انتقل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، إلى شمال سيناء، بعد أيام من اشتباكات جرت بين قوات الجيش ومسلحي تنظيم «أنصار بيت المقدس»، في خطوة بدت بمثابة «رسالة» تؤكد أن سيناء في قبضة الجيش. وتعهد السيسي «الانتصار على قوى الإرهاب، والتصدي لمن يروع المصريين»، معتبراً أن الغرض من أحداث ضاحية الشيخ زويد كان «النيل من كرامة مصر وشعبها»، ولفت إلى أن الهجمات الإرهابية تم «التخطيط لها في الخارج»، مشيراً إلى أن الجيش «أحبط مخططاً كبيراً ... العالم بات مدركاً أن مصر هي عماد ودعامة الأمن والاستقرار في المنطقة». وظهر السيسي في سيناء مرتدياً البدلة العسكرية المخصصة للقتال الميداني، وذلك للمرة الأولى منذ استقالته من الجيش للترشح لمنصب الرئاسة، في رسالة دعم واضحة منه للمؤسسة العسكرية تقديراً للتضحيات التي قدمتها بعد الأحداث التي وقعت الأربعاء الماضي وراح ضحيتها ما لا يقل عن 17 عسكرياً. وتفقد السيسي قوات الجيش في شمال سيناء، وزار مكامن عسكرية، وشرطية، وتفقد مركز عمليات شمال سيناء واستمع إلى شرح تناول سير العملية، كما تفقد أسلحة وذخائر تم ضبطها خلال المداهمات. والتقى الرئيس المصري بمجموعات من قوات الجيش في مدينة العريش (شمال سيناء)، وحرص على أداء التحية العسكرية لهم، داعياً إياهم إلى الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء والمصابين، وأوضح أن ارتداءه الزي العسكري يأتي «تقديراً لكم، واحتراماً لكم، وتكريماً لكم». وقال السيسي موجهاً حديثه إلى قوات الجيش: «الزيارة تأخرت، وكان لا بد أن آتي منذ زمن»، منبهاً إلى «حجم الجهد والتضحيات ليس فقط في الدفاع وتأمين سيناء، وإنما أيضاً القيام بدور عظيم التاريخ سيتوقف أمامه طويلاً، وسيسجل ما فعله وما قدمه الجيش من أجل مصر، ليس فقط تقديم شهداء وتضحيات وإنما أيضاً التنمية والتطوير والمساهمة مع الدولة في تحسين البنية الأساسية وقدارتنا ومشاريع التنمية المختلفة». وقال إن الجيش يقاتل في اتجاهين، الأول الحماية والتأمين والحفاظ على مصر وحدودها واستقرارها، والثاني في تنمية الاقتصاد المصري. وأضاف: «الدور الذي يقوم به (الجيش) في ظل ظروف صعبة تمر في المنطقة سيسجله التاريخ، جئت للاطمئنان عليكم، وأقدم الشكر على ما تفعلونه». ووجه السيسي حديثه إلى المصريين قائلاً: «لا تقلقوا أبداً، فلدينا رجال (الجيش) موجودون للحفاظ على بلدنا. لا يجب أن يكون لديكم شك في دور القوات المسلحة وتضحيات رجالها»، مؤكداً أن الوضع في سيناء «مستقر تماماً». وربط السيسي بين اغتيال النائب العام المصري والذي اعتبره «رسالة لإسكات المصريين بالتزامن مع ذكرى 30 يونيو» (التظاهرات ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013)، وبين أحداث الشيخ زويد الأربعاء الماضي، والتي كان الهدف منها «توجيه رسالة أنه بعد عامين من الإطاحة بحكم نظام ديني فاشي، يتم إعلان ولاية إسلامية في سيناء بالقوة، رفح والشيخ زويد تمثّل أقل من 1 في المئة من مساحة شبه جزيرة سيناء، إنما هو المعنى الذي يودون إرساله»، منبهاً إلى أن الأمر كان «معداً ومنظماً ومرتباً في شكل جيد وبالتعاون مع وسائل إعلام في الداخل والخارج». وأضاف السيسي أنه منذ بدء العمليات الإرهابية «كان لدي خبر بالأحداث، وكنت أتابع لحظة بلحظة وكنت مطمئناً أن العملية سيتم تصفيتها والتعامل معها، وهو ما حدث بالفعل»، مشيراً إلى «حجم الخسائر التي كبدها الجيش للمسلحين» والذين وصفهم ب «أهل الشر»، قائلاً إنها «تزيد على 200 عنصر». وأضاف: «صحيح أنه سقط من الجيش شهداء ومصابون، لكن هذه هي المهمة الوطنية الشريفة التي يقوم بها الجيش لحماية أرضه وشعبه ولا يمكن أن تتم هذه المهمة من دون ثمن يقدمه كل بيت مصري، فالشعب المصري من خلالكم يقدم ثمن الدفاع والحماية والحفاظ على بلدنا». في موازاة ذلك، أعلن تنظيم «أنصار بيت المقدس» الفرع المصري لتنظيم «داعش»، مسؤوليته عن الصواريخ التي أطلقت من شبه جزيرة سيناء أول من أمس على إسرائيل، وقال التنظيم، في بيان نشر على حسابات عدة على «تويتر» اعتادت نشر بياناته: «تم قصف المغتصبات اليهودية بثلاثة صواريخ غراد، لجرائمهم المتكررة والتي كان آخرها مساندتهم للمرتدين في غزوة أبي صهيب الأنصاري». وأعلن متحدث اسرائيلي في وقت سابق سقوط صاروخين بعد ظهر الجمعة في جنوب اسرائيل من دون اصابات أو خسائر. وأفادت مصادر طبية من جانبها، أن طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات قُتلت في سقوط قذيفة مجهولة المصدر على بناية يقيمون بها في قرية أبو طويلة جنوب مدينة الشيخ زويد (شمال سيناء)، فيما أصيبت أمها واثنان من أشقائها ونقلوا إلى مستشفى العريش لإجراء الجراحات اللازمة لهم. وأفادت مصادر أمنية أن حملة مداهمات تمت مساء أول من أمس مدعومة بغطاء جوي استهدفت عدداً من البؤر ومعاقل العناصر الخطيرة والمطلوبة للأمن جنوب مدينة الشيخ زويد أسفرت عن مقتل 70 من العناصر المطلوبة، ومن بين القتلى عناصر شديدة الخطورة وقيادات مطلوبة لأجهزة الأمن. وذكرت المصادر أن عمليات التمشيط التي قامت بها قوات التأمين في رفح والشيخ زويد والعريش أسفرت عن العثور على 5 عبوات ناسفة قامت القوات بتفجيرها من دون وقوع خسائر مادية أو بشرية.