التقت وزيرة التعليم العالي في سلطنة عمان راوية البوسعيدي مع وزير القوى العاملة عبدالله البكري ومجموعة من كبار المسؤولين المعنيين بالتعليم العالي والتقني ورؤساء جامعات وكليات عامة وخاصة لتدارس أوامر السلطان قابوس القاضية بتوفير مقاعد إضافية لخريجي التعليم العام، في ظل توجه حكومي بوجوب فتح أبواب الأمل أمام الشباب من تعليم وتوظيف. وجاءت المبادرة تحت ضغط مطالب شبابية لم تخل من عنف عرفتها عمان لأول مرة في تاريخها الحديث عندما احتج الشباب على أوضاعهم مطالبين حكومتهم بفرص تعليم وتوظيف، وتحسين أوضاعهم المعيشية، فيما الغلاء يغتال أحلامهم بغد أفضل، والبطالة تحولهم إلى أرقام هامشية في مجتمع نفطي تلاحقه اتهامات الفساد وتهميش أحلام الشباب. ومنذ خرجت الاعتصامات الاحتجاجية كان المطلب الأبرز وجود جامعة حكومية ثانية توفر الفرص أمام الشباب الباحث عن مقعد دراسي يعفيه من العمل بشهادة الثانوية العامة في إحدى شركات القطاع الخاص التي تهيمن على وظائفها العمالة الآسيوية. وبالفعل جاءت الموافقة على إنشاء جامعة ثانية تضاف إلى الجامعة الحكومية الوحيدة (جامعة السلطان قابوس) وانفتحت أبواب التوظيف أمام خمسين ألف شاب، فيما منح الباحثون عن عمل مكافأة تقدر بنحو 400 دولار أميركي ريثما يتم العثور لهم على وظيفة تناسب مؤهلاتهم. وفي مؤتمر صحافي عقد للاعلان عن الخطوات الجديدة, أشارت وزيرة التعليم العالي إلى أن أوامر السلطان قابوس قضت «بتوفير 8500 بعثة دراسية داخل السلطنة وخارجها وسترفع عدد المقاعد الدراسية للالتحاق بالتعليم العالي على نفقة الحكومة إلى 28400 مقعد وهو ما يشكل زيادة نسبتها 43 في المئة مقارنة مع ما كان مخططاً له للعام الجامعي 2011-2012». وأكدت الوزيرة أنها ستفتح الأبواب أمام «الشباب العماني لتحقيق آمالهم وطموحاتهم كونهم ثروة هذا الوطن الذي يتوقع منهم أن يأخذوا دورهم في البناء والتجديد في مسيرة التنمية الشاملة». وفصّلت الوزيرة إحصاءات مركز القبول الموحد التي تشير إلى أن عدد الطلبة المسجلين من خلال نظام القبول الموحد حتى الأول من شهر حزيران (يونيو) الماضي بلغ حوالى 51 ألف طالب وطالبة، ومن المتوقع أن تصل نسبة الاستيعاب بالتعليم العالي على نفقة الحكومة إلى 57 في المئة من مخرجات الديبلوم العام، مقارنة مع 35 في المائة للعام الماضي. وتمكنت وزارتها من رفع عدد المقاعد للعام 2011-2012 إلى حوالي 20 ألف مقعد مقارنة مع 14865 مقعدا في ايلول (سبتمبر) 2010، بزيادة قدرها 34 في المئة. وارتفعت البعثات الخارجية 15 ضعفاً اذ كان التوجه الحكومي بتوفير 45 بعثة إضافية للعام الجامعي 2011-2012 فوصل إجمالي عدد البعثات إلى 105، إلا أن السلطان قابوس أمر بتوفير 1500 بعثة خارجية كاملة، وقالت البوسعيدي ان وزارتها ستقوم بإرسال الطلبة للدراسة في عدد من الجامعات في الدول الأوروبية مثل ألماني، فرنسا، النمسا وغيرها من الدول التي تعد الرسوم الدراسية فيها منخفضة مقارنة بالدول الأخرى وذلك بغية تغطية تكاليف أكبر عدد ممكن من الطلبة، مشيرة إلى نوعية التخصصات التي ستكون: الهندسية بأنواعها، التقنيات الحديثة، الطبية، القانون والعلوم الجنائية، موارد الطاقة، اللغات والترجمة، العلوم الإدارية التخصصية التي تلبي حاجات قطاعات العمل. وفتحت أبواب البعثات الداخلية المدعومة من قبل الدولة، فارتفعت بنسبة 165 في المئة عن الموجود في الخطط السابقة، وأوضحت البوسعيدي أنه سيتم توزيع هذه البعثات على مؤسسات التعليم العالي الخاصة وفق أسس وضوابط محددة منها حاجة سوق العمل، ورغبة الطالب في التخصص، واستجابة المؤسسات للملاحظات الواردة في تقارير الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي، وملاحظات الزيارات الميدانية لوزارة التعليم العالي، والطاقة الاستيعابية، وجاهزية المباني والمرافق والبنى الأساسية، ونوعية التخصصات المطروحة في هذه المؤسسات، مشيرة إلى التنسيق مع وزارة القوى العاملة، والجهات الحكومية التي تشرف على المشاريع التنموية الكبيرة في مجال النقل والاتصالات والموانئ والسياحة لمعرفة التخصصات التي تلبي حاجاتها الحالية والمستقبلية. أما وزير القوى العاملة عبدالله البكري (وهو أحد أبرز الوزراء الشباب) فتحدث عن دور وزارته في فتح الفرص أمام القوة الجديدة في المجتمع العماني، فمع مطلع العام الدراسي المقبل ستعرف كليات التعليم التقني رفع الطاقة الاستيعابية بقبول ألفي طالب إضافي «ليصبح عدد الذين سيتم قبولهم 10500 طالب وطالبة من خريجي التعليم العام للالتحاق بالكليات وعلى دفعتين الأولى في أيلول (سبتمبر) 2011 والثانية في كانون الثاني (يناير) 2012 لإعدادهم وتطوير مهاراتهم بالشكل المناسب الذي يلبي الحاجات الفعلية لسوق العمل من القوى العاملة المهنية والتقنية». وركز البكري على حرص وزارته «على توفير القوى العاملة المدربة والمؤهلة مهنيا للالتحاق بسوق العمل من خلال إنشاء عدد من مراكز التدريب المهني التي يتم تطويرها بشكل مستمر عبر تحديث برامجها والتوسع في طاقتها الاستيعابية وتخصصاتها التدريبية والمستويات المهنية لمخرجاتها، إضافة الى معهدي تأهيل الصيادين ليصبح عددها سبعة مراكز ومعاهد تدريبية». وكان عدد الملتحقين بهذه المراكز ارتفع من 1841 متدرباً في العام الدراسي 2001 - 2002 الى 4364 متدرباً ومتدربة في العام الدراسي 2010- 2011 بمعدل نمو مقداره 10 في المئة سنوياً في 16 تخصصا موزعاً على مهن الكهرباء والالكترونيات والميكاترونيكس والتبريد والتكييف والميكانيكا والسيارات والانشاءات والنجارة والمهن الزراعية والتنمية السمكية والاستزراع السمكي والبناء وإصلاح السفن. وأوضح وزير القوى العاملة آليات القبول الجديدة بموجب التوجه لرفع أعداد الشباب الداخل في مجالات التدريب المهني، إذ سيتم في العام الدراسي 2011 2012- قبول 2500 متدرب ومتدربة. وأشار إلى ان الحكومة تنفذ برنامجا تدريبيا آخر مقترنا بالتشغيل في القطاع الخاص باسم «برنامج المشروعات الوطنية للتدريب» يهدف الى تلبية حاجات منشآت القطاع الخاص من القوى العاملة في المجالات الفنية والإدارية والحرفية ووصل عدد المستفيدين منه منذ بداية عام 2001 وحتى نهاية مايو 2011 إلى 34433 متدربا ومتدربة.