قرر مجلس الوزراء اللبناني امس منع بث الأخبار السياسية والبرامج السياسية المباشرة وغير المباشرة، عبر وسائل الإعلام اللبنانية التي تبث فضائياً، بذريعة ان ممارسات اعلامية تضرّ بصورة لبنان وعلاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة ومصلحته العليا. وبعدما حذّر من "التحايل على القرار والقانون"، شكل لجنة من 11 وزيراً برئاسة نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر "لإعادة تقويم الوضع الإعلامي" ورفع تقرير الى مجلس الوزراء خلال شهرين. وكانت جلسة المجلس نقلت من القصر الحكومي الى القصر الجمهوري، بعد اجتماع عقده رئىس الجمهورية الياس الهراوي مع رئىس الحكومة رفيق الحريري صباح امس. وترأس الجلسة الهراوي في حضور الحريري، وغاب عنها الوزراء وليد جنبلاط وهاغوب دمرجيان وبهيج طبارة. وفي الثانية بعد الظهر، أذاع وزير الإعلام باسم السبع قرارات الجلسة، التي استهلها رئىس الجمهورية بتأكيد "تمسك اللبنانيين جميعاً بمبادئ الحرية والديموقراطية والإيمان بها الى أقصى الدرجات إلا ان هذا الامر لا ينفي وجود ملاحظات تطرح على غير صعيد تتعلق ببعض الممارسات التي تستهدف لبنان وصورته ودوره". وطلب الهراوي الاستماع الى مداخلة وزير الإعلام في موضوع البث الفضائي السياسي "فقدم شرحاً مفصلاً في هذا الشأن عارضاً السلبيات الناجمة عن الكثير من الممارسات الإعلامية التي من شأنها الإضرار بصورة لبنان الخارجية وبمصلحته العليا وعلاقاته ومصالحه الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة والتشويش على علاقة المغتربين اللبنانيين بوطنهم". وقدم رئىس الحكومة مداخلة تؤكد "وجوب معالجة هذا الموضوع بما يحفظ مصلحة لبنان العليا". وناقش مجلس الوزراء الموضوع بالتفصيل وانتهى في نتيجة النقاش الى القرارات الآتية: "1- تشكيل لجنة وزارية قوامها الوزراء ميشال المر وبهيج طبارة ومحسن دلول وسليمان فرنجية وإيلي حبيقة وشوقي فاخوري وأسعد حردان ومحمود ابو حمدان ونقولا فتوش وأكرم شهيّب وباسم السبع، تتولى تقويم الوضع الإعلامي لوسائل الإعلام المرئي والمسموع على ان ترفع الى مجلس الوزراء تقريراً بنتائج عملها خلال شهرين من تاريخه. 2- تكليف وزير الإعلام العمل على تمكين تلفزيون لبنان من البث الفضائي وإعداد نشرات الأخبار السياسية المخصصة للبث الفضائي اللبناني من جانب تلفزيون لبنان، لما يعكس آراء الأطراف السياسيين اللبنانيين كافة ومواقفهم وتوجهاتهم والسماح اختيارياً لوسائل الإعلام الأخرى ببث هذه النشرات كما أعدّت. 3- وقف العمل فوراً بقرار مجلس الوزراء الرقم 12 بتاريخ 11/12/1996 والقاضي ببث الأخبار السياسية والبرامج السياسية المباشرة وغير المباشرة فقط عبر القناتين المعنيتين بالبث الفضائي اللبناني أل.بي.سي. والمستقبل استناداً الى المادة الرابعة من القانون الرقم 531، قانون البث الفضائي. 4- اي تحايل على تنفيذ قرار مجلس الوزراء أعلاه يعرّض مرتكبه للمسؤولية. 5- تأكيد تفعيل عمل المجلس الوطني للإعلام لتمكينه من أداء مهامه ومسؤولياته وفقاً لما نص عليه القانون الرقم 382/94 ومراسيمه التطبيقية. 6- الطلب من وزارة الإعلام إعداد دفاتر الشروط النموذجية لقانون البث الفضائي بالتعاون مع المجلس الوطني للإعلام". وناقش مجلس الوزراء جدول الأعمال ووافق على معظم البنود وأبرزها: البند المتعلق بتجهيز الإذاعة اللبنانية وتطويرها وفقاً للدراسات الجديدة التي أعدّتها وزارة الإعلام في هذا الشأن. ووافق على اقتراح وزير الصحة إعادة النظر في توزيع الأسرّة على كل المستشفيات المتعاقدة مع الوزارة بحسم ما نسبته 20 في المئة من عدد الأسرّة من ضمن سياسة عصر النفقات. ووافق على مشروع قانون يرمي الى إلغاء مكتب تنفيذ المشروع الأخضر وإنشاء مؤسسة عامة بديلة. ومن خارج جدول الأعمال وافق على الطلب من مجلس الجنوب المساهمة في مساعدة سكان بلدة كفرفالوس على إعادة بناء منازلهم المهدّمة وتمكينهم من العودة والإقامة فيها. وسئل السبع: عن متى يأتي دور البث الداخلي بعدما اتخذت حكومات الحريري خطوات عدة لوقف الأخبار والبرامج السياسية، وبعدما منعت امس البث السياسي الفضائي، فأجاب: "سؤال مهضوم. ثمة فصل تام بين البث السياسي الفضائي والبث الداخلي اللبناني. حصلت إشكالات عدة اخيراً حتى في ما يتعلق بالبث الأرضي، إلا اننا نعتبرها اصبحت خلفنا. فالبث السياسي الداخلي بث حر، لا ضوابط عليه ولا تمنيات"، مشيراً الى السماح في ضوء ذلك بإجراء مقابلات مع العماد ميشال عون وغيره. وسئل غير مرة: عن احتمال أن تبث مؤسسة إعلامية اخباراً وبرامج سياسية من خارج لبنان؟ فأجاب: "اي شكل من اشكال التحايل على القرار وعلى القانون، سيواجه بمقتضيات قانونية". وقيل له: "اذا لم يفهم القيمون على وسائل الإعلام المعنية هذا الأمر؟ فأجاب: "انهم يفهمونه". وأشار الى قرار من مجلس الوزراء لتمكين تلفزيون لبنان من البث الفضائي، بما يتطلب ترتيبات معينة تتولاها وزارة الإعلام مع الجهات المختصة. ورأى "ان هذه خطوة لمعالجة وضع تلفزيون لبنان، وقد شكلت لجنة لإعداد تقرير عنه ورفعه الى مجلس الوزراء"، وشدد على دور المجلس الوطني للإعلام. ولفت الى ان الإعلام المرئي والمسموع في لبنان "موضوع مستجد. ونحن طبقنا قانوناً في هذا الشأن للمرة الأولى، ولاحظنا عقبات خلال التنفيذ، فقررنا رفع الأمر الى مجلس الوزراء لمناقشته وإعادة تقويمه، على قاعدة توفير ظروف النجاح للوضع الإعلامي". وتحدث عن "شكاوى وملاحظات عدة عن ان الوضع الإعلامي في لبنان تعتريه الفوضى، من جوانب عدة سياسية وأخلاقية وتقنية". وأعرب عن اعتقاده "ان مجال الحرية في لبنان كامل ومفتوح، ولا ضوابط عليها، لكل القوى السياسية في لبنان و الخارج".