في إحياء للضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدة منذ فترة طويلة على باكستان من أجل دفعها الى شن هجوم واسع على الجماعات المسلحة المتشددة في اقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب)، وبينها شبكة سراج الدين حقاني إحدى الأقوى والأكثر تنظيماً وتسليحاً في المنطقة والمتحالفة مع حركة «طالبان»، أعلن مسؤولون أميركيون ارتباط الاستخبارات الباكستانية بعلاقة قوية مع الشبكة التي ينشط مقاتلوها في مواجهة قوات حلف شمال الاطلسي (ناتو) في ولايات خوست ولوغار وغارديز وبكتيا وبكتيكا شرق افغانستان. واعلن مسؤول أميركي ان «بعض عناصر الاستخبارات الباكستانية وليس كلها، ما زال يساند «الحقانيين»، باعتبارهم يشكلون ثقلاً إستراتيجياً سيمنح إسلام آباد نفوذاً في أي تسوية نهائية في افغانستان المجاورة». اما قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال دايفيد بترايوس فأعلن ان باكستان تحتفظ بمجموعة متنوعة من العلاقات يعود بعضها الى عقود طويلة مع جماعات قاتلت السوفيات خلال احتلالهم افغانستان، مشيراً الى انه «لا بد من أن تمتلك الاستخبارات الباكستانية صلات بأشرار للحصول على معلومات عنهم». ولا شك في ان خلافاً شديداً يدور في الخفاء بين وجهتي النظر الأميركية والباكستانية حول الموقف من «شبكة حقاني» التي رفضت دائماً الانغماس في القتال ضد الجيش الباكستاني وعملت على محاولة إقناع «طالبان» بعدم الانجرار إلى معارك ضده. كذلك عملت الشبكة على كبح جماح جماعات متشددة عدة غير منظمة، عبر منعها من تنفيذ عمليات تضر بالمسلحين في مناطق القبائل أو تثير الجيش الباكستاني ضدهم، وهو ما ترى واشنطن انه يعكس صلة «شبكة حقاني» بالاستخبارات الباكستانية. وفي مواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة على باكستان من أجل شن عملية واسعة في شمال وزيرستان، واعلان الجنرال بترايوس ان «طموحات مقاتلي حقاني تتعدى حدود المنطقة الى شن هجمات خارج باكستانوافغانستان»، كشفت مصادر مقربة من الجيش الباكستاني ان إسلام آباد بذلت جهوداً خفية للتقريب بين «شبكة حقاني» وكابول تحت شعار المصالحة الوطنية الذي رفعه الرئيس الافغاني حميد كارزاي وأقره الاجتماع القبلي (الجيركا) مطلع الشهر الجاري. واذا صح ذلك فإنه يشير الى شرخ في قيادة «طالبان» يصب في مصلحة كارزاي وقوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان التي زادت خسائرها البشرية هذا العام. لكن الشيخ فضل الرحمن خليل رئيس حركة «المجاهدين الكشميرية» المقرب من «شبكة حقاني» نفى في تصريح ل «الحياة» احتمال حصول حوار بين الشبكة وحكومة كارزاي، معتبراً ان حديث الولاياتالمتحدة عن صلة الشبكة بالإستخبارات الباكستانية يعكس الفشل الذريع الذي منيت به قوات «الناتو» في أفغانستان. وذكر بأن «طالبان» الافغانية لم تنفذ أي عملية عسكرية خارج افغانستان، «وهي تدرك على رغم كل ما حل بها بسبب التحالف الأميركي - الباكستاني أن الدولة المجاورة تبقى الرئة التي تتنفس منها، خصوصاً أن دولاً مجاورة اخرى تناصبها العداء الفكري والمذهبي». وفي محاولة للمناورة، طالبت إسلام آباد واشنطن تزويدها معدات عسكرية بقيمة 2.5 بليون دولار قبل تنفيذ عملية عسكرية في شمال وزيرستان، وبين هذه الأسلحة مروحيات قتالية من طراز «أباتشي» و»بلاك هوك» وأخرى للنقل من طراز «تشينوك»، وطائرات استطلاع من دون طيار، إضافة إلى لائحة طويلة من المعدات العسكرية الحديثة، تؤكد إسلام أباد ضرورة توافرها و»إلا لن تعطي الحملة النتائج المرجوة».