الإعلام السعودي ومع عصر الانفتاح الإعلامي العالمي ومع برنامج الإصلاح الداخلي الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين، يقوم وخاصة المطبوع منه بدور فعال لكشف أوجه القصور والفساد والتجاوزات غير النظامية التي قد تحدث في بعض الجهات الرسمية، ولكن الفارقة الغريبة العجيبة ان تلك الجهات التي تتعرض للنقد الإعلامي سواء من خلال أعمدة الكتاب اليومية أو من التحقيقات والأخبار عن بعض التجاوزات لا تهتم بما يكتب عنها في الإعلام، وكأن الإعلام فقد أهميته في الدور الرقابي، أو أن الفساد استشرى إلى درجة إن المفسدين لا يهتمون بمثل هذه الأمور ويعتبرون الرد على انتقادات الصحافة هو مضيعة للوقت. الكل منا يتذكر قبل سنوات مضت وعلى رغم أن الإعلام كان ضعيفاً ومحاطاً بالقيود في نقد الأجهزة الرسمية إلا انه كان يكشف على استحياء أوجه الفساد في وزارات وأجهزة رسمية، وكانت تلك الوزارات وعلى أعلى المستويات قد تصل إلى الوزير ترد، وتتعاطى بجدية مع ما يكتب من نقد لتلك الوزارة. أما الآن فنجد الصحافة المكتوبة تؤدي دوراً تصحيحياً وطنياً في هذا المجال ولكن نجد الصمت المطبق من مسؤولين لدينا في قضايا قد تشغل الرأي العام، في مثل هذا الفراغ الرسمي في الرد والتوضيح على ما يحدث بالواقع والتعاطي معه بواقعية إعلامية نجد أن الإشاعات تنتشر وقد تضر بالدولة بشكل عام، وللدلالة على عدم الجدية في الرد على ما يكتب من نقد في الصحافة المحلية نجد أن إدارات العلاقات العامة والإعلام التي كان من أهم مهماتها في السابق متابعة ما يكتب عن الوزارة أو المنشأة التابعة لها والرد بموضوعية عن ما يكتب عنها وليس تلميع الوزارات أو المسؤولين فيها وهو ما يحدث الآن في مثل هذه الإدارات، فإذا تكرمت هذه الإدارات ونزلت من كراسيها الوثيرة فأن همها الأول هو تبرير القصور الذي أثار هذا الكاتب أو الصحافي. والغريب أن بعض هذه الإدارات يقال إن همها الأول أصبح دعوة الإعلاميين في رحلات داخلية وخارجية مدفوعة الثمن لشراء المواقف من بعض الإعلاميين حتى يسكتوا عن بعض الجوانب السلبية في تلك المنشأة. في اعتقادي أن مثل هذا الوضع أعطى الإعلام والصحافة الإلكترونية ميزة تسريب الإخبار والإشاعات عن بعض الجوانب السلبية في أجهزتنا الرسمية ولكن للأسف حتى هذا النوع من الإعلام لا يهتم بما ينشر عن قضايا الفساد في أجهزتنا الرسمية، لأن مثل هذا الإعلام لم يؤسس لأرضية في الصدقية لدى البعض للأسف، فيتم التعاطي معها على أنها مواقع غير معروف من يقف وراءها وتهمل تلك الأجهزة الرسمية المواضيع التي تنشر في بعضها على رغم أن الغالب منها يتعاطى بحس وطني وإنساني مع ما يحدث في مجتمعنا من أوجه قصور متعددة. أعتقد بأن سياسة السكوت و«التطنيش» لا تنفع الآن أو في أي وقت مقبل، فإظهار الحقيقة ومحاسبة المقصرين ونشر ذلك في الإعلام هو ما سيعزز صورة تلك الجهة المعنية وسيكرس المواطنة للجميع ويعزز روح الانتماء الحقيقي. في الأسابيع الأخيرة صرح وزير التربية والتعليم بأن وزارته ستقوم بالرد على ما ينشر في الإعلام عن وزارة التربية والتعليم خلال ثلاثة أيام، وهذه خطوة رائدة يجب أن تؤخذ بشكل جدي وليس للتبرير بل لإظهار الحقيقة، كما نتمنى أن تحذو الجهات الأخرى وخاصة ذات العلاقة المباشرة مع المواطنين هذا المنحى، وحبذا لو تتابع الجهات الرقابية لدينا سواء الرسمية أو منظمات المجتمع المدني ما ينشر في الإعلام في بعض القضايا التي تهم الرأي العام حتى تظهر الحقيقة. [email protected]