لندن - أ ف ب - تتخبط المؤسسات الثقافية الكبرى في بريطانيا كالمسارح ودور الاوبرا والاوركسترات السمفونية والمتاحف في مشاكل مالية هائلة بسبب سوء الادارة في اغلب الاحيان او نتيجة تجميد المخصصات العامة. وتعبر المشاكل التي تعاني منها "دار الاوبرا الملكية" في لندن، اكثر من غيرها. فقد بات مستقبل هذه الدار الاشهر في العالم مظلماً بعد ان عجزت عن اعداد برنامج لموسم العام 1999 بسبب عدم توفر المال اللازم، واستقاله راقص الباليه الاول فيها واستعداد مديرها الموسيقي للتخلي عن عمله قريباً. وأخيراً رفضت النقابات الخضوع لتهديد الادارة التي امهلت موظفيها الپ560 من عازفي الاوركسترا واعضاء الكورس والراقصين حتى أمس ليوافقوا على مراجعة كاملة لعقودهم. وأعلن السكرتير العام المساعد لنقابة "اتحاد الموسيقيين" روبرت ويرن ان "الوضع صعب جداً في كل مكان والمعنويات متدنية". ويتخبط العديد من فرق الاوركسترا السمفونية الكبيرة في ازمات مالية ومنها في شكل خاص اوركسترا "هال" في مانشستر، الاقدم في البلاد، واوركسترا ليفربول. والمسارح ليست افضل حالاً اذ اقفل ثلاثة منها العام الماضي. وتبلغ قيمة الدين المتراكم على "فرقة شكسبير الملكية" الشهيرة 5،3 مليون دولار ارغمتها على الغاء بعض جولاتها، بينما دق "المسرح الوطني الملكي" من جهته ناقوس الخطر. وتدفع الثقافة في بريطانيا جزئيا اليوم ثمن تجميد المخصصات العامة للفنون منذ ست سنوات - للأوفر حظاً - ومنذ 10 الى 15 عاماً لباقي المؤسسات الثقافية. وبما ان ارتفاع الاسعار لم يؤخذ بعين الاعتبار، فان قيمة المخصصات الحكومية للثقافة التي بلغت 180 مليون جنيه استرليني في العام 1998 تتراجع تدريجاً. وتقدم الحكومة مخصصات للفنون تقدر ب25 دولاراً في السنة لكل بريطاني، اي اقل بمرتين مما تنفقه فرنسا وباربع مرات من المانيا، في الوقت الذي تدّعي فيه الحكومة البريطانية انها تريد منافسة الدول الاخرى على الصعيد الفني والثقافة . ولا يمكن التعويض عن هذا الفارق بواسطة المساعدات الخاصة كما هي الحال في الولاياتالمتحدة حيث يحصل داعمو الفنون على تخفيضات ضريبية بهدف تشجيعهم على مبادرات في هذا المجال، وهو امر غير سائد في بريطانيا. واعتبرت المديرة السابقة لدار الاوبرا الملكية ماري آلن بمرارة ان "الحكومة لا تبالي بالفنون" مضيفة ان "الامر الوحيد الذي قد يحرك الحكومة هو الانهيار الكامل لاحدى المؤسسات الشهيرة". وقال المسؤول في نقابة "ايكويتي" للفنانين ادامز باكستر انه "بعد فترة القحط التي عشناها في ظل حكم المحافظين، اعتقدنا ان حزب العمال سيثبت انه يدعم الثقافة وما زلنا ننتظر". وتنوي حكومة توني بلير ان تحل المشكلة من خلال عسر النفقات. فقد انتهى زمن الفنانين ليحل محله زمن الاداريين المتشددين. ولتطبيق مبدئه الليبرالي وظف حزب العمال مديرين لا ميل فني لديهما يركزان اهتمامهما على الناحية المالية.