ينتظر الطفل محمد باسم التميمي بشغف نشرات الأخبار على التلفزيون لمشاهدة كيف تم تخليصه من جندي اسرائيلي يرتدي زياً مموهاً حاول اعتقاله في قرية النبي صالح شمال القدس في الضفة الغربيةالمحتلة حيث تجري مواجهات اسبوعية مع جيش الاحتلال. فمنذ الجمعة الماضي، باتت صور محمد ابن الإحدى عشرة سنة متداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلت وسائل الإعلام المحلية والأجنبية شريط الفيديو الذي يظهر فيه الجندي وهو يلحق بمحمد رغم يده المكسورة الموضوعة في الجبس، ويحاول بعنف السيطرة عليه قبل أن تأتي عائلته وسكان القرية لتخليصه. ومنذ عام 2012، تشهد قرية النبي صالح الصغيرة التي تضم 600 نسمة، كل يوم جمعة مواجهات بين سكانها والجيش الذي بات يعمد الى التمويه والتخفي لاعتقال المتظاهرين الذين يحتجون على مصادرة اراضيهم لمصلحة مستوطنتي «حلميش» و»نيفي تسوف» المقامتين على اراضي القرية وقرية دير نظام القريبة. ويصنف 97 في المئة فقط من مساحة القرية كمنطقة (ج) خاضعة للسيطرة الإسرائيلية التامة، 60 في المئة منها يسيطر عليه المستوطنون. وقال محمد لمراسل «فرانس برس» الذي التقاه في منزله: «كنت اتفرج على المواجهات بين الشباب والجيش. تفاجأنا بوجود جيش ثان متخف بين الحقول. هربت بعيداً عنهم، لكن جندياً يرتدي ملابس مموهة ويغطي وجهه، جرى خلفي بين الصخور وأمسك بي». وتابع محمد الذي يلقبه اهل قريته باسم «ابو يزن»: «لم اشعر بالخوف حين امسك بي الجندي، لكني بدأت بالصراخ وناديت على اهلي كي يأتوا ليخلصوني منه». ويظهر شريط فيديو بثه ناشطون من القرية، كيف لحق الجندي الملثم بمحمد وهو يقف وحيداً وهاجمه وأمسك به رغم ان يده اليسرى مكسورة. وأوضح والد الطفل باسم التميمي ان يد محمد كسرت قبل ايام عندما سقط ارضاً اثناء محاولته الهروب من دورية عسكرية اسرائيلية دخلت القرية. وقالت والدته ناريمان التي كانت بين الذين سارعوا لنجدته: «كان همي هو تخليص ابني. لم افكر بالسلاح الذي كان مع الجندي». اما محمد الذي عاد الى المدرسة امس، فقال: «فرحت حين هجمت نساء القرية على الجندي، فتركني وهرب». وتضاف قصة محمد مع الجندي الى قصص كثيرة عاشتها عائلته المكونة من ستة أفراد في مواجهاتها مع الجيش، اذ ان لكل واحد منهم «قصته الخاصة مع الاحتلال». فوالده باسم (48 سنة) اعتقله الجيش تسع مرات وأصيب بشلل موقت عام 1993 خلال التحقيق معه من المخابرات الإسرائيلية. والأم ناريمان، اعتقلت اربع مرات وأصيبت برصاصة مطاط في الفخذ قبل سنة وتخضع للإقامة الجبرية في منزلها. اما الابن الأكبر وعد (19 سنة) فاعتقل وهو في الرابعة عشرة، والطفلة عهد (13 سنة) افلتت من محاولات اعتقال عدة على ايدي الجنود. اما أصغر افراد العائلة سلام، ابن التسع سنوات، فأصيب الجمعة الماضي برصاصة مطاط في قدمه اليمنى خلال المواجهات في القرية. ويقول الأب باسم متنهداً: «هذه هي حالنا، شعرنا بفخر معنوي حين حررنا محمد من يد الجندي، لكننا لم ننتصر بعد».