في رمضان، يتناثر الباعة الجائلون حول الطرقات، وفي الأسواق وأمام محال السوبر ماركت، منهم يبتغون منافع لهم، فيبيعون المأكولات الشعبية التي تصل مبيعاتها إلى أفضل حالاتها في شهر الصوم، إضافةً إلى مشروبات ك«السوبيا» و«العرق سوس» وغيرها. عبدالرحمن طفل لم يتجاوز بعد ربيعه العاشر، يبيع مع أخيه الصغير يوسف مشروب العرق سوس تحت لهيب شمسٍ محرقة وزحامٍ لا ينقطع، تتعالى أصواتهم لمناداة المارة بأهازيج طفولية بريئة، وتجلب دعايتهم لبضاعتهم فضول الزبائن وإقبالهم وريالاتهم. يقول عبدالرحمن: «يعجبني كثيراً الوقوف لبيع مشروب العرق سوس للزبائن في رمضان، والدتي تعده وتقوم بتحضيره، فيما أقف مع أخي لبيعه وننتهي مع أذان المغرب». وسألت «الحياة» طارق بن زياد والد الطفلين عبدالرحمن ويوسف عن فكرة زجه لأطفاله لبيع هذا المشروب في رمضان فأجاب بأن ذلك من أجل تشجيعهم على تعلم التجارة، والتقاء الناس والحديث معهم من دون خجل وتردد، علاوةً على أنه طقس رمضاني يقضون فيه، إلا أنه ينجح في إقناعهم بأن هدفه الأساس هو تعليمهم طريقة معاملة الناس وعدم الخجل أو الخوف من مواجهتم حتى يتمكن من الاعتماد عليهم في أمور أكبر في المستقبل. وتعليقاً على قصة الطفلين عبدالرحمن ويوسف، ترى مديرة مركز استشارة والأخصائية الاجتماعية الدكتورة فوزية أشماخ أن عمل الأطفال في البيع أمرٌ غير جيد، مشيرةً إلى أن منظمة حقوق الإنسان العالمية تعتبر هذه الممارسة ظاهرةً عالمية ومشكلة تستدعي الحل. واشترطت الأخصائية الاجتماعية لقبول فكرة عمل الأطفال في سن مبكرة أن يكون ذلك داخل محل ومن طريق ترخيص، معتبرةً أن عمل الأطفال في البيع والشراء بعشوائية ومن دون تنظيم يجلب انعكاسات سلبية قانونياً ونفسياً واجتماعياً. وأشارً إلى «أن الطفل لا يمانع لأنه يجد نفسه مستمتعاً بهذه الممارسات ولعدم تحمله للمسؤولية، مطالبة بالاتجاه عوضاً عن ذلك إلى تعليمه ما ينفعه من رياضة أو هوايات تنمي عقله وجسمه».