رفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس امس، العلم الفلسطيني فوق مقر السفارة الفلسطينية لدى لبنان، إيذاناً بتحول التمثيل الرسمي من مستوى ممثلية الى سفارة، في انتظار موافقة مجلس الامن في جلسة يرأسها لبنان في ايلول (سبتمبر) المقبل على تحقيق مطلب الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على ارضه تكون عاصمتها القدس، وهي أيام وصفها عباس من بيروت بأنها «ستكون أياماً صعبة ولكن مجيدة». وأعلن من امام السفارة ان «لا حاجة فلسطينية للسلاح، لأننا محميون بالحكومة والجيش اللبناني». وواصل عباس في اليوم الثاني لزيارته لبنان، محادثاته مع المسؤولين الرسميين، والتقى في مقر اقامته في فندق «الحبتور» عدداً من الاقطاب اللبنانيين، وأجرى محادثات رسمية ثنائية وموسعة في السراي الكبيرة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وشارك في المحادثات الموسعة عن الجانب اللبناني: وزير الخارجية عدنان منصور، وزير الداخلية مروان شربل، الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني السفير عبدالمجيد قصير ومستشار ميقاتي للشؤون الديبلوماسية زهير حمدان. وعن الجانب الفلسطيني شارك: عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، الناطق الرسمي للرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، مدير المخابرات ماجد فرج، المستشار الديبلوماسي للرئيس الفلسطيني مجدي الخالدي والقائم بأعمال السفارة الفلسطينية أشرف الدبور. وأكد ميقاتي «دعم لبنان لدخول فلسطين الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا سيما من موقع لبنان كرئيس لمجلس الأمن في أيلول المقبل، وكذلك رئاسة قطر للجمعية العامة». وأمل ب «أن تكون هذه الخطوة مناسبة لإيقاظ الضمير العالمي من سباته العميق تجاه القضية الفلسطينية»، وشدّد على «أن الحكومة اللبنانية ستبذل قصارى جهدها، وفي حدود الإمكانات المتاحة، لتحسين ظروف الحياة لأشقائنا الفلسطينيين المقيمين في لبنان، والعمل على تخفيف وطأة الظروف التي مر بها لبنان والتي انعكست عليهم وعلى شريحة غير قليلة من أشقائهم اللبنانيين داخل لبنان». رفع العلم على السفارة وانتقل وميقاتي الى مقر السفارة في محلة الجناح جنوببيروت، واستقبلا بالأهازيج والموسيقى، وحضر النائب علي بزي ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزراء ونواب وشخصيات. وبعد رفع العلم، أزاح عباس وميقاتي الستارة عن لوحة على مدخل السفارة تشير الى هذا الحدث. وألقى عباس كلمة عبَّر فيها عن سعادته وهو يرى العلم الفلسطيني «يرفرف في قلب لبنان والشعب اللبناني، ليكون رمزاً لدولة فلسطين في الدولة الشقيقة لبنان»، وقال: «سنذهب معاً مع لبنان الى الأممالمتحدة للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، وستكون هذه الأيام أياماً صعبة ولكن مجيدة، اذ سيغرز لأول مرة شعب فلسطين دبوسه على خارطة العالم بدعم كل الشعوب العربية والمسلمة وشعوب العالم، ولدينا حتى الآن 122 دولة تدعمنا للوصول الى هذا الهدف». وزاد: «لسنا مع التوطين بل مع عودة الفلسطينيين الى ديارهم، ولا نعتقد أن هناك حاجة فلسطينية للسلاح، لأننا محميون بالحكومة والجيش اللبناني، هذان امران سنبني عليهما مع إخوتنا في لبنان للوصول الى تفاهم وحل للمشاكل اليومية كافة، وهي ليست معقدة، وكلنا بإذن الله قادرون على حلها». وشارك عباس مساء في إفطار اقامه الرئيس ميقاتي على شرفه، والتقى بعدها رؤساء تحرير وسائل إعلام في مقر إقامته. أقطاب لبنانيون والتقى عباس في مقر اقامته قبل الظهر، رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل، وأوضح بيان للكتائب انه «جرى تبادل وجهات النظر في ما يتعلق بالتطورات الأخيرة المتوقعة في ما خص الموضوع الفلسطيني، وقدر الرئيس عباس موقف الرئيس الجميل من موضوع رفع التمثيل الفلسطيني في لبنان الى مستوى سفارة ووقوفه المستمر الى جانب القضية الفلسطينية، ومؤيداً موقفه من موضوع السلاح الفلسطيني، ومطالباً الدولة اللبنانية بتنفيذ مقررات طاولة الحوار بشأنه». وأمل الجميل في تصريح