العرب يعشقون التاريخ، لكنهم أكثر من يزوّر فيه، يستشهدون بفتوحات ومآثر مضى عليها آلاف السنين، ولذلك يسيرون للأمام ورؤوسهم إلى الخلف، فيما تتوزع مصائبهم على الخريطة، يلمعون التاريخ ليصنعون المستقبل لكنهم يفاجأون بأنه غير صالح. ولعل ما يعزز من الفجوة بين التاريخ والمستقبل أن هناك من تطوّع لقراءته وتقديمه في قالب درامي ليتعرف عليه الجيل الجديد، من خلال مسلسلات، لشهر رمضان فيها النصيب الأكبر، بيد أن تلك الأعمال لاتخلو من هشاشة في طرق معالجة الفكرة، أو المبالغة المفرطة في الوقائع والأحداث والملبس، ما يضع المشاهد في حيرة بين ما قرأ ونقيضه مما يشاهده. من هنا كان ضعف نسبة كبيرة من هذه المسلسلات وعزوف الكثيرين عنها، لا سيما إذا شعر المشاهد بأن هناك تلاعباً في الأحداث أو توظيفاً لخدمة فكرة أو قضية أو قبيلة أو حتى طائفة، ما يجعل من ذلك العمل جدلياً بامتياز، عوضاً عن أن يكون ترفيهياً أو يقدم الفائدة للمشاهدين وبخاصة النشء منهم. وعلى رغم أن الكثير من الأعمال الدرامية لقصص تاريخية سقطت، إلا أنه لازال هناك من يغامر في اقتحام هذه المتلازمة الرمضانية التي تنعكس في شكل مباشر على الشارع، وينشأ عنها خلافات نكون غالباً شهوداً عليها. أزعجت هذه العبارات شهريار كثيراً، واستغرق دقيقة صمت على التاريخ، ثم تحدث بصوت عميق وهو يقول: أخبريني ياشهرزاد إذا كانت الأعمال مشكوكاً في صحتها، لماذا يتم شراؤها من الفضائيات؟ فأجابته على عجل، إنه «بيزنس» يا مولاي، فقال: هل أشاروا لي في مسلسلاتهم؟ فقالت، بعد أن بدأ الخوف يدب فيها وبتردد، في الواقع يا مولاي هم يذكرونك «بالخير»، لكنهم يشيرون إلى أنك «نسونجي» ومزواج، وأيضاً محب للطلاق، فغضب شهريار غضباً كبيراً وقال بعصبيته المعهودة: «ويحهم، أيعيرونني بالطلاق، ولديهم حال طلاق كل 6 دقائق؟ فقالت: اهدأ يامولاي، أنت جزء من تاريخ قديم، هم يقومون بالطلاق سعياً لمستقبل أفضل، وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وسكتت عن الكلام المباح. [email protected]