أغلقت باكستان معابرها الحدودية أمس، وأوقفت حركة نقل الإمدادات المرسلة الى قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في افغانستان والآتية من ميناء كراتشي، وذلك في رد فعل فوري على شن مروحيات تابعة ل «الناتو»، انطلاقاً من افغانستان»، غارة على نقطة تفتيش للجيش الباكستاني وقوات حرس الحدود في منطقة بيضاي الجبلية باقليم مهمند القبلي (شمال غرب) والتي تبعد 2.5 كيلومتر فقط من الحدود الأفغانية، ما أدى إلى مقتل 28 عسكرياً على الأقل. وفيما اعتذر قائد قوات «الناتو» في افغانستان الجنرال الأميركي جون آلن عن الغارة، متعهداً فتح تحقيق شامل لتوضيح ظروفها، وصفتها إسلام آباد بأنها «انتهاك» لسيادة باكستان، ما يعزز اقتناعها بتقلص فرصها في الاعتماد على واشنطن لحل مشاكلها الداخلية، في ظل تزايد كراهية الشارع الباكستاني للسياسة الأميركية. وجاءت الغارة التي كان لها وقع «المجزرة» بمقتل الجنود الباكستانيين ال 28، بعد ايام قليلة على مواجهة الحكومة الباكستانية ازمة استقالة سفيرها لدى الولاياتالمتحدة حسين حقاني بسبب فضيحة مذكرة أرسلها، بايعاز من الرئيس آصف علي زرداري، الى القائد السابق للجيش الأميركي الأميرال مايك مولن، لطلب مساعدته في مواجهة نفوذ قائد الجيش الجنرال اشفق كياني ومدير استخباراته الجنرال شجاع باشا. ومع ترجيح تداعيات للغارة ابرزها تجدد الاتهامات المتبادلة بين باكستانوافغانستانوالولاياتالمتحدة في شأن مسؤوليات الهجمات عبر الحدود، اعلن ادريس موماند، المسؤول في قوات حرس الحدود الأفغانية، ان قوات محلية واجنبية اعتقلت بعد الغارة متشددين «ليسوا من طالبان الأفغانية» قرب نقطة التفتيش المستهدفة في بيضاي، في تلميح الى مقاتلي «طالبان باكستان» وعملياتهم في افغانستان. وكان وفد أمني أفغاني ناقش مع المسؤولين الباكستانيين في إسلام آباد اول من أمس، ظروف اغتيال رئيس مجلس المصالحة الأفغانية برهان الدين رباني في ايلول (سبتمبر) الماضي، خصوصاً ان التحقيقات الأولية التي رفضت إسلام آباد التعاون معها، أظهرت تنفيذ متشدد باكستاني الهجوم الانتحاري داخل منزل رباني في كابول. وتسعى الحكومة الباكستانية الى تخفيف حدةالتوتر مع أفغانستان، على رغم معارضتها توصيات المجلس القبلي الأفغاني (لويا جيركا) هذا الشهر، بقبول نشر قواعد اميركية في افغانستان. وهي ابدت استعدادها لتسهيل أي حوار بين واشنطنوكابول وقيادة «طالبان» الأفغانية، في وقت احتدم الخلاف بين واشنطن والجيش الباكستاني حول ضرب «شبكة حقاني» والجماعات المسلحة في اقليم شمال وزيرستان القبلي. لذلك، يستبعد خبراء عسكريون ومدنيون باكستانيون استمرار اغلاق المعابر الحدودية لفترة طويلة. ورأى وزير الانتاج الحربي الباكستاني السابق الجنرال طلعت مسعود أن هدف هذه الخطوة هو «تحسين شروط إسلام آباد في التفاوض مع واشنطن، بينما تحتاج الى رسوم الترانزيت التي تدفعها قوات الحلف الأطلسي من اجل تأمين خطوط الإمداد عبر اراضي باكستان».