إسلام آباد، كابول، إشبيلية (إسبانيا) - رويترز - أعلن سراج الدين حقاني، زعيم «شبكة حقاني» التابعة لحركة «طالبان» الأفغانية، أن الشبكة لن تشارك في محادثات سلام مع كابولوالولاياتالمتحدة إلا إذا فعلت «طالبان» ذلك. وقال سراج الدين الذي يعتقد أنه في نهاية العقد الثالث، في حديث هاتفي نادر، إن «الشبكة تملك ثقة كبيرة بعد الانتصارات التي حققتها في ميادين القتال، حتى إنها باتت لا تحتاج إلى ملاذات في باكستان، وتشعر بأمان كبير داخل أفغانستان». وزاد: «ولت أيام اختبائنا في الجبال على الحدود الباكستانية الأفغانية. إننا أكثر أماناً الآن في أفغانستان إلى جانب شعبها، وكبار مسؤولي الجيش والشرطة معنا، ويوجد أناس مخلصون في الحكومة الأفغانية أوفياء لطالبان، لأنهم يعرفون أن هدفنا هو تحرير وطننا من قوات الاحتلال». وإذا تأكد رحيل الشبكة من إقليم شمال وزيرستان فإن الضغط الأميركي على باكستان للقضاء عليها سيخف، علماً أن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا حذر الأربعاء الماضي باكستان من أن بلاده «ستبذل كل ما في وسعها» للدفاع عن قواتها في مواجهة المتشددين المتمركزين في باكستان والذين يهاجمون أفغانستان. وعكس ذلك تشكيك الأميركيين في وقوف «شبكة حقاني» خلف الهجوم الذي شنّه متشددون بالصواريخ على مجمع السفارة الأميركية ومقر قيادة الحلف الأطلسي (ناتو) في كابول الثلثاء الماضي وأسفر عن سقوط 16 قتيلاً، وتفجير شاحنة مفخخة في ولاية ورداك الأسبوع الماضي، ما أدى إلى جرح 77 جندياً أميركياً. لكن سراج الدين صرح بأن «أسباباً عدة لن أكشفها تمنعني من تأكيد شن مقاتلي الشبكة هجوم كابول. لقد اقترحت القيادة المركزية لا سيما الأعضاء الكبار في مجلس الشورى أن ألتزم الصمت في المستقبل إذا تكبدت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها خسائر». ويشكك الأميركيون منذ فترة طويلة في علاقة الاستخبارات الباكستانية بالشبكة التي أنشئت في الثمانينات من القرن العشرين، حين كان والد سراج الدين، جلال الدين حقاني، قائداً ميدانياً للمجاهدين ضد الاحتلال السوفياتي في أفغانستان. وكانت العلاقات توترت بين باكستانوالولاياتالمتحدة بعد شن قوات أميركية مطلع أيار (مايو) الماضي غارة أحادية لتصفية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في بلدة أبوت آباد الباكستانية. إلى ذلك، كشف سراج الدين أن «الشبكة رفضت سابقاً مبادرات عدة للسلام من الولاياتالمتحدة وحكومة الرئيس الأفغاني حميد كارزاي، وتضمنت عرض مناصب مهمة جداً علينا، لأنها شكلت محاولة لبث الانقسامات بين الجماعات المتشددة»، مؤكداً أن أية محاولات أخرى مماثلة «ستفشل في المستقبل»، وأن الشبكة التي أعلن أنها تضم أكثر من 10 آلاف مقاتل «ستؤيد أي حل يقترحه أعضاء مجلس الشورى بالنسبة إلى مستقبل افغانستان»، في إشارة إلى قيادة «طالبان» الأفغانية. وتصف القوات الأميركية في أفغانستان سراج الدين بأنه «أحد أخطر أعدائها»، ورصدت واشنطن جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار لاعتقاله، فيما حضت باكستان مرات على تعقب «شبكة حقاني» التي تعتقد أنها تتمركز في إقليم شمال وزيرستان القبلي المحاذي للحدود مع أفغانستان. وأحجمت «شبكة حقاني» عن مهاجمة الدولة الباكستانية، ويرى محللون أن إسلام آباد تعتبر الشبكة ثقلاً موازياً لتنامي نفوذ غريمتها الهند في أفغانستان، لكن واشنطن تحاول إقناع الحكومة الباكستانية بأن من مصلحتها القضاء على شبكة حقاني من أجل الاستقرار الإقليمي. وقال مسؤول أميركي: «رأينا في الماضي ما يحدث حين يمنح الإرهابيون ملاذاً آمناً فعلياً، كما هي الحال بالنسبة إلى حقاني في المناطق الباكستانية. لا تكون النتيجة طيبة سواء لباكستان أو للولايات المتحدة». وتابع «السؤال المطروح، هل تملك باكستان الإرادة أو القدرة على كبح شبكة حقاني. لقد قلصت الولاياتالمتحدة قدرات الشبكة، لكنها لا تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردها». على صعيد آخر، شكك قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني على هامش مؤتمر اللجنة العسكرية للحلف الأطلسي (ناتو) في مدينة إشبيلية الإسبانية، في استعداد أفغانستان لمغادرة القوات الأجنبية أراضيها تنفيذاً لخطة الانسحاب المعلنة بحلول نهاية 2014، وقال: «أي موعد لا يمكن أن يكون نهائياً». ويعتبر الحلف الدور الباكستاني مهماً في المنطقة، وأدرج الوضع الأمني في أفغانستان على جدول أعمال مؤتمره ومدته يومان. وارتفعت إلى 46 حصيلة الاعتداء الانتحاري الذي استهدف الخميس الماضي ميليشيا قبلية معادية ل «طالبان» خلال تشييع أحد قادتها في منطقة دير السفلى القبلية شمال غربي باكستان، إثر وفاة عدد كبير من الجرحى، مقتل تسعة قرويين أفغان، بينهم خمسة أطفال، في انفجار لغم لدى تنقلهم مع مواشيهم في ولاية فارياب (شمال) المحاذية للحدود مع تركمانستان.