوماسية مع العراق الى مستوى السفراء، مما يدل على المشكلة الاساسية: الدول المجاورة في المنطقة - ليس تركيا وحدها وانما ايضاً ايران وسورية وطبعاً العراق - ستعارض الاتفاق بضراوة وتحاول تقويضه. وهذه الدول كلها تفضل كون الاكراد منقسمين ولكن هادئين. ومع ان للأكراد حامياً هو الولاياتالمتحدة، إلا ان هذا الحامي بعيد جداً. كما ان تركيا قلقة قلقاً عميقاً من احتمال قيام كيان كردي مستقل، وتعتقد تركيا ان من شأن ذلك ان يذكي الاتجاه الإنفصالي في صفوف اكرادها. ولهذا عارضت تركيا بقوة الإشارات في الاتفاق الجديد الى "كونفيديرالية" جديدة في العراق، والدور المتصور للپ"مجتمع الدولي" في مساعدة الاكراد الذي تعتقد انقرة انه سيعطي الكيان الكردي مكانة من نوع ما. ويقول التقرير ان الاكراد كثيراً ما اساءوا فهم التزام الولاياتالمتحدة وقرأوا فيه اكثر مما قصدته واشنطن. وحتى لو أرادت الولاياتالمتحدة التدخل في شمال العراق لحماية الأكراد من هجوم، فإن المصاعب اللوجستية، والسياسية، والديبلوماسية ستكون جمة. واذا تطلب الأمر قوات برية، فلا بد من ان تنطلق من تركيا التي ستعارض حكومتها ذلك. وسيعارض الخطوة العالم كله عملياً. ولكن بالتأكيد فرنسا، وروسيا والعالم العربي - وسيشير المعارضون الى ان شمال العراق هو قانونياً تحت سيادة بغداد. "واذا كان التزام واشنطن خدعة لكبح صدام، فقد ينجح لفترة. أما اذا كان حقيقياً فسيتطلب تكاليف ديبلوماسية وربما عسكرية مرتفعة ستضطر واشنطن لتحملها ان ارادت الحفاظ على صدقيتها.