دانت الأوساط السياسية في العراق بشدة التفجير الانتحاري الذي تعرض له جامع أم القرى في بغداد ليل الأحد-الإثنين وأدى إلى مقتل العشرات، بينهم نائب في البرلمان وإصابة رئيس ديوان الوقف السني. واعتبرت أن الحادث «كشف الوجه الحقيقي للإرهاب فهو لا يفرق بين طوائف الشعب» منتقدة في الوقت ذاته أداء الأجهزة الأمنية وتقصيرها في حماية دور العبادة. وكان انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً فجر نفسه وسط جموع المصلين في جامع أم القرى، بعد انتهاء صلاة التراويح. وأدى الانفجار إلى مقتل اكثر من خمسين من المصلين، ومن بين القتلى النائب عن «القائمة العراقية» خالد الفهداوي. واستنكر رئيس الجمهورية جلال طالباني التفجير وطالب الأجهزة الأمنية «بتكثيف جهودها لحماية أرواح المواطنين». وقال طالباني في بيان رئاسي صدر امس «ندين ونستنكر الجريمة التي استهدفت المصلين في جامع أم القرى والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، بينهم النائب عن تحالف الوسط خالد الفهداوي والتي أثبتت مرة اخرى براءة الإسلام من القوى التكفيرية وعدم احترامها للمقدسات من سفك دماء المسلمين والاعتداء على بيوت الله في شهر رمضان المبارك «. وأضاف أن «هذا الاعتداء الآثم محاولة جديدة من قوى الإرهاب لإعادة البلاد إلى زمن الاحتراب الطائفي والحيلولة دون استتباب الأمن وعرقلة التفاهمات بين القوى السياسية «، داعياً «الأجهزة الأمنية إلى تكثيف جهودها وتحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار وحماية أرواح المدنين». وتابع أن «رجال الدين والأحزاب ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين مطالبون بقطع الطريق على مثيري الفتن الطائفية والعنصرية بين أبناء الشعب الواحد». ودعا رئيس الوزراء نوري المالكي القوات الأمنية والمواطنين إلى «تشديد ضرباتهم للإرهابيين وأعوانهم». وقال في بيان إن «الإرهابيين التكفيريين يؤكدون مرة أخرى استباحتهم لدماء العراقيين الأبرياء وارتكابهم ابشع الجرائم الجبانة في أقدس الأيام والأماكن التي وضعها الله للتقرب إليه وإشاعة أجواء الرحمة والمغفرة». وشدد على أن»التكاتف والوحدة والوقوف صفاً واحداً خلف الجيش والشرطة هو السبيل الوحيد للقضاء على هذا الخطر الذي لا يفرق بين العراقيين ويستهدفهم جميعاً». كما استنكر رئيس البرلمان أسامة النجيفي التفجير وقال إن «الحادث يعبر عن الاستهتار بحرمة شهر رمضان وبيوت الله وبأرواح المسلمين الذين يؤدون واحدة من أبرز شعائر الدين الإسلامي الحنيف». وشدد على ضرورة «تكثيف الأجهزة الأمنية جهودها من أجل حماية أبناء شعبنا في هذه الأيام بالذات حيث يحل على العراق والأمة ألإسلامية عيد الفطر». واعتبر زعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم في بيان أن « قوى التكفير والإرهاب عادت اليوم لتستهدف جامع أم القرى في بغداد بعد يومين من استهدافها حسينية داود العاشور في البصرة «. وأضاف « نطالب الحكومة بأخذ الحيطة والحذر من مغبة هذه الأعمال التي ترمي إلى الإخلال بالسلم الاجتماعي وإرباك الاستقرار في البلاد». وحذر الحزب الإسلامي العراقي من أن «ناقوس الخطر لمرحلة مخيفة باتت تتفلت فيها معاني الاستقرار والأمان». وشدد على أن «ما حدث في جامع أم القرى محاولة آثمة من أصحاب المخططات الخبيثة لإلحاق السوء بالعراق، والقضاء على الشخصيات الوطنية فيه». وكان رئيس ديوان الوقف السني الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي الذي نجا من الحادث اتهم «تنظيم القاعدة» بالوقوف وراء التفجير وأكد إصابته ببعض الجروح الطفيفة وقال إن «الانتحاري كان يحمل جبيرتين في إحدى يديه وفي ساقه ودخل إلى الجامع بحجة انه محتاج للمساعدة». وأضاف «بعد انتهاء الخطبة والصلاة كنا نستقبل المحتاجين في الباب الخلفي اقترب وفجر نفسه». يذكر أن جامع أم القرى في بغداد بني في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وانتهى البناء فيه عام 2001 وسمي جامع أم المعارك الذي كان هو الاسم الرسمي لحرب الخليج الثانية في العراق، وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 سمي المسجد جامع أم القرى وأصبح مقراً لهيئة علماء المسلمين ومن ثم مقراً لديوان الوقف السني بعد اغلاق مكاتب الهيئة في البلاد.