قالت الخرطوم إن الرئيس الصيني هو جنتاو التزم الوقوف معها تجاه المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق الرئيس عمر البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور، و «دفع الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة إلى مراجعة علاقاتها مع السودان، الذي أوفى بكل التزاماته الداخلية، ما يجعل الركود والتجافي معها غير مبرر». ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن الرئيس هو جينتاو قوله، إن «الصين تتمسك بالسياسة الودية تجاه السودان، وهذه السياسة لن تتغير، بصرف النظر عن التغييرات الدولية أو الوضع الداخلي في السودان». ونقلت «شينخوا» أيضاً عن البشير، الذي وصف الرئيس الصيني بأنه «الصديق والأخ»، قوله إن السودان يأمل في أن يستمر الاستقرار بين الشمال والجنوب. وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي، في حديث بثته وكالة السودان للأنباء، إن البشير أجرى محادثات مع الرئيس الصيني في بكين أمس شملت مجالات التعاون المختلفة واتفاق السلام في جنوب البلاد وتطورات الأوضاع في دارفور وتطوير التعاون الاقتصادي في مجالات الزراعة والنفط والتعدين. وذكر أن الفترة المقبلة ستشهد «زخماً قوياً» للعلاقات السودانية - الصينية نتيجة لهذه المحادثات، وتعهداً قوياً من الجانب الصيني بدعم السودان في المحافل الدولية. كما أبدى مسؤول رفيع في حزب المؤتمر الوطني الحاكم ونائب رئيس البرلمان السوداني هجو قسم السيد، «امتناناً لدولة باكستان التي سمحت لطائرة الرئيس السوداني بعبور أجوائها في طريقه إلى الصين، بعد تعرض تركمانستان وطاجكستان لضغوط أميركية لاعتراض مرور الطائرة الرئاسية في أجوائهما». وكشف أن إيران اتصلت بباكستان، التي وافقت على عبور البشير أجواءها بعد رفض دولتي آسيا الوسطى مرور الطائرة السودانية. وكان البرلمان السوداني قال إن الكونغرس الأميركي دعا إلى تشكيل قوات خاصة لاعتراض طائرة الرئيس عمر البشير وتوقيفه أثناء زيارته للصين، وأكد أن سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية تجاه السودان ترتبت عليها أضرار «جسيمة وبالغة الخطورة». وتواترت تقارير تفيد بأن تركمانستان اقترحت مساراً جديداً قريباً من حدودها مع أفغانستان التي توجد فيها قوات الحلف الأطلسي، الأمر الذي أثار ريبة المسؤولين المرافقين للرئيس السوداني وأمروا الطائرة بعد ذلك بالعودة إلى إيران قبل مغادرتها مجدداً عن طريق باكستان. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين صينيين، أن المحادثات خلال زيارة البشير ستتطرق إلى انفصال جنوب السودان المزمع في التاسع من تموز (يوليو)، وهو انفصال سيؤدي الى فَقْد الخرطوم ثلاثة أرباع انتاج النفط للبلاد، الذي يبلغ نحو 500 ألف برميل يومياً. والصين من أكبر الدول المستوردة للنفط الخام السوداني، وترغب بشدة في ضمان أن انقسام السودان إلى دولتين لن يتحول الى صراع من شأنه الإضرار بالإمدادات ومصالح الصين لدى الجانبين. وخلال زيارة البشير لشركة البترول الوطنية الصينية العملاقة المملوكة للدولة، أشاد بدور الصين في استخراج موارد الطاقة ببلاده. وقال لجيانغ جي مين، المدير العام لشركة البترول: «شركة البترول الوطنية لم تقدم لنا النفط فحسب، بل أيضا السلام»، وذلك طبقاً لبيان نشر اليوم على موقع الشركة على الإنترنت. ووقّع البشير ونظيره الصيني اتفاقات لتعميق التعاون في مجال النفط والغاز، وللحصول على قروض بشروط