التأمت الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية (كابينيت) أمس لدرس تطورات عملية خطف الفتية الإسرائيليين الثلاثة، تاركةً للمحللين توقع الخطوات التي ستتخذها، سواء في محاولة إنقاذ المخطوفين، أو عقاب حركة «حماس» التي حملتها مسؤولية العملية. وجاء الاجتماع بعد محادثة هاتفية تمت بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، هي الأولى بينهما منذ عام 2012، فيما واصل الآلاف من جنود الاحتلال عمليات البحث عن المخطوفين، خصوصاً في منطقة الخليل جنوبالضفة الغربية. وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن من بين الخطوات التي بحثتها الحكومة المصغرة ترحيل قادة «حماس» في الضفة إلى قطاع غزة، أو هدم بيوت عدد منهم، أو فرض عقوبات على أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية محسوبين على الحركة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول كبير قوله إن وزارة العدل بحثت أول من أمس قانونية طرد أعضاء «حماس» إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن وزيرة القضاء تسيبي ليفني والمدعي العام يهودا فاينشتاين، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في الوزارة، شاركوا في الاجتماع. وأضافت إن الحديث جاء «لمعرفة ما إذا كانت هذه الخطوات تتوافق مع القانون الدولي، وهل يمكن أن تواجه طعوناً في المحكمة العليا»، مشيرة إلى أنه لم يتم اتخاذ القرار بعد. وطبقاً للإعلام الإسرائيلي، فإن نتانياهو قال لعباس خلال اتصال هاتفي نادر بينهما إنه يتوقع منه المساعدة في إعادة المخطوفين واعتقال الخاطفين بداعي أن الأخيرين خرجوا من مناطق خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، وعادوا إلى مناطق تابعة لها أيضاً. وتابع نتانياهو أنه يجب فهم أبعاد الشراكة مع الحركة، «وهي شراكة سيئة لإسرائيل وللفلسطينيين وللمنطقة كلها». وأضاف أن عملية الخطف «تكشف طابع الإرهاب الذي تحاربه إسرائيل... إرهابيون يخطفون أولاداً إسرائيليين أبرياء، وبينما نحاول في مستشفياتنا إنقاذ أطفال فلسطينيين مرضى، هذا هو الفرق بين سياستنا الإنسانية والإرهاب الفتاك الذي يهاجمنا». ورأى معلقون أن نتانياهو أراد من هذا الكلام عن «إنسانية» إسرائيل تذكير الرئيس عباس بأن زوجته تتلقى العلاج في مستشفى في تل أبيب. في هذا السياق، قال الوزير يوفال شتاينتس إنه «يدعم التعاون الإنساني»، معتبراً أن من شأن خطوة كهذه أن تشكل فرصة جيدة لتحقيق التعاون مع الفلسطينيين. من جانبه، أكد رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال بيني غانتس أن «الهدف هو العثور على الفتية وإعادتهم إلى بيوتهم، وتوجيه أقسى الضربات لحماس». وأضاف أن المؤسسة الأمنية «في طريقها لتنفيذ عملية كبيرة»، من دون توضيح ملامحها، معرباً عن اعتقاده بأن أذرع المؤسسة المختلفة تؤدي العمل المطلوب منها. لكن أوساطاً عسكرية واصلت توجيه انتقادات شديدة اللهجة للشرطة بعد أن سمحت الرقابة العسكرية بالكشف أن أحد الفتية المخطوفين أجرى اتصالاً بعد دقائق من أسره بمركز الاستعلامات للشرطة الإسرائيلية ليبلغه بأنه اختطف، لكن الشرطة لم تقم اعتباراً للمحادثة بداعي أنها تتلقى العديد من البلاغات الكاذبة من هذا النوع. وقال وزير الأمن الداخلي اسحق أهارونوفتش: «إننا في أوج حدث صعب للغاية... ونقوم بكل جهد من أجل إعادة الفتية إلى بيوتهم... هناك الآلاف من الجنود وعناصر الشرطة الذين يقومون بكل الجهود لإعادة المخطوفين، ومن نفذ العملية هي حماس الإرهابية، لكن المسؤولية ملقاة على عاتق السلطة الفلسطينية». وحذر وزير الدفاع السابق النائب من «كديما» شاؤول موفاز من أنه في حال تعرض الفتية المخطوفون إلى أي أذى، «فستحصل هزة أرضية». وكان وزير الدفاع موشيه يعلون قال في ساعة متقدمة من مساء أول من أمس إن «إسرائيل ستجد الطريق الملائم لجباية الثمن من زعماء حماس وكل من يفكر في أذية مواطني إسرائيل أو شلّ حياتهم في أي مكان وزمان تختارهما»، ملمحاً إلى احتمال العودة إلى «التصفيات الجسدية» لقادة «حماس». وأضاف أن التحالف بين «فتح» و»حماس» لتشكيل حكومة وحدة «يسقط الادعاء عن اعتدال حركة فتح». ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مصدر عسكري إسرائيلي رفيع قوله إن قوات الجيش «تعمل طبقاً لخطة مدروسة جيداً في كل ما يتعلق بالتحقيقات وأعمال التمشيط الجارية بحثاً عن الشبان الثلاثة المخطوفين»، مشيراً إلى أن المنظمة التي قامت بعملية الخطف «أحكمت جهوزيتها وأثبتت مستوىً عملانياً عالياً قياساً بعمليات سابقة». وزاد أن تقديرات المؤسسة الأمنية تقول إن المخطوفين ما زالوا في منطقة الخليل. إلى ذلك، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل على اتصال مع قصر الرئاسة المصرية، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي مطلع تباعاً على التطورات. وأضافت أن جهات عسكرية إسرائيلية هي التي بادرت بالتوجه إلى الرئاسة وأجهزة المخابرات المصرية، وأنها تلقت وعداً منها بأن تبذل مصر كل مستطاع لمنع نقل المخطوفين إلى سيناء أو إلى قطاع غزة. في هذا الصدد، طالبت وزارة الخارجية المصرية إسرائيل «بالتزام أقصى درجات ضبط النفس» في جهود البحث عن الشبان الثلاثة. وقال الناطق باسم الوزارة بدر عبد العاطي إنه يتعين على إسرائيل أن تتجنب «تصعيد الموقف حتى يمكن احتواء التوتر المتزايد القائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والحيلولة دون تفاقم الأوضاع بصورة يصعب السيطرة عليها لاحقاً». وقال معلقون إسرائيليون إن إسرائيل قد تستغل الانتشار العسكري لتفكيك «حماس» في الضفة. وكتب المراسل العسكري للصحيفة اليكس فيشمان إن «إسرائيل استغلت الفرصة لشن حملتين إضافيتين، إذ قامت باعتقالات واسعة مرتبطة بالتحقيق في الخطف، واعتقلت بعضاً من النواة الصلبة للقيادة السياسية للحركة (في الضفة) وبعض الشخصيات المسؤولة عن إعادة بناء البنى التحتية والاجتماعية للحركة