سألني الباحث والمحقق والمترجم السوري بسام عمقية – بوصفي- خبيراً بشؤون الفتوى- كخبراء الألغام والمتفجرات... ولا فرق بين الفتوى واللغم سوى أنها ذراع قولي واللغم ذراع فعلي، وإن شئت التفذلك أكثر، سأقول إن الفتوى هي «السوفت وير software» واللغم هو «الهارد وير hardware»... أمزح طبعاً-!!! سألني بسام عن العلة في زجر المرأة التي تضع عباءتها على كتفيها، مؤيداً الرغبة في السماح لزوجته الأميركية بوضع عباءتها على كتفيها. هرعت كما يهرع متداولو الأسهم إلى شاشات النت عند بدء السوق إلى كتب الفقه، فلم أجد ما يُشفي الغليل ويداوي صاحبي العليل. أطرقت، ثم أطرقت ثانية أخرى، فقفزت إلى ذهني مجلدات الفتاوى، وحاويات الأحكام الفقهية المعاصرة، ولم يخب «قفزي» أنا وذهني، فوجدت في «فتاوى البلد الحرام» عشرات الفتاوى عن إشكال وضع العباءة على الكتفين التي تُخالف «الشريعة»! ولم أرغب أن أكون بخيلاً في العلم، فقد صوّرتُ بعض تلك الفتاوى لصديقي بسام، وقلت- في نفسي طبعاً- لم لا أنشر هذه الفتاوى، لعلها تنفع، فالذكرى مازالت تنفع المؤمنين، و«المؤمنات» بطبيعة الحال! هذا سؤال من الأسئلة يقول صاحبه: «انتشرت بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة، وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرحة، والتي تكون زينة في نفسها، وهذه العباءة تلتصق بالجسم، وتصف الصدر وحجم العظام، ويُلبس هذا اللباس موضة... ما حكم هذا اللباس»؟ وقد أتت الإجابة من - أحد أعضاء هيئة كبار العلماء -سابقاً-، إذ يقول بعد مقدمة طويلة: «والجلباب هو الرداء الذي تلتفّ به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها، ومثله المشلح والعباءة المعروفة، والأصل أنها تُلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن... ولا شك أن بروز رأسها – أي المرأة- ومنكبها مما يلفت الأنظار نحوها، فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبّهاً بالرجال، وكان فيه إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه، مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين نحوها، وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة. وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور، ويُخاف دخوله في الحديث المذكور، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صنفان من أهل النار» إلى قوله: «ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مُميلاتٌ مائلاتٌ رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها». ومن باب تأكيد الحجز للإقلاع عن وضع العباءة على الكتفين، هذه فتوى ثانية لأحد أعضاء هيئة كبار العلماء،- الذين انتقلوا إلى رحمة الله-، عن حكم لبس العباءة بهذه الطريقة، إذ يقول -رحمه الله-: «كلما كانت العباءة أستر وأبعد عن وصف البدن كانت أولى، لأنه أبعد عن الفتنة، ووضع العباءة على الكتفين في الأسواق مُخالف لما كان عليه النساء من قبل، ولا يليق بالمرأة المؤمنة أن تتلقّف كل عادة واردة، لأن ذلك يؤدي إلى مسايرة ما يرِد من العادات، ولو كانت مخالِفة للشرع، وهذا خطر عظيم»! أعلم أن أصحاب الثقافات الواسعة، وحاملي الرؤوس الكبيرة سينظرون بعين «الشفقة» أو نظرة العطف، لأن القلم أشغل نفسه في قضية ليست ذا بال، ولا تحتمل المكانة الكبرى، فهي ليست قضية كشمير أو دارفور، أو «فضح المخطط الأميركي في المنطقة»، أو «التنديد بانتهاكات إسرائيل».. كل هذه وغيرها هي في نظر المثقف العملاق ما يستحق الكتابة والتحذير!