باريس، دمشق -»الحياة»، أ ف ب - أكدت فرنسا دعمها للمعارضة السورية مع اول لقاء علني في باريس بين وزير الخارجية ألان جوبيه ومسؤولين في المجلس الوطني السوري ابرزهم برهان غليون، إلا ان جوبيه قال خلال اللقاء ان قضية اعتراف فرنسا بالمجلس الوطني السوري «ليست مدرجة على جدول الاعمال لأن المجلس الوطني السوري لا يطلب هذا الأمر». وأمام الصحافيين، صافح جوبيه غليون وكذلك بسمة قضماني المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري الذي يعتبر الهيئة الأكثر تمثيلاً للمعارضة السورية، وذلك في مستهل لقاء نظمته الاوساط الثقافية الفرنسية لدعم المعارضة السورية. وقال جوبيه قبل المشاركة في اللقاء في مسرح الاوديون في باريس «انا هنا بدعوة من رئيس المجلس (برهان غليون) والسيدة قضماني للتعبير عن دعم فرنسا للشعب السوري الذي يناضل من اجل حريته وحقوقه الاساسية في شكل سلمي». وأضاف انه «امر رمزي ان تكون هذه الامسية مفتوحة امام الفنانين والباحثين والكتاب للتذكير بغنى التراث الثقافي والتاريخي لسورية». وأوضح جوبيه ان قضية اعتراف فرنسا بالمجلس الوطني السوري «ليست مدرجة على جدول الاعمال لأن المجلس الوطني السوري لا يطلب هذا الامر». وتابع: «سنتابع اتصالاتنا مع المعارضة السورية لمعرفة كيفية مواكبتها». وزاد: «فرنسا ستكون بجانب الشعب السوري في معركته من اجل الحرية ... فرنسا لم تتخل عن المواطنين السوريين ودافعت عنهم في صرح الاممالمتحدة»، وذلك على وقع تصفيق جمهور القاعة الذي علا هتافه حين اعلن عن وجود الوزير في القاعة. والحفل الذي اقيم تحت عنوان «سورية نحو الحرية - سهرة اعلام وتضامن»، حضره ايضاً رئيس الوزراء الاسبق ليونيل جوسبان وعدد من النواب ورؤساء البلديات والشخصيات الفرنسية الرسمية. كما حضر سفراء فلسطين في بروكسيل ليلى شهيد، وباريس نبيل الفاهوم، واليونسكو الياس صنبر، بينما غاب عنه بقية السفراء العرب. ونوه مدير المسرح المخرج والممثل اوليفييه بي الذي افتتح الحفل بكون مسرح الاوديون تحت ادارته يحتفي بالربيع العربي وحيث تم تقديم عدد من العروض المسرحية العربية في هذا الاطار في الاوديون. وعلى ايقاع قصيدة لمحمود درويش عن دمشق رافقتها اعواد الاخوة جبران استهلت انشطة الحفل التي تضمنت قراءات وموسيقى وكلمات لشخصيات مختلفة بينها كلمة لبرهان غليون. وركز غليون في كلمته على ان المجلس ولد بناء على الحاح المواطنين السلميين والناشطين في الداخل بعد اكثر من ستة اشهر من اندلاع الحركة الاحتجاجية. واشار فاروق مردم بك المثقف والمعارض السوري المقيم في باريس منذ سنوات طويلة والذي يرأس دار نشر «آكت سود» إلى ان «انشاء المجلس الوطني السوري خلق تحفظات وتساؤلات في وقت يضاعف النظام من عنفه ويحاول اغراق البلاد في حرب اهلية»، مطالباً بأن «نكون جميعاً وراء المجلس الوطني السوري في قلب معركة واحدة». وتحدث في الحفل ايضاً الوزير السابق جاك راليت الذي كان شارك في «نداء آفينيون» الذي صدر في 21 تموز (يوليو) خلال المهرجان المسرحي الشهير وأيدته يومها شخصيات مثقفة فرنسية ودولية. وقال: «بعد 90 يوماً على البيان فإن ما دفعنا كي نجتمع هنا هو مأساة يعيشها الشعب السوري»، مشدداً على سلمية الحركة الاحتجاجية السورية وعلى مطالبة المواطن السوري «بالكرامة اولاً» في احد الانظمة «الأكثر سلوكاً امنياً في العالم». وقال راليت الذي يعتبر من مطلقي هذه التظاهرة إن «الفن يمكن ان يقدم حرارة انسانية ودعماً لحماية المواطنين السلميين»، مشيراً الى ما تنص عليه شرعة حقوق الانسان لناحية ضرورة حماية المدنيين، ومؤكداً في جانب آخر ان «فلسطين تشكل جزءاً من ربيع العالم العربي». وتم خلال السهرة قراءة نص ورد في رواية القوقعة للكاتب خالد خليفة الذي قضى في السابق عشر سنوات في السجن في سورية. وقرأت الكاتبة سمر يزبك التي تحضر حالياً كتاباً يضم شهادات عن السجون السورية والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون فيها، مقاطع من شهادات جمعتها في سورية لتقوم بعدها الممثلة الفرنسية دومينيك بلان وتقرأها بالفرنسية. وذهبت سمر يزبك الى الميكروفون حاملة صورة كبيرة لغياث مطر الناشط السوري الذي قتل تحت التعذيب، مشيرة الى 88 شخصاً ماتوا تحت التعذيب في سورية من بداية الحركة الاحتجاجية. كما قرأت شهادة لناشط اعتقل مرتين وما زال في السجن. اما الكاتب والصحافي اللبناني الياس خوري فقرأ احد نصوصه بخصوص سورية بالفرنسية بعد ان ترجمته رانيا سمارة. وتدخل في الاخير الباحث في علم الاجتماع السياسي والاستاذ الجامعي ايمانويل واللون ليتناول ظاهرة الحركة الاحتجاجية في سورية ويدعو السياسيين في اوروبا لبذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين هناك. وتم كذلك خلال الحفل عرض اشرطة فيديو ساخرة تدل على الوضع في سورية رافقتها اغان ورسوم كاريكاتورية ساخرة احدها للفنان علي فرزات الذي تعرض للضرب المبرح في دمشق في 25 آب (اغسطس) ما ادى الى كسر اصابع يده اليسرى واصابته بكدمات خصوصاً في الوجه واليدين. وقد صفق الجمهور حين ظهرت صورته. وكما بدأت السهرة بالموسيقى واختتمت بالموسيقى ايضاً حيث ادت التونسية امينة عنابي اغنيتين للثورة والحرية. وقدمت الحفل الممثلة اللبنانية - السورية دارينا الجندي الى جانب المخرج مارسيل بوزوني. وزار اعضاء من المعارضة السورية في الداخل، بينهم الكاتب ميشال كيلو، باريس امس. وهؤلاء المعارضون هم اعضاء في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديموقراطي وقد شاركوا نهاية الاسبوع الماضي في استوكهولم في مؤتمر ضم ممثلين عن عدد من التيارات السورية المعارضة، بينها المجلس الوطني السوري الذي تم الاعلان عن ولادته رسمياً مطلع تشرين الاول (أكتوبر) الجاري في إسطنبول بهدف توحيد صفوف المعارضة ضد النظام. وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديموقراطي التي عقدت مؤتمرها العام في دمشق في 17 ايلول (سبتمبر) لم تنضم حتى الآن الى المجلس الوطني السوري. وهي تضم احزاباً قومية وكردية واشتراكية وماركسية اضافة الى شخصيات مستقلة، وترفض خصوصاً فكرة «التدخل الخارجي».