كان من المفاجئ رؤيتها على شاشة فرنسية، وأكثر من مفاجئ سماع كلماتها الغاضبة، وإدانتها لمن تسوّل له نفسه تعذيب شعبها. في النشرة الإخبارية الرئيسة على القناة الفرنسية الثانية «فرانس 2»، ظهرت الكاتبة السورية سمر يزبك لتحكي بالعربية مآسي مواطنيها، واصفة ما يلحق بهم من تعذيب، مدينة القمع الذي يتعرضون له. منذ أحداث حماة الأخيرة، عاد اهتمام الإعلام الفرنسي المرئي بما يجري في سورية، وإن كان اهتماماً لا يتجاوز عبارات سريعة ترافقها صور «هواة» عن انتشار الجيش ورجال أمن بملابس مدنية يتصيّدون المواطنين. ينطبق ذلك على المحطات العامة والإخبارية المختصة. كان من العسير قبلها لمن يريد معرفة ما يجري في سورية الاعتماد على القنوات الفرنسية، ولا يزال ذلك سارياً إنما حصل تغيير بعض الشيء مع تحركات الجيش المتزايدة ودخوله مدناً سورية، ومع تصاعد العنف، وللأسف مع ازدياد عدد الضحايا، فكلما ارتفعت نسبة هؤلاء ارتفع اهتمام وسائل الإعلام المرئية بالحدث. ويمكن القول الآن إن معظم النشرات الفرنسية تمر في شكل يومي ولو سريع على الأحداث في سورية، بخاصة إن كان ثمة ردود فعل دولية على ما يجري. وفي النشرات الإخبارية تجرى اللقاءات مع الشخصيات في شكل عام كتحقيق صحافي، وليس كحوار مباشر في الاستديو، بحيث لا يدع المونتاج التلفزيوني الأسئلة، بل تبث فقط إجابات المتحدث. الكاتبة السورية ظهرت بعد عرض النشرة المسائية لآخر التطورات في سورية، عرض تبعه اللقاء القصير معها. قصير، بيد أنه مكثف. تحدثت يزبك عن تلك «العصابة» التي تحكم البلد، عن «الفساد» المستشري، عن «تعب الناس من الأوضاع»، عما رأته من وجوه خضعت للتعذيب، وصفتها بأنها «تلك الوجوه المتورمة». كان الكلام عن كل ذلك بالنسبة اليها «ضرورياً» بل «واجباً»، وكان فضح الممارسات حقاً للسوريين عليها لأنه «أضعف الإيمان»، قالت إنها تركت كل هؤلاء الناس هناك، فيما هي الآن في فرنسا. كأنها لا تستطيع نسيان صورهم وكل ما يفعلون وما يفعل بهم، هي التي كتبت عن مشاهداتها في التظاهرات في ضواحي دمشق (نشرت في «الحياة»). أما حين سئلت في التحقيق التلفزيوني عن الخوف، وكان السؤال الوحيد الذي استطعنا سماعه بالعربية من المترجمة «خايفة؟»، أجابت أنها بالطبع «خائفة» حتى «وأنا هنا في فرنسا». كان من المستغرب لمشاهد فرنسي حضر اللقاء أن تكون خائفة «حتى» في فرنسا!