لم تتمكن الاجتماعات الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من أجل إيجاد مخارج للخلاف على ملف الكهرباء، من الوصول الى توافق مع وزير الطاقة جبران باسيل حول الأفكار التي طرحت لمعالجة ملاحظات بعض الفرقاء داخل الحكومة، على مشروع لإنتاج الكهرباء، إذ رفض باسيل بعضها وعقد مؤتمراً صحافياً حدد فيه أسباب اعتراضه عليها، فيما كان ميقاتي يرأس اجتماعاً وزارياً ثانياً عصر أمس حضره وزراء «جبهة النضال الوطني» التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط ووزراء «أمل» و «حزب الله» ووزراء مستقلون، لعرض اقتراحات الحل الوسط على اجتماع مجلس الوزراء المقرر عقده غداً الأربعاء. وفي باريس التقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي قال إنه حمل الى الرئيس الفرنسي «هموم الأقليات في الشرق الأوسط، لا سيما المسيحيين. وكيف تُحمى». وأشار الراعي الى أن البحث تطرق الى الوضع في سورية، وأن ساركوزي «لا يرغب في أن يستمر أي أمر أو أي نظام في العالم لا يحترم حقوق المواطنين وسلامهم». وأوضح الراعي أنه أبلغ ساركوزي: «أننا نخاف من أمرين (بالنسبة الى سورية)، الوصول الى حرب أهلية، وأن نصل الى أنظمة أكثر تشدداً في سورية أو غيرها». وأضاف: «الخوف الثالث هو أن نصل الى فتنة في العالم العربي وإلى دويلات طائفية». وإذ أكد الراعي أنه مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مذكراً أنه ضد تسييسها، نقل عن الرئيس الفرنسي أنه يعمل مع المجتمع الدولي لتجنب هذه المخاوف. كما نقل عنه أنه لن يقبل بأي اعتداء على الجنود الفرنسيين في إطار «يونيفيل». وقال مصدر فرنسي مطلع إن «ساركوزي قال للراعي إن الرئيس ميقاتي أدلى بتصريحات إيجابية حول تمويل المحكمة الدولية وحماية الجنود العاملين في «يونيفيل» لكن فرنسا تنتظر تنفيذ ما صرح به». وكانت الجهود لمعالجة الخلاف على ملف الكهرباء توالت أمس واجتمع الرئيس ميقاتي ظهر أمس مع الوزير باسيل، ثم مع جنبلاط ووزراء كتلته غازي العريضي، علاء ترو ووائل أبو فاعور في حضور وزير الاقتصاد نقولا نحاس، للبحث في أفكار كانت نوقشت قبل أسبوع، وفي اجتماع ليل أول من أمس بين جنبلاط ووزرائه ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وقياديين من حركة «أمل». وعلمت «الحياة» أن الوزير باسيل أبدى تحفظه أمام ميقاتي عن بعض هذه الأفكار منها إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع إقامة محطتي إنتاج للطاقة الكهربائية بكلفة بليون و200 مليون دولار أميركي، واقتصار التمويل من الخزينة على 414 بليون ليرة لبنانية (280 مليون دولار) على أن يتم اللجوء الى الصناديق العربية والإسلامية وجهات دولية لاستكمال التمويل، أي تجزئة التمويل، كما تحفظ عن عقد النفقة للتمويل من قبل الحكومة، لا من قبل وزارة الطاقة. وعقد اجتماع وزاري مقرر سلفاً برئاسة ميقاتي، لم يحضره باسيل، لمواصلة البحث حضره الى وزراء «جبهة النضال»، ونحاس، وزير المال محمد الصفدي ووزيرا الصحة علي حسن خليل والتنمية الإدارية محمد فنيش. وقالت مصادر وزارية إن المخرج الذي اتفق عليه في الاجتماع الوزاري يقضي بتأمين 600 مليون دولار من الخزينة في مرحلة أولى على أن تجري الحكومة اتصالات لتأمين 600 مليون من الصناديق والجهات الدولية، فإذا تعذر ذلك يتم تمويل هذا المبلغ من الخزينة. وفيما كان الاجتماع مستمراً عقد باسيل مؤتمراً صحافياً أعلن فيه عن تحفظاته عن ما يطرح من أفكار من أجل التوافق في مجلس الوزراء على المشروع غداً. وقال باسيل إن مشروع الكهرباء «انتصار لكل لبنان وليس لفريق على آخر وبات محسوماً أنه لن يكون هناك تسوية على الموضوع ولا نريد أن نكسر أحداً ولا نريد أن يكسرنا أحد... والأمر غير خاضع للمقايضة». وأوضح أنه لا يعترض على مبدأ إشراك القطاع الخاص في تأهيل الكهرباء «لكن علينا أن نتأكد مما إذا كان سيؤدي الى كلفة عالية أكثر والقطاع الخاص ليس الحل السحري». وانتقد الإصرار على اللجوء الى الصناديق والتمويل الدولي، مؤكداً أن التمويل من الخزينة يحد من الخسائر اليومية «ومن يتحدث عن عدم وجود تمويل (من الخزينة) يتحمل المسؤولية». وغمز باسيل من قناة وزراء في الحكومة قائلاً: «لا يتحاذق أحد علينا في حديثه عن التمويل». وأشار الى صرف أموال من الخزينة على أمور أخرى. كما غمز من قناة ميقاتي مشيراً الى الإفراج عن موقوفين من «فتح الإسلام». وقال باسيل إنه لا يريد فشل الحكومة في ملف الكهرباء «لأن سقوطها سقوط لنا ورئيس الحكومة رئيسنا ورئيسي ونريده أن ينجح... يقولون إن لا مشكلة سياسية في المشروع. لكن ما المشكلة؟ هل هي أنه لا نعطي وزيراً من طائفة معينة حقه الدستوري بالإنفاق والمسيحيون لا يحق لهم أخذ المال لإنفاقه أو أن وزيراً من تيار معين لا يحق له ذلك؟». ورداً على سؤال عما إذا كان «التيار الوطني» سيسقط الحكومة قال باسيل: «لا أحد هدفه إسقاطها لكن نحن ملتزمون شؤون الناس وإذا لم تنجز هذا الملف هي التي تسقط وليس نحن الذين نسقطها». واستدعى استمرار الخلاف تشاوراً بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان في اجتماع مسائي. وتحدث الوزير الصفدي عن إمكان إخضاع مشروع الكهرباء للتصويت في الجلسة غداً.