يُعقد مجلس الوزراء اللبناني بعد ظهر اليوم برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في ظل استمرار الخلاف على مشروع قانون تأهيل الكهرباء إذ رفض رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون (ووزير الطاقة جبران باسيل) اقتراحاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء بتجزئة تمويل المرحلة الأولى من المشروع لتوليد 700 ميغاواط إضافية بكلفة 1200 مليون دولار، بحيث يدفع نصفها من الخزينة على أن يجري العمل على تمويل الجزء الباقي من الصناديق العربية والإسلامية أو جهات دولية بفوائد مخفضة ، فإذا تعذر ذلك خلال 6 أشهر تتعهد الحكومة بتأمين المبلغ بالاستدانة عبر سندات خزينة. وأعلن عون عصر أمس إصراره على حصول وزارة الطاقة على المبلغ كاملاً مع إقرار المشروع في مجلس الوزراء. وتواصلت الاتصالات ليل أمس لإقناع عون بفكرة تجزئة التمويل تخفيفاً للعبء على الخزينة اللبنانية وسط توقعات بأن يتم إخضاع المشروع للتصويت، خصوصاً أن اقتراح ميقاتي بالتجزئة جاء في الاجتماع الوزاري المصغر الذي عقد أول من أمس، وبناء على موافقة وزير المال محمد الصفدي ووزير الاقتصاد نقولا نحاس (المحسوبين على ميقاتي) ووزراء «جبهة النضال الوطني» التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط الذي قام أمس بزيارة قصيرة لليبيا بدعوة من المجلس الوطني الانتقالي ووزراء حركة «أمل» و «حزب الله» وأن ميقاتي أطلع الرئيس سليمان على الفكرة فلم يمانع في اعتمادها. وفيما تترقب الأوساط السياسية ما إذا كان استمرار الخلاف سينعكس سلباً على العلاقات بين قوى الأكثرية في جلسة مجلس الوزراء اليوم، طمأن مصدر وزاري من تحالف «أمل» و «حزب الله» الى أن «الوضع لن ينفجر داخل الحكومة كما يروّج له البعض ولن تحصل استقالات» (من تكتل عون الذي يتمثل بعشرة وزراء). وأضاف المصدر: «لن نخرج من مجلس الوزراء ونحن على خلاف، الاتفاق سيحصل ولا أعرف كيف، لكن الاتصالات جارية لهذا الغرض وسنصل إليه حتماً». وكان ميقاتي اقترح على باسيل، أول من أمس، خفض تكلفة المرحلة الأولى من المشروع الى ألف مليون دولار بناء لدراسات كلف بإجرائها الوزير نقولا نحاس، على أن يتم إقرار هذا المبلغ مع إقرار المشروع، إلا أنه رفض. كما امتنع باسيل عن إطلاع ميقاتي على دفتر الشروط الذي وضعه لتلزيم المرحلة الأولى، من أجل دراسته لاستطلاع مدى تلاؤمه مع شروط الصناديق العربية والإسلامية التي تبيّن أن بينها وبين مجلس الإنماء والإعمار اللبناني اتفاقات لتمويل مشاريع بقيمة 650 مليون دولار، لعلّه يمكن تحويل هذه المبالغ أو جزء منها الى تمويل الكهرباء، لكن باسيل لم يوافق على ذلك وأصر على الحصول على كامل المبلغ من الخزينة اللبنانية. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن شركات صينية كانت التقت الرئيس ميقاتي وعرضت تنفيذ المشروع وتمويله على نفقتها على أن يسدد لبنان كلفته على مدى 15 سنة، بعد فترة سماح لثلاث سنوات بفائدة 3.5 في المئة. وأوضحت أن إيران عرضت تنفيذ المشروع بقيمة 900 مليون دولار. وجدد عون دفاعه عن خطة الكهرباء، مشيراً الى أن «الخسارة اليومية في الكهرباء 16 مليون دولار»، ومعتبراً أن رفض الخطة من بعد الموافقة عليها (في الحكومة السابقة) «كيدي». وانتقد الحديث عن «إعطاء نصف المبلغ الآن والنصف الآخر لاحقاً، والقول إذا لم نقدر أن نؤمنه من الخارج نعطيكم إياه من الخزينة. لماذا؟ أعطونا إياه الآن ما دامت الحكومة تتعهد بدفعه، وموّلوا المشروع من الشياطين. روحوا شلّحوا وأنا أوافق على قانون التشليح». وقال: «كل هذه الألاعيب نستنتج منها أن هناك محاولة تطويق لنا. يريدون شراء الكهرباء بدولار رمزي. وكل ما يطلب منا نتساهل فيه، إلا إذا كان يضرب الخطة. عندها لا شيطان ولا ملاك يمكنه أن يأخذ منا شيئاً. لن نساوم على جوهر الموضوع، والكهرباء إما تكون أو لا تكون». وعلّق على رفض رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخطة، مؤكداً أنه «كان وافق عليها وحزبه»، وأن «لا سمسرات في الخطة، والمصيبة أنهم يتخيلون أننا مثلهم ويعكسون صورتهم علينا». ولفت الى أن «مجلس الوزراء (اليوم) ملزم بأن يبلغ قراره الى مجلس النواب... ونريد أن نعرف من صديقنا ومن ليس صديقنا». وعن الحديث عن عدم جرأته على سحب وزرائه من الحكومة، قال: «غيري ينسحب وليس أنا. ليس عندي الشجاعة؟ بكرا بتشوف. وربما غيري ينسحب». وعلم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تدخل لدى الوزير باسيل بعد ظهر أول من أمس، من أجل تأجيل مؤتمره الصحافي الذي رفض فيه تجزئة التمويل، وكذلك وزير التنمية الإدارية محمد فنيش لثنيه عن عقد المؤتمر، إلا أنهما لم يفلحا.