أطلقوا عليها لقب «أصغر مراسلة صحافية في العالم»، و«وريثة» عهد التميمي. وانتشرت حول العالم الفيديوات التي كانت تصوّرها للاحتلال في قريتها، وتُعلق عليها بلغة إنكليزية سليمة، كما لغتها العربية الجميلة. ونظراً لمثابرتها ودقة تقاريرها، منحتها نقابة الصحافيين الفلسطينيين بطاقة عضوية شرفية. إنها الطفلة جنى التميمي (12 عاماً) التي وقفت وسط ثلة من الجنود الإسرائيليين، أثناء المواجهات التي شهدتها قرية البني صالح قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية الجمعة الماضي، وصرخت فيهم: «فلسطين ستتحرر، شئتم أم بيتم، طال الزمن أو قصر»، قبل أن تتحول إلى اللغة الإنكليزية التي تتقنها تماماً، وتروي ما جرى في القرية في ذلك اليوم: «هؤلاء الجنود الإرهابيون يأتون إلى هنا لإرهاب الأطفال، وقتلهم...». بعد ظهور الفيديو الأخير الجمعة الماضي، الذي وثّق هذه اللحظات من المواجهة بين الطفلة الصغيرة والجنود المدججين بالسلاح، سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى نشر تقارير عن «وريثة» عهد التميمي، ابنة عمها، التي تقضي حكماً إسرائيلياً بالسجن ثمانية أشهر بتهمة صفع جنديين اقتحما ساحة منزلها قبل شهور. ووصفتها بأنها «أخطر» من عهد، مشيرة إلى اتقانها اللغة الإنكليزية، ونشرها فيديوات حول العالم تروي فيها قصصاً من المواجهات التي تدور بين أهالي القرية والجنود. وعقّب النائب في الكنيست الإسرائيلية (البرلمان) من حزب «البيت اليهودي» على ذلك بالقول إنه كان على الجيش أن يطلق النار على عهد التميمي، لا أن يعتقلها، لأن اعتقالها حوّلها رمزاً، وجلب الكثير من الانتقادات لإسرائيل حول العالم. وأضاف: «عهد كانت تستحق رصاصة في الرجل على أقل تقدير». ويستخدم الجيش الإسرائيلي القناصة لإطلاق النار على أطراف المتظاهرين في قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل، ما خلّف أكثر من ألف معوّق أصيبوا برصاص متفجر في السيقان، إضافة إلى الشهداء. بدأت جنى تصوير المواجهات في قريتها والتعليق عليها والكتابة عنها وهي في الثامنة من عمرها، حتى أطلقت عليها وسائل إعلام دولية لقب «أصغر مراسلة صحافية في العالم». تخرج إلى شوارع القرية نهار كل يوم جمعة للمشاركة في التظاهرات الشعبية التي بدأت عام 2009، حاملة جهاز الهاتف الجوال، تلتقط الصور وتنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فايسبوك»، معلّقة عليها باللغتين العربية والإنكليزية، حتى انتشرت تقاريرها في أنحاء العالم، لأنها تحمّل صوراً حية وتُقدمها عبر عيون طفلة صغيرة. وتُظهر صفحتها على «فايسبوك» أنها تحظى ب282 ألف متابع من حول العالم. وتلقت جنى في السنوات الأخيرة دعوات إلى المشاركة في مؤتمرات شبابية حول العالم. وأوقفتها السلطات الإسرائيلية واحتجزتها ساعات لدى عودتها من الأردن أخيراً، بعد المشاركة في مؤتمر شبابي، وحقق معها ضباط في جهاز الأمن الداخلي «شاباك» في شأن نشاطاتها في القرية. وقال بلال التميمي، خال جنى والموظف في وزارة التربية والتعليم، والذي يرافقها في تصوير أخبار المواجهات في القرية ونشرها: «جنى إنسانة موهوبة، وتتقن اللغة الإنكليزية إتقاناً تاماً، وهذا ما يقلق الإسرائيليين لأن رسائلها تصل إلى العالم». وأضاف: «واضح من حملة التحريض عليها أنهم منزعجون منها، وينوون إسكات صوتها، لكنها لن تتوقف». وقال باسم التميمي، والد عهد وعم جنى، إنها «ابنة بيئة المقاومة الشعبية... البيئة الحاضنة في القرية تنشر ثقافة المقاومة الشعبية عبر المجتمع، لهذا نجد الأطفال يتشابهون في الحياة والنشاط». ومضى يقول: «والأجيال المقبلة ستواصل التجربة».