تسعى مصر إلى الانتهاء من مشاريع التنمية في سيناء خلال السنوات الأربع المقبلة، لملاحقة ترتيبات إقليمية تستعد مصر لمواجهتها، حتى لا تكون مطمعاً لأحد، خصوصاً بعد تناول تقارير غربية خططاً لتوطين الفلسطينيين في سيناء. وتولي القيادة السياسية في مصر تنمية سيناء أولوية قصوى للانتهاء من تلك المشاريع قبل عام 2022، فيما وضعت الحكومة خطة بكلفة 275 بليون جنيه (الدولار يعادل نحو 17.5 جنيه)، طلب الرئيس السيسي إنجازها في غضون 4 سنوات على الأكثر، معتبراً أن «تنمية سيناء مسألة أمن قومي لمصر بالدرجة الأولى». ويُنتظر قرب إطلاق مشاريع التنمية في شمال سيناء، في أعقاب انتهاء العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» التي قال الجيش إن من ضمن أهدافها تهيئة البيئة في سيناء لبدء عملية التنمية، إذ تعمل مصر الآن في 290 مشروعاً انتهى منها 134 مشروعاً، لكن المشاريع التي تتم في مناطق العمليات في شمال ووسط سيناء تشهد بطئاً في إنجازها بسبب العمليات العسكرية. وتسعى مصر لمجاراة ما يحاك في المنطقة سريعاً قبل أن تجد نفسها طرفاً في أي ترتيبات إقليمية تدخلها في صراعات أو مواجهات، وهو ما أكده السيسي خلال تدشينه مقر قيادة شرق القناة لمكافحة الإرهاب الشهر الماضي أنه لن يسمح لأحد أن يطمع في سيناء، لافتاً إلى أن ذلك لن يتحقق بالقوة ولكن بالبناء والتعمير، مشيراً إلى أن مصر لن تنفق كل هذه الأموال لتنمية سيناء لتعطيها لأحد آخر في النهاية. وتخطط مصر لإسكان 8 ملايين مواطن مصري وتوفير 3 ملايين فرصة عمل عام 2052، على أن تكون المرحلة الأولى من المخطط توفير 1.2 مليون فرصة عمل وتسكين 3.5 مليون نسمة عمل حتى عام 2027، وشاركت وزارة الإسكان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في تنفيذ وإنشاء مئات الآلاف من الوحدات السكنية في سيناء خلال العامين الماضيين، على رأسها مدينة رفح الجديدة التي بدورها وفرت آلاف الوحدات السكنية، وتم إسكان الأسر التي تم تهجيرها في رفح المصرية بعد إقامة مصر لمنطقة عازلة على الحدود، وبات من المؤكد أن تكثف وزارة الإسكان والهيئة الهندسية من جهودهما في إنشاء المدن الجديدة خلال الأعوام الأربعة المقبلة لتنفيذ المخطط المصري بتعمير سيناء بأكبر كثافة سكانية ممكنة. وانتهت الهيئة الهندسية خلال العام الماضي من حفر 18 بئراً سطحية وعميقة، إضافة إلى رفع كفاءة 27 بئراً بنسبة تنفيذ 100 في المئة، في مناطق الشيخ زويد ورفح ونخل والحسنة وتنفذ في الوقت الحالي محطتين لتحلية مياه البحر في مدينتي العريش والشيخ زويد بطاقة إنتاجية 5 آلاف و10 آلاف متر مكعب في اليوم، بنسبة تنفيذ بلغت 75 في المئة، كما يتم حالياً التخطيط لتنفيذ محطة أخرى بمنطقة شرق بورسعيد بطاقة 150 ألف متر مكعب في اليوم. وانتهت الهيئة الهندسية من إنشاء 12 مدرسة و4 إدارات تعليمية في مناطق العريش ونخل وبئر العبد والحسنة، بالإضافة إلى رفع كفاءة 9 مدارس ومعهد أزهري في الشيخ زويد ورفح والعريش بنسبة تنفيذ 100 في المئة ، كما أنشأت 3 مستشفيات مركزية متكاملة في بئر العبد ورفح ونخل، تم الانتهاء منها بنسبة 95 في المئة، وجارٍ تطوير ورفع كفاءة مستشفيين بالعريش والشيخ زويد بنسبة تنفيذ 90 في المئة ، وتطوير ورفع كفاءة 10 نقاط إسعاف وإنشاء 4 نقاط إسعاف جديدة ومخازن للأدوية في العريش، فيما استصلحت مصر مساحة 13 ألفاً و680 فداناً في بئر العبد. وربطت الهيئة الهندسية بين كوبري السلام ومنطقة سرابيوم بطول 42.5 كلم وجارٍ تنفيذ المرحلة الثانية من جنوب بورسعيد وحتى كوبري السلام بطول 50 كلم ومن المخطط تنفيذ المرحلة الثالثة من منطقة سرابيوم حتى نفق الشهيد أحمد حمدي في السويس بطول 52 كلم، ويتم حالياً رفع كفاءة شبكة الطرق الداخلية المؤدية للمدارس والمستشفيات في مدن العريش والشيخ زويد ورفح، إضافة إلى قرب الانتهاء من تطوير مطار المليز المدني في شمال سيناء. وشكل السيسي منذ أيام لجنة حكومية رفيعة المستوى برئاسة مساعده للمشاريع التنموية إبراهيم محلب تُشرف على طرح أراضي سيناء لتنفيذ مشاريع تنموية، في خطوة تنفيذية تشير إلى بدء دخول مخطط تنمية شبه جزيرة سيناء حيز التنفيذ. وحاولت العناصر والتنظيمات الإرهابية في سيناء استهداف المشاريع القومية والتنموية في سيناء لإجهاض مخطط التنمية المصرية في شبه الجزيرة خصوصاً في شمال سيناء، إذ تمركزت أغلب عملياتهم في المنطقة من العريش غرباً إلى رفح شرقاً، في محاولة منهم لتفريغ شمال سيناء من المواطنين لكي تظل منطقة عازلة غير مأهولة بالسكان وتكون منطقة للكر والفر، إذ لم تستطع تلك التنظيمات الإرهابية من تنفيذ عملياتهم الإرهابية بشكل مكثف في المنطقة المركزية لكثافتها السكانية. وواجه الجيش المصري تلك المحاولات التي تستهدف المصانع والمشاريع بقوة عن طريق التأمين المكثف في محيط المصانع والمشاريع الموجودة في شمال ووسط سيناء، إضافة إلى انتشار المكامن الثابتة والمتحركة في على الطرق المؤدية لتلك المصانع، خصوصاً بعد أن استهدف مسلحون في سيناء في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي مصانع تابعة للجيش المصري، إذ أطلق مجهولون قذائف هاون على مصنع المواد الغذائية في منطقة (أبوشنار) على ساحل البحر المتوسط في مدينة رفح في شمال سيناء، وعندما فشلوا في الاستمرار في استهداف منشآت الجيش حاولوا استهداف العاملين في تلك المصانع وقتل تنظيم «داعش» 9 سائقين في شمال سيناء بعدما استهدفوا شاحناتهم، من طريق وضع حواجز في طريق الحسنة– بغداد في وسط سيناء، وأوقفوا 5 شاحنات تعمل لمصلحة أحد مصانع الأسمنت الكبرى في المنطقة والتابعة للجيش، وأجبروا السائقين على النزول تحت تهديد السلاح، وبدأوا في إشعال النيران بالسيارات ولما حاول السائقون منعهم، باغتتهم العناصر الإرهابية بإطلاق الرصاص صوبهم فقتلوا جميعاً، وأشعلوا النيران بالسيارات ولاذوا بالفرار. وأطلقت القيادة العامة للجيش المصري العملية الشاملة «سيناء 2018» في 9 شباط (فبراير) الماضي لمواجهة العناصر الإرهابية، على كل الاتجاهات الاستراتيجية، بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية للدولة المصرية، وتطهير المناطق التي يوجد بها العناصر الإرهابية، إذ تعلم القيادة السياسية في مصر أن التنيمة في سيناء لن تتحقق في ظل وجود عناصر إرهابية على أراضي سيناء، ولا بد من القضاء نهائياً على تلك العناصر. وتعاني سيناء من قلة الكثافة السكانية، إذ لم يتعد عدد سكان شبه جزيرة سيناء 500 ألف نسمة، وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في كانون الثاني (يناير) الماضي. وقال شيخ قبيلة الرميلات في شمال سيناء عيسى الخرافين ل «الحياة»، إن مشاريع التنمية في سيناء ينتظرها أهالي سيناء منذ عشرات السنين، مشيراً إلى أن أبناء سيناء في حاجة إلى تلك المشاريع لتوفير فرص عمل لرفع مستوى معيشتهم، إذ يتمنى استمرار مشاريع التنمية في سيناء ولا يعيقها أي شيء في المستقبل. وأكد الخرافين أن الدولة لديها رغبة حقيقة في تنمية سيناء في كافة المجالات، وأن المشاريع التي تتم في شرق قناة السويس والأنفاق التي تم حفرها هي الدليل على صدق السيسي في تنمية وتعمير سيناء. لافتاً إلى دور القبائل في سيناء في دعم الجيش المصري في حربه ضد العناصر والتنظيمات الإرهابية بالمعلومات، مؤكداً أن مواطني سيناء عانوا على مدار العقود الماضية من التهميش وعدم الاهتمام وحان وقت تعويضهم.