دعوني أؤكد أولاً أن التقرير التلفزيوني لقناة كاركول الكولومبية عن بعثة المنتخب السعودي للشباب هو محض افتراء واضح نعرفه نحن السعوديون بداهة، والذي ادعت فيه القناة بأن البعثة قد طالبت بإزالة الكنيسة من فندق كامبيستر الذي تقيم فيه وفق مصادر من ذلك الفندق. وهو ما اضطر إدارة كامبيستر للاعتذار الرسمي لاحقاً عن ذلك الادعاء وزال على إثره ذلك الإشكال المفتعل. ولكن دعوني أقول بأن تاريخنا السياحي مع دول الغرب وأقاصي الشرق بما في ذلك أميركا الجنوبية يحتمل الكثير من سوء الفهم أحياناً لتباين الثقافة الكبير بيننا وبينهم، ومن إحدى هذه الإشكالات التي خبرتها من خلال بعض أسفاري، تأتي مسألة المزاح أحياناً والتي تعد مصدراً رائجاً في سوء الفهم بين مجتمعنا ومجتمعهم. سأفترض هذا المشهد وكأنه قد حدث في بهو الفندق الكولومبي ولكم الحكم بعد تخيل هذه الفنتازيا، ولكم أيضاً حق الإجابة على هذا السؤال من خلال خبرتكم العريضة مع السفر: هل هذا المشهد التخيلي ( يأتي من بعضنا) أو ( يجي منا) أم هو مشهد بعيد جداً عن واقعنا السياحي؟ في المشهد ثلاثة من شباب البعثة في بهو الفندق، أحدهم يوصف من زملائه بأنه (منسّم) وبايعها وهو ما يزيده ( تميلحاً) كلما حانت فرصة للضحك. تمر عاملة الفندق أمامهم فتبتسم ابتسامة تقليدية وتسأل كالمعتاد: هل يروق لكم المكان؟ هل هناك أية ملاحظة أو إزعاج؟ فينبري (المتميلح) بالإجابة مشيراً بسبابته للأعلى، دلالة على الضبط والتمام ولكنه يومئ بعد ذلك باتجاه الكنيسة فيدير كفه يمنة ويسرة (باتجاه عقارب الساعة والعكس) إشارة إلى عدم رضاه المصطنع، فيضحك الآخران ويهمس أحدهما: الله يرجك. فتقول عاملة الفندق بجدية: هل تضايقك الكنيسة؟ فيجيب وسط تعالي ضحكات صديقيه: (very match) ويؤكد بأنه لم ينم البارحة (وضايق خلقه) من الكنيسة ويشير إلى عينيه الدامعتين بسخرية فتقول حينها بلغة إنكليزية ركيكة لا تفهم من البقية: حسناً، سأنقل وجهة نظركم لإدارة الفندق! مرة أخرى أؤكد أن هذا المشهد لم يحدث، ولكن وبالله عليكم ألم تشاهدوا مشاهد مماثلة لجماعتنا في ضواحي باريس وفي ردهات الجامعات الأميركية؟ أما ما أرجوه اليوم أن نضحك حقاً بعد فوز منتخبنا الشاب على كرواتيا بإذن الله. وهو ضحك لن يسيء فهمه أحد. [email protected]