طغت الذكرى السنوية الخامسة للحرب الإسرائيلية على لبنان على تعليقات وسائل الإعلام العبرية، فيما لم يتطرق إليها علناً أي من المسؤولين الحكوميين أو العسكريين الحاليين، باستثناء تصريحات أدلى بها وزير الدفاع إيهود باراك أول من أمس في جلسة مغلقة أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية حذر فيها من أن إسرائيل ستكون، بمختلف مناطقها، عرضةً لقصف صاروخي مكثف ويومي عشوائي في حال اندلعت حرب جديدة مع العرب. وقال باراك إن إسرائيل يمكن أن تُستهدف بما لا يقل عن خمسين طناً من المواد المتفجرة يومياً، لكنها قادرة على الرد بإطلاق 1500 طن من المواد المتفجرة يومياً وإصابة الأهداف بدقة. وأضاف أن الأمر يستوجب زيادة موازنة وزارة الدفاع لتمكينها من التزوّد بما يلزم من المنظومات المضادة للصواريخ المتعددة المدى، وهي منظومات «القبة الحديد» (القصيرة المدى التي أعلن الجيش أخيراً أنها دخلت الخدمة) و «العصا السحرية» (للصواريخ المتوسطة وهي قيد التطوير) و «حيتس» (السهم، وهو مشروع إسرائيلي - أميركي لاعتراض الصواريخ البعيدة المدى). وتابع أن ضعف نظام الرئيس السوري بشار الأسد قد يؤدي إلى ازدياد عمليات نقل الأسلحة والوسائل القتالية الموجودة بحوزته إلى «حزب الله»، موجهاً تحذيراً إلى لبنان بالقول ان «الحكومة اللبنانية ستتحمل المسؤولية الكاملة في حال تدهور الأوضاع بين إسرائيل وحزب الله»، مضيفاً أن إسرائيل سبق أن أبلغت الحكومة اللبنانية بهذه الرسالة. ويرى سياسيون وعسكريون سابقون ان أحد الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في حربها الفاشلة على لبنان يكمن في عدم ضرب المنشآت التحتية في بيروت وحصر الرد العسكري في المواقع الاستراتيجية ل «حزب الله». وقال رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً اللواء في الاحتياط غيورا ايلاند للإذاعة العسكرية أمس ان «في حال وقوع نزاع مع حزب الله في المستقبل سيتوجب على الجيش الإسرائيلي ضرب المنشآت الاستراتيجية للدولة اللبنانية، وليس فقط تلك التابعة لحزب الله». وكانت إسرائيل أجرت في الشهر الماضي أوسع مناورات للدفاع المدني حاكت تعرض الدولة العبرية إلى قصف صاروخي من مختلف الجبهات وإلى احتمال نزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من الشمال والمركز إلى الجنوب. وعرضت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مساء الاثنين لقطات قصيرة لوزير الدفاع المدني متان فلنائي وهو يشرف على إنشاء «مدينة من الخيام» قرب ايلات (جنوب) قادرة على استيعاب الهاربين من القصف. واتفق المعلقون في الشؤون العسكرية لدى عرضهم الأوضاع الحالية بعد خمس سنوات على الحرب، على أن الجيش الإسرائيلي استفاد من أخطاء تلك الحرب ليحسّن قدراته، بينما ضاعف «حزب الله» كميات الصواريخ التي في حوزته وتضاعفت قوته العسكرية والسياسية، وعلى أن الردع متبادل، «وبفضله عرفت الحدود خمسة أعوام من الهدوء المطبق، إذ يخشى حزب الله عواقب استفزاز إسرائيل بينما تخشى الأخيرة تعرض مدنها، بما فيها منطقة تل أبيب إلى قصف صاروخي مكثف». ورأى رئيس هيئة أركان الجيش إبان الحرب التي اضطرته إلى الاستقالة لاحقاً الجنرال في الاحتياط دان حالوتس أن «حرب لبنان الثانية» رسخت قواعد لعبة جديدة في الشرق الأوسط رغم أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق كل الأهداف التي وضعها. وكتب في موقع «يديعوت أحرونوت» أن قوة الردع الإسرائيلية «ثابتة وقوية»، مضيفاً أن انخراط «حزب الله» في الحكم في لبنان «يردعه عن الإقدام على أي تصرّف غير مسؤول». وزاد أن الجيش الإسرائيلي استخلص عبر تلك الحرب وبات «قوياً في شكل كاف» لمواجهة مختلف التهديدات المحتملة في المنطقة. ونقل المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي تقديرهم أن الأضرار التي تلقاها لبنان و «حزب الله» في الحرب الأخيرة، إضافة إلى الثورات في العالم العربي «تقلص احتمالات اشتعال الوضع من جديد على الحدود مع لبنان على الأقل في الفترة القريبة». ورأى أن أبرز «إيجابيات» الحرب إسرائيلياً تمثل في «عملية إعادة تأهيل الجيش ليكون مستعداً في شكل أفضل سواء من ناحية الرد العسكري على أي هجوم، أو من ناحية تهيئة الجبهة الداخلية لاحتمالات تعرضها لقصف صاروخي».