«مجلس التعاون» يدين الاعتداء الإرهابي الغادر الذي استهدف قوات التحالف في سيئون    NHC تعزز ريادتها العقارية في معرض "سيتي سكيب 2024" بعروض تصل قيمتها إلى 100 ألف ريال    البرلمان العربي يدين الاعتداء الذي تعرضت له القوات السعودية في اليمن    بيشة: ضبط مخزن للمواد الغذائية الفاسدة داخل سكن للعمال    أمير الرياض يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    ممثلا "سلطان بروناي دار السلام و"جمهورية توغو" يصلان الرياض    آل الشيخ يرأس وفد المملكة في الاجتماع الثامن عشر لرؤساء المجالس التشريعية الخليجية في أبو ظبي    تماشياً مع مستهدفات رؤية 2030 ولتعزيز مستقبل الرعاية الصحية في السعودية: المركز الطبي الدولي يعلن عن تأسيس كلية طب جديدة بمعايير عالمية    حساب المواطن: 3.4 مليار ريال لمستفيدي دفعة شهر نوفمبر    منسج كسوة الكعبة المشرفة ضمن جناح وجهة "مسار" بمعرض سيتي سكيب العالمي المملكة العربية السعودية    "السكري" .. عبء اقتصادي متزايد على الحكومات    هل نرى معرضاً للصحافة السعودية وتاريخها العريق؟!    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على تبوك والجوف والحدود الشمالية    "الصحة" تحيل ممارسين صحيين للجهات المختصة بعد نشرهم مقاطع غير لائقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشارك في "ملتقى الترجمة الدولي" بالرياض    خلال الاجتماع الوزاري لدول مجموعة العشرين بالبرازيل:المملكة تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي    جمعية «صواب»: برنامج متخصص ل39 شاباً متعافياً من الإدمان بجازان    والدة الأستاذ علي زكري في ذمة الله    الأمريكية "كوكو جوف" بطلة الفردي في نهائيات رابطة محترفات التنس    قنوات عين تحصد ثلاث عشرة في خمس مسابقات دولية خلال عام 2024    محافظ جدة يتوج الفائزين في فعاليات بطولة جمال الجواد العربي    35.4 مليار ريال حصيلة الإطلاقات والاتفاقيات في ملتقى بيبان 24    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    8 توصيات طبية تختتم مؤتمر طب الأعصاب العالمي    20,778 مخالفاً في 7 أيام وترحيل 9254    ضمك يتغلّب على الوحدة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الأخضر يفقد كنو أمام «الكنغر»    السعودية تختتم مشاركتها في منتدى «WUF12» بمشاركة 30 جهة وطنية    هيئة العقار ل «عكاظ»: «فال» و«موثوق» شرطان لإعلانات المنصات    برعاية خالد بن سلمان.. وزارة الدفاع تنظم الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    التفاؤل بفوز ترمب يدفع «S&P 500» لتسجيل أعلى مكاسب أسبوعية    الفيفي: 34 % من الطلب الرقمي الحكومي للمنشآت الصغرى.. بلغ 32 ملياراً    «فهد الأمنية» تستضيف مؤتمر الاتحاد الدولي لأكاديميات الشرطة    «ألفا ميسينس».. تقنية اصطناعية تتنبأ بالأمراض    5 نصائح لحماية عينيك من الالتهاب    يجوب مختلف مناطق المملكة.. إطلاق «باص الحِرفي» للتعريف بالفنون التقليدية    حديث في الفن    ياباني يحتفل بذكرى زواجه الافتراضي    نور ولي والبلوشي يحتفلان بعقد قران مها ورامي    مراسل الأخبار    فيسبوك وإنستغرام يكافحان الاحتيال بتقنية الوجه    انطلاق التمرين السعودي المصري«السهم الثاقب 2024»    وزارة الدفاع تنظم الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين نوفمبر الجاري    التعاون يقتنص فوزاً ثميناً من الأخدود    فطر اليرقات يعالج السرطان    لماذا فرغوا الأهلي ؟    فهم ما يجري بالمنطقة من اضطرابات.. !    فوز ترمب.. هل للعنصرية مكان في الانتخابات الرئاسية ؟    دخل التأريخ انتخابياً.. فهل يدخله كرجل سلام؟    استحالة الممكن وإمكانية المستحيل    «منطاد العلا»    أنشيلوتي: حققنا فوزا رائعا على أوساسونا والحديث عن الانتقالات سابق لأوانه    أمين الرياض يلتقي مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    وفاة والدة الفنان أحمد مكي    القبض على مواطنين في الباحة لترويجهما "الحشيش" و "الإمفيتامين"    مبادرة تطوعية لتبديل المصاحف المهترئة من مساجد وجوامع محافظة ضمد تطلقها إسلامية جازان    الشؤون الإسلامية تنفذ ١٣٣٥ جولة رقابية على جوامع ومساجد ومصليات ودور التحفيظ وجمعيات التحفيظ بمدينة جيزان    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يمنح جيمس بوند وظيفة مختلفة ؟ بوند الجديد صانع السلام الأكثر ليونة وحداثة !
نشر في الحياة يوم 12 - 01 - 1998

لو كان جيمس بوند شخصية حقيقية بدأت مغامراتها مع فصل بعنوان "د. نو" في العام 1962 لكان الآن، وبعد أكثر من ثلاثين سنة، رجلاً يتجاوز الستين ويجد صعوبة في الحركة ناهيك عن تطويعها للضرب والقتال.
وبما انه رجل اعتاد الشرب وممارسة الغرام من دون مبالاة بالمخاطر الجنسية، كما توضح الأفلام السبعة عشر من السلسلة، فإن أكثر الاحتمالات وروداً ان يكون اليوم إنساناً يعيش بنصف طحال وأقل من ذلك من القدرات الجسدية المختلفة، هذا اذا ما كان لا يزال على قيد الحياة!
الداعي الى مثل هذه الملاحظات بسيط: سلسلة أفلام "بوند" لم تتجمد في زمن معين، وانما عكست دوماً المراحل والعصور المختلفة التي توالت على حياتنا الاجتماعية والسياسية من مطلع الستينات الى نهاية التسعينات، ولو التزمت بفترة واحدة لكان على أحداث "غداً لن يموت أبداً" ان تدور في الستينات أو مطلع السبعينات، لأن جيمس بوند الذي نراه اليوم لا يزال شاباً مُعافى كما كان حال شون كونري أول ما بدأ يؤدي الدور.
هذه الحقيقة وحدها تجعل أفلام بوند غير منطقية، اذ كيف يُعقل ان يتبدل، على الشاشة، المحيط السياسي والاجتماعي والتكنولوجي للحياة المعاصرة من دون ان يكبر جيمس بوند في السن؟
سينمائياً ليس هناك من اجابة منطقية، بل اجابة استهلاكية.
"بوند"، سواء كنت معجباً بأفلامه أم منتقداً لها، سلعة رابحة وبل تزداد ربحاً ونجاحاً مع الزمن اذ ان ما يعرض للبيع ليس الفيلم الواحد بحالته الحالية، بل الأفلام السابقة أيضاً الأفلام السبعة عشر السابقة معروضة حالياً ولفترة محدودة بسعر 10 جنيهات استرلينية للمجموعة كاملة، ثم ما ينتج عنها من بضائع مباعة تحمل اسم بوند أو رقمه الأشهر 007. كذلك فإن هذه السلسلة هي سوق بحد ذاتها تعرض فيها البضائع المختلفة من سجائر الى ساعات، ومن اسطوانات الى سيارات ودراجات وهواتف نقالة…
بوند، جيمس بوند، جمع في 35 سنة أكثر من ثلاثة بلايين دولار من عائدات صالات السينما فقط. ويقدر عدد الذين شاهدوه بنحو بليوني شخص، أي أقل بقليل من نصف سكان العالم. ولو ان السوق الصينية كانت مفتوحة لاستقبال هذه الأفلام، ولو ان سوق الاتحاد السوفياتي، على أيام ذلك الاتحاد، كانت بدورها حرة لاستقبال هذه السلسلة من الأفلام، لفاق عدد المشاهدين ذلك الرقم بكثير.
لا بد من ملاحظة قيمة وحجم الانعكاسات الجوهرية التي تعرضت لها أفلام "بوند" من الستينات الى اليوم. من فترة السنوات الذهبية للحرب الباردة التي نتج عنها "د. نو" و"من روسيا مع الحب" و"ثندربول" و"تعيش مرتين فقط"، الى الثمانينات الباهتة التي واجه فيها "بوند" ضحالة في مبررات وجوده بعدما اختفى العدو التقليدي، فاتجه لأعداء غربيين في "منظر للقتل" و"ضوء النهار" ثم أصبح عاطلاً عن العمل متابعاً قضية شخصية ومحارباً عصابات المخدرات الكولومبيين في "رخصة للقتل".
الفيلمان الأخيران "غولدنآي" و"غداً لن يموت أبداً" يعيدان توجيه بوند صوب مسائل كونية دلالة على انه لا يزال هناك في هذا العالم من يعمل ضده. وفي هذا الفيلم الأخير "غداً لن يموت أبداً" العدو ليس الا امبراطور وسائل الاعلام الحديثة على شاكلة مردوخ يريد اشعال حرب بين بريطانيا والصين خدمة لاغراضه الشخصية التي من بينها توظيف تلك الحرب لزيادة نفوذه السياسي والاعلامي. هذا العدو ليس شيوعياً قديماً صعب عليه ان يرى نظامه يتهاوى، وليس تاجر سلاح يحاول اعادة بناء القوة التي كانت للمعسكر الشرقي، بل من صلب النظام الغربي… ودور بوند هو منع الحرب من جهة والتعاون مع المخابرات الصينية من جهة اخرى لوضع حد لمثل هذا التصرف.
من كان يصدق اذن ان عميل المخابرات البريطانية الذي كان دوماً خير مدافع عن السياسة الغربية بأسرها يفتح ذراعيه للتعاون مع الصينيين لحفظ الوضع القائم ويتحول الى جندي سلام؟
لكن هذا ما يقع عندما يُطلب من بوند بيرس بروسنان المناسب للشخصية تماماً معرفة من الذي يلعب بالنار موجهاً "الساتالايت" لتوفير معلومات عسكرية خاطئة توهم الصينيين بأن البوارج البريطانية تخترق المياه الاقليمية، ثم توهم البريطانيين بأن الصين تهاجمهم عسكرياً من دون سبب.
تحريات "بوند" سريعاً ما توصله الى اليوت كارفر جوناثان برايس الذي يسعى الى السيطرة اعلامياً على العالم بافتعال حرب هنا وابتزاز الرؤساء هناك. ويكتشف "بوند" ان زوجة كارفر تيري هاتشر ليست سوى صديقة قديمة، لكن زوجها يكتشف ذلك بدوره. وعندما يبدأ تواصل "بوند" بزوجة البارون الاعلامي لا يتوانى الأخير عن قتلها ما يزيد حقد "بوند" عليه ويطلق شرارة مجموعات من المشاهد العنيفة التي يطارد فيها الأشرار "بوند" وعميلة المخابرات الصينية واي ميشيل يو في أكثر من موقعة، والتي تنتهي باقتحام بوند وواي معقل الشرير كارفر حيث تدور المعركة الأخيرة التي تنتهي حسب ما هو متفق عليه: تدمير الأشرار، مقتل رموزهم بمشاهد مخصصة وفوز البطل بالمرأة على رغم كل الظروف.
هذا التغيير ليس سوى واحدة من عدة، فالحلقات متتابعة كدوائر الماء حين سقوط الحجر، وكلها نتاج رد فعل واحد على التغيير الأكبر الذي خلط الأوراق وجعل السياسة الغربية تحاول مداهنة القوى التي كانت في خانة الأعداء بالأمس. لقد تمت السيطرة على مقدرات واحدة من تلك القوى بإحداث الشرخ الذي هز دعائم النظام القديم بأسره، أما الثاني، وبسبب من قوته الشرائية الكبيرة تصور لو ان هوليوود تستطيع اطلاق أفلامها في الصين فلا بد من التعاون معه مهما تمادت الاختلافات.
التغيير المهم الثاني هو ان "بوند" لا يحارب وحده، بل تشاركه الحرب امرأة. هذا اختلاف كبير بين "بوند" السابق الذي كان ينتهي دوماً وحيداً في حربه. أولئك الذين يساعدونه كانوا ينتهون الى الموت. هذه المرة فإن التي تساعده في تحقيق غايته هي أيضاً ذات مهارة موازية. تنقد حياته مرة وينقذ حياتها مرة، وبفضلها حيناً ينجوان من المطاردة كما بفضله في أحيان أخرى. امرأة تستطيع ان تقود مغامراتها المشابهة بعيداً عن "بوند" اذا ما سمحت لها هوليوود بذلك.
"بوند" الجديد لا يمت بصلة كبيرة الى "بوند" القديم. طبعاً لا يزال يتبنى السياسة الغربية. لكنه لا يستطيع ان يتنعم بما كان متاحاً له من التجاهل والكبرياء خصوصاً في العلاقات العاطفية، حيث نلاحظ ان عدد النساء اللواتي مررن في مغامرته هذه المرة اثنتان فقط. الى ذلك، "بوند" كما يؤديه بروسنان انسان أكثر تواضعاً وليونة من بوند كما لعبه كل من شون كونري وروجر مور.
لكن "غداً لا يموت أبداً" لا يفرد من الأحداث ما يمكن تسميته بدراسة شخصية. كل ما يختزنه المشاهد من أفكار حول هذه الاختلافات والتصرفات عائد لمتابعته الأفلام السابقة وملاحظة دفاع المسلسل السينمائي عن وجوده بالتأقلم مع المتغيرات كيفما وردت.
المخرج روجر سبوتسوود، الذي ساهم في تأليف العالم المونتاجي المعقد للمخرج سام بكنباه في بعض أفلامه قبل ان ينطلق في درب الاخراج بدوره منذ العام 1982 فيلم "قطار رعب"، يتابع برنامجاً متشابكاً من التوليف والمؤثرات الخاصة وتراكمات المشاهد المثيرة في مجموعات متوالية ويصنع منها سياق فيلم يعتمد على قصة تكاد تكون غير موجودة ما يُسمى بلغة أهل المصلحة Thin Story.
على ذلك فإخراج سبوتسوود لفصل المطاردة التي تقع في شوارع هانوي أو ما يفترض ان يكون هانوي بعد ان رفضت فييتنام السماح بالتصوير فيها متقن من تحريك بطليه ضمن الحدث وتحريك المجاميع وتنفيذ اللقطات الصعبة في مطاردة تحتوي على بطلي الفيلم وهما مقيدان الى بعضهما ويحاولان الهرب على متن دراجة نارية، بينما تلاحقهما سيارات المطاردين وطائرة مروحية ولاحقاً بعض لاعبي الكونغ فو.
وليس من بين مشاهد الفيلم ما هو مميز ليظل في الذاكرة كما في الحال في أفلام "بوند" الأولى التي لم تكن فيها مشاهد "الأكشن" متراصة على هذا النحو، ما سمح باطلاق مشاهد معينة تعيش أكثر من غيرها في المخيلة. ويمتد هذا الضعف ليشمل شخصية الشرير الذي يؤديه الممثل الجيد برايس، فالأداء مصنوع ليبقى في البال وحركات برايس موجهة لهذا الغرض لكن النتيجة لا تحقق الأمنية. فبرايس مباشر في محاولته تخليد دوره، ويكفي مقارنته بغيرت فروب في "غولدفينغر" ربما أفضل شريري بوند لليوم وأدولف شيلي في "ثندر بول" ودونالد بلزنس في "تعيش مرتين فقط" لمعرفة الفارق الشاسع بينه وبين أي منهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.