كشفت المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة الرياض عن أن معدلات التحرش الجنسي في السعودية تتزايد، وبخاصة ضد الأطفال، مشددة على ضرورة الاعتراف بوجوده، سعياً إلى إيجاد الحلول المناسبة له، لافتة إلى عدم وجود نسب مئوية دقيقة في شأنه، وذلك بسبب تكتم كثير من أفراد المجتمع. وأوضحت المديرية أن وجود حالات التحرش الجنسي بالأطفال، دفع فريق الحماية من العنف والإيذاء التابع للمديرية، إلى إصدار كتيب بعنوان «التحرش الجنسي بالأطفال»، مشيرة إلى أنه يستهدف الوالدين والمربين، يوضح كيفية معرفة تعرّض الأبناء لتحرش أو اعتداء جنسي، ويقدّم شرحاً لمراحل عملية الاعتداء الجنسي على الأطفال. وأكد استشاري الطب الشرعي ورئيس فريق الحماية في صحة الرياض الدكتور مشهور الوقداني، أن الكتيب موجّه إلى الأسرة لتوضح مراحل عملية الاعتداء الجنسي وأسباب تعرض الأطفال لمثل هذه الأمور وكيفية اكتشافها وآلية التعامل معها في حال حدوثها. وقال في حديث إلى «الحياة»: «تعتمد مراحل عملية الاعتداء الجنسي على ثلاث مراحل، تشمل الترصّد والتخطيط، ثم الترغيب والإدمان السلوكي، وأخيراً الاستغلال المستديم والسرية، علماً بأن نسبة تعرض الأطفال للتحرش الجنسي في تزايد، وهذه حقيقة لا بد من أن يعترف بها المجتمع السعودي بوصفها واقعاً وإن كان مؤلماً، وذلك لتتم مواجهتها بالطرق العلمية الصحيحة». بدورها، أفادت الاختصاصية النفسية وعضو فريق الحماية من العنف والإيذاء في صحة الرياض سلطانة الدوسري، أنه لا توجد إحصاءات دقيقة عن نسبة التحرش الجنسي بالأطفال في المملكة، عازية ذلك إلى طبيعة المجتمع في عدم الإفصاح عن مثل هذه الحالات. وأضافت في حديثها إلى «الحياة»: «معظم الحالات التي تعرضت للتحرش الجنسي لا تدرك ذلك إلا بعد سن البلوغ، كما لا تظهر تفاصيل هذا التحرش إلا بعد تعرضها لموقف مشابه، ولا يقتصر الجنسي على الجانب الجسدي وحده، ولكنه يصل إلى الضرر النفسي من خلال مشاهدة صور أو مواقع إباحية، أو تعلّم بعض السلوكيات الجنسية، فيما ربما يتسبّب ذلك في حدوث اضطراب نفسي وعاطفي في وقت لاحق من حياة الطفل، ومن ذلك الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة والقلق واضطرابات في الأكل، وكذلك سوء تقدير الذات، ومرض تعدد شخصيات، والاضطراب العصبي، ومشكلات في التعلّم، وسوء التعامل مع الأدوية، والسلوك المدمر، وربما يمتدّ الأمر إلى ارتكاب الجريمة والانتحار بعد البلوغ». ولفتت إلى أن بإمكان الوالدين وحتى المربين معرفة إذا كان الأبناء من ذكور وإناث تعرّضوا للاعتداء، وذلك من خلال بعض السلوكيات مثل خوف من شخص ما أو من بعض الأماكن، أو حدوث رد غير متوقع أو غير طبيعي من الطفل فيما لو سئل إن كان تعرّض لاعتداء، مضيفة: «كذلك من بين الطرق التي تسهم في الوصول إلى حقيقة الاعتداء، وجود رسومات تبيّن بعض الحركات أو التصرفات الجنسية، وظهور الإدراك المفاجئ لبعض الألفاظ والحركات الجنسية، وكذلك محاولة دفع الأطفال الآخرين إلى ممارسة بعض الحركات الجنسية، عدا عن ظهور الأمراض التي تنتقل بالممارسات الجنسية، فأثناء الفحص الطبي ربما يلاحظ تغيرات واضحة في مناطق الاعتداء».