«كان المصلون انتهوا للتو من الجزء الاول من صلاة التراويح عندما سمعوا هتاف الله اكبر اعقبه انفجار شديد». هذا ما رواه الشهود. لم تكن عبارة الله اكبر وسط حرم جامع تقام فيه الصلاة وتوزع هبات الايام الاواخر من رمضان لتثير الذعر في نفوس المصلين الذين انتهوا للتو من ترديدها سبعاً. مشهد مسجد ام القرى في بغداد ليل الاحد حيث اقدم انتحاري موّه المتفجرات بزرعها في جبيرة في ساعده وساقه، يذكر بمجازر بغداد الدامية ،حيث لم تستثن المساجد من «غزوات» الانتحاريين. حصيلة التفجير، على ما قال المسؤولون الامنيون كانت نحو 50 قتيلاً، جميعهم من المصلين والعاملين في الجامع، وبينهم النائب خالد الفهداوي الذي ينتمي إلى كتلة «العراقية»، فيما جرح 40 ، بينهم رئيس ديوان الوقف السني عبدالغفور السامرائي الذي كان انتزع الوصاية على جامع أم القرى من هيئة علماء المسلمين بقرار حكومي عام 2007. واتهم أمس تنظيم «القاعدة» بشن الهجوم. وكان المئات من الاهالي شيعوا صباح امس ضحايا التفجير الذين ما زالت آثار دمائهم واشلائهم في مصلى الجامع وبينهم اطفال. وعلى رغم ان العملية تشير الى تورط تنظيم «القاعدة» الذي اطلق قبل اسابيع حملة للانتقام لمقتل زعيمه في باكستان، قال انها ستشمل تنفيذ 100 عملية، بين هجمات انتحارية واغتيالات وتفجير عبوات، فإن التنظيم لم يتبن الحادث حتى مساء أمس . واتهم السامرائي الذي اصيب بالحادث وكان، على ما قال، المستهدف من العملية تنظيم «القاعدة» بتدبيرها. وقال ان الانتحاري تسلل متوجهاً اليه بحجة الحصول على مساعدات مالية «لكنه فجر نفسه على بعد ثلاثة امتار بعد ان فشل في الاقتراب اكثر من هذه المسافة». وتوجه السامرائي «إلى العالم ليعرف ما هو تنظيم القاعدة (..) على الجميع أن لا يبرر(أعماله). هؤلاء لم يتركوا حرمة مسجد ولا طفل صغير، إلا انتهكوها.» واتهم كبار القادة السياسيين التنظيم بالتورط في عملية ام القرى، وطالبوا بتشديد الحماية حول المساجد ووقف خروقات الاجهزة الامنية. وكان العمل في جامع أم القرى الذي بني على شكل خريطة الوطن العربي ويضم بحيرات ومعارض وقاعات مؤتمرات ومكتبة كبيرة انتهى قبيل الغزو الاميركي للعراق واطلق عليه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اسم «جامع ام المعارك»، في اشارة الى الاسم الرسمي الذي اطلقه على حرب عام 2003. لكن هيئة علماء المسلمين التي اشرفت على الجامع حتى 2007 اطلقت عليه اسم «جامع ام القرى» واستمر بهذا الاسم بعدما انتزعت رئاسة الوقف السني الاشراف عليه بملحقاته من الهيئة بقرار حكومي. واعتبر الرئيس جلال طالباني الحادث دليلاً «يثبت مرة اخرى براءة الاسلام من القوى التكفيرية»، فيما قال رئيس الوزراء نوري المالكي ان»الإرهابيين التكفيريين يؤكدون مرة أخرى استباحتهم دماء العراقيين وارتكابهم ابشع الجرائم في اقدس الأيام والأماكن». وشدد رئيس البرلمان اسامة النجيفي على ضرورة «تكثيف الأجهزة الأمنية جهودها لحماية أبناء شعبنا في هذه الأيام بالذات، إذ يحل على العراق والأمة ألإسلامية عيد الفطر»، فيما دعا زعيم المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم الحكومة الى «الحيطة والحذر من مغبة هذه الأعمال التي ترمي إلى الاخلال بالسلم الاجتماعي وارباك الاستقرار في البلاد».