بعد اللقاء «ألاّ يعتمد الفيتو في جلسة مجلس الامن، لتتحقق امنية الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على ارضه وتكون عاصمتها القدس». وأكد ان «التفاصيل اللبنانية-الفلسطينية يجب ان تُبحث بين الطرفين، خصوصاً ان الجو هو جو ثقة متبادلة، ما يساعد على تبديد المخاوف»، لافتاً الى ان «المشاكل التي يعانيها لبنان والسلطة الفلسطينية تحتاج الى دعم المجتمع الدولي والأممالمتحدة». وأسف «لاعتماد فريق في لبنان طريق التصادم مع المجتمع الدولي». والتقى عباس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي اكد بعد اللقاء، رداً على سؤال، أن «من الطبيعي ان يكون الموقف اللبناني عرّاباً للفلسطينيين في مجلس الامن، باعتبار ان لبنان سيكون سبّاقاً في هذه الشأن». وشدد على انه «بقدر أهمية هذه العملية، مهم أن نبقى متمسكين بحق العودة للفلسطينيين، وهذا رأي يُجمع عليه الجميع، بدءاً من السلطة الفلسطينية وصولاً الى كل الفرقاء اللبنانيين، وبالتالي فإن الإخوة الفلسطينيين الموجودين في لبنان سيصبحون مواطنين فلسطينيين يتمتعون بوضع قانوني وليس مقيمين اجانب». ولفت الى انه «لكي يبقى حق العودة محفوظاً، وهذه نقطة مهمة، من الضروري إبقاء حق العودة مطلباً اساسياً». وكان عباس سمع من الرئيس اللبناني ميشال سليمان تأكيده «أهمية قيام الدولة الفلسطينية، كتعبير عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وأن تولي لبنان رئاسة مجلس الأمن، خلال شهر أيلول المقبل، واستمرار عضويته غير الدائمة في المجلس لغاية نهاية هذا العام، إضافة لرئاسة قطر للدورة المقبلة للجمعية العامة للامم المتحدة، ستشكل عناصر دعم مهمة للمسعى الفلسطيني الهادف، في هذه اللحظة التاريخية بالذات، الى اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين، والفوز بعضويتها الكاملة في المنظمة الدولية». وشدد سليمان على «أن الحل السياسي النهائي والعادل لقضية اللاجئين لا يمكن أن يأتي إلا من طريق الاعتراف بحق عودتهم، والحؤول دون توطينهم في الدول العربية المضيفة، وخصوصاً لبنان، استناداً الى ما نصت عليه مقدمة دستورنا، والمبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية». وعن السلاح الفلسطيني في لبنان، اشار سليمان الى ان «البحث قائم حول سبل تطبيق مقررات مؤتمر الحوار الوطني اللبناني عام 2006، وما أكدته بيانات هيئة الحوار الوطني منذ عام 2008، لجهة العمل على انهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ومعالجة قضايا الامن والسلاح في داخلها، بما يضمن أمن الدولة والمواطنين واللاجئين الفلسطينيين على السواء. ونحن ننظر إلى تعاونكم المستمر لتوفير الظروف المناسبة لتحقيق هذه الأهداف». وأكد عباس في كلمة له خلال مأدبة افطار اقامها رئيس الجمهورية «رفض مبدأ التوطين رفضاً قاطعاً»، وأكد «ان الفلسطينيين ضيوف موقتون خاضعون للقانون والسيادة اللبنانية وعلى رأس ذلك المخيمات الفلسطينية. ونحن لا نؤمن انه يوجد سلاح فلسطيني لحماية الفلسطينيين، وانما نحن بحماية الشعب اللبناني رئيساً وحكومة وبرلماناً وبالتالي لسنا بحاجة لهذه الاسلحة ولا نريدها لأننا نؤمن بأن لبنان، ارضاً واحدة وسيادة واحدة ودولة واحدة، له قيادته وسلطانه على كل اراضيه من دون استثناء». كما اجرى عباس ليل اول من امس، محادثات مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، وتركز البحث، بحسب مكتب بري الاعلامي على «التطورات الراهنة في المنطقة العربية والشؤون المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتوجه الى الاممالمتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل إضافة الى العلاقات بين الشعبين اللبناني والفلسطيني». وجدد عباس القول: «اننا ضيوف في لبنان وتحت القانون ولسنا فوقه ولبنان بلد واحد موحد له سيادته على كل شبر من ارضه وأولها المخيمات الفلسطينية. ما يقرره لبنان نحن معه وننصاع لتنفيذه بكل محبة، ولذلك فإن مسألة السلاح قلنا اكثر من مرة هي شأن يقرره لبنان ونحن علينا ان ننفذه دون ادنى شك، اياً كان هذا السلاح ولمن كان».