لم يمنع ارتفاع درجات الحرارة وطول مدة الصيام أمس الصائمين بالمدينةالمنورة من التجمع من بعد صلاة الجمعة، للحصول على "السوبيا"، المشروب الرمضاني لأغلب المجتمع المدينى. وعلى الرغم من تعدد محلات السوبيا بالمدينةالمنورة، غير أن سوبيا "الخشة" هو مراد الصائم مع كأس ثلج، لإطفاء لهيب الحر وشدة العطش. كما يعد مشروب السوبيا الشعيري عنصرا أساسيا في مائدة الإفطار لدى عائلات المدينة. "الوطن" التقت صالح الخشة، الذي ورث المهنة عن أبيه عن جده، فأكد أنهم مستمرون في تزويد مجتمع المدينة بالسوبيا، حيث يخصص الفترة الصباحية للتجار والوكلاء، ويخصص فترة ما بعد الظهر للجمهور، وفي بعض الأحيان، يوكل أحد التجار واحدا من المتجمهرين في الطابور لشراء كمية من السوبيا لإعادة بيعها بسعر إضافي. ووفقا لصالح، فإن سوبيا الخشة تُستهلك بمعدل 2000 إلى 3000 لتر يوميا، تذهب إلى الموائد الرمضانية في منازل المدينة. وعن مكونات السوبيا، يقول إنها تتكون من الشعير المديني، الذي يغربل ثم ينقّى ويطحن، ثم يعجن ويصفّى، ثم يترك للتخمير، لتضاف إليه القرفة والهيل، وتعاد تصفيته من جديد، ثم يضاف إليه السكر بمقادير محسوبة بعناية. وكان صالح قد تولى مهمة الحفاظ على اسم عائلته المرتبط بالمشروب الشعبي منذ 30 عاما، والذي ورثه عن والده الذي تولى هذه المهنة عن الجد، بما يسجل للعائلة أكثر من 45 عاما في صناعة السوبيا. ولمواجهة عمليات الغش والتقليد، حرص صالح على تسجيل "سوبيا الخشة" كاسم وعلامة تجارية، كما حرص كذلك على اختيار وكلاء محدودين، يعلن عنهم بوصفهم باعة معتمدين للسوبيا التي يطلبها الزبائن. ومنذ بداية رمضان، تشهد هذه السوق إقبالا كبيرا، مما يصعب على البعض الحصول عليه نتيجة ذلك الازدحام، وهو ما دفع بعض العمالة لممارسة بيع السوبيا، فنشأت سوق سوداء لها تبيع بسعر يزيد على سعرها لدى الموزع الوحيد لمشروب "الخشة". ورغم أن موقع بيع السوبيا في طريق قربان، وعلى مقربة من المسجد النبوي الشريف، حيث يتجمهر العشرات منذ صلاة الظهر وحتى وقت قريب من موعد الإفطار، للحصول على نصيبهم من السوبيا، فإن العبوة الواحدة تباع في كيس بلاستيكي سعته لتر واحد بسعر خمسة ريالات، وتُباع بلونين هما الأبيض والأحمر، ويختلف أحدهما عن الآخر في النكهة. ويضطر مرور المدينةالمنورة إلى تكثيف الدوريات لتحريك عجلة المركبات المزدحمة حول محل السوبيا. وفيما بدا الفرح على محيا المواطن محمد العلوي الذي استطاع الحصول على مشروبه المفضل مع الإفطار، قال: لا أعرف سر مذاق مشروب السوبيا مع الإفطار، رغم مرور أكثر من 15 عاما على تناوله كل رمضان. وأكد العلوي أنه يحرص على الحضور مبكرا إلى محلات بيع السوبيا خاصة في الأيام الأولى من الشهر، مشيرا إلى أن ارتفاع الحرارة أمس لم يمنعه من الزحام من أجل الفوز بكيس سوبيا.