حرص أركان الدولة العبرية في ضوء قرارهم نشر منظومة «القبة الحديد» الجديدة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى امس، على خفض سقف التوقعات من هذه المنظومة بداعي أنها ليست عملانية بعد، وأنها في كل الأحوال لن تمنح حماية تامة لكل سكان جنوب إسرائيل، فيما شكك خبراء في الشؤون الاستراتيجية بجدوى تفعيل المنظومة لتوقعهم عدم نجاعتها فضلاً عن كلفتها العالية. وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في مستهل جلسة الحكومة أمس رسمياً عن نشر بطارية «القبة الحديد» بمحاذاة مدينة بئر السبع، كبرى مدن الجنوب، مضيفاً أنه لا يريد إيهام أحد بالقول إن المنظومة الجديدة ستوفر الرد الكامل والشامل. وأضاف أن المنظومة ما زالت في طور التجربة «وفي كل الأحوال لن يكون في مقدورنا نشر بطاريات صواريخ تحمي كل بيت وكل مدرسة وكل قاعدة أو منشأة، والرد الحقيقي على تهديد الصواريخ سيكون من خلال الدمج بين الوسائل القتالية، والردع من خلال وسائل دفاعية، والصمود المتين للحكومة والجمهور». وتتشكل البطارية التي طورتها شركة «رافائيل» التابعة للصناعات العسكرية الإسرائيلية، من منصات إطلاق وجهاز رادار ومنظومة ضبط ورقابة. وهي تستخدم صواريخ صغيرة موجهة بالرادار لتفجير صواريخ قصيرة المدى (أكثر من 4 كيلومترات وأقل من 70 كيلومترا) وهي في الجو، مثل صواريخ «كاتيوشا» وقذائف «القسام» وصواريخ «غراد» وقذائف الهاون. وبحسب وزارة الدفاع، فإن النظام الجديد قادر على التمييز بين الصواريخ الموجهة إلى مناطق مأهولة (ويعترضها)، وتلك الموجهة إلى مناطق مفتوحة ولا يعترضها، فيوفر بذلك تكلفة الإطلاق (عشرات آلاف الدولارات). والبطارية مصممة لجرها على عربة من موقع إلى آخر خلال وقت قصير. وأعلن مسؤولو الجيش أن المنظومة تحتاج الى أيام قبل إعلانها منظومة عملانية. وقال قائد جهاز الدفاع الجوي دورون غبيش أن منصات الإطلاق ستنشر في مناطق مختلفة في الجنوب «ونحن بصدد المرحلة الأخيرة من التجربة العملانية، وفي الأسابيع المقبلة سنتنقل بين عدد من المواقع في الجنوب لفحص النضوج العملاني للمنظومة». لكن خبراء عسكريين آخرين يعتقدون أن المنظومة لن تكون جاهزة قبل مرور اشهر. ويرى هؤلاء ان البطارية الواحدة قادرة على توفير مظلة دفاعية لمنطقة بمساحة مدينة متوسطة. وتقدر كلفة البطارية الواحدة نحو 280 مليون دولار. ويمتلك سلاح الجو بطاريتين فقط من شركة «رافائيل»، علماً أن الرئيس باراك اوباما أعلن قبل أشهر منحة بمبلغ 205 ملايين دولار لتمويل المشروع. وتحتاج المنطقة الجنوبية لإسرائيل إلى 13 بطارية لتوفر الحماية التامة لكل المنطقة. وتنتظر إسرائيل مزيداً من الدعم المالي الأميركي لشراء المزيد من البطاريات. ولم يتقرر بعد أين ستنصب البطارية الثانية ومتى، غير ان ثمة تقديرات بأن سلاح الجو لن يتسرع في نصبها في الجنوب تحسباً لتطورات على الحدود الشمالية (لبنان)، مع التذكير بأن فكرة بناء المنظومة الجديدة ولدت في أعقاب الفشل الإسرائيلي في اعتراض آلاف الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى التي أطلقها «حزب الله» خلال الحرب على لبنان العام 2006. وثمة من يعتقد بأن النظام الجديد معدٌّ أساساً لحماية قواعد عسكرية محاذية للحدود مع كل من لبنان وقطاع غزة، وليس للبلدات الإسرائيلية. وسبق لقائد «الجبهة الشمالية» في الجيش اللواء غادي آيزنكوت أن صرح بأن المنظومة وجدت للدفاع عن مواقع استراتيجية وعسكرية. واستبقت مصادر أمنية احتمال عدم نجاح المنظومة الجديدة في اعتراض القذائف الصاروخية بالإعلان أن المنظومة ليست جاهزة تماماً بعد لتعمل في شكل كامل، وأن نشرها «سيوفر حماية جزئية فقط». وتختلف هذه التصريحات مع إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل أكثر من شهرين بأن النظام نجح للمرة الأولى، خلال اختبارات متتالية، في إسقاط صواريخ عدة في وقت واحد. وتخشى إسرائيل من أن يتسبب فشل المنظومة في إلغاء صفقات دسمة أُبرمت بالأحرف الأولى مع عدد من دول العالم، بينها الهند وسنغافورة لشراء هذه المنظومة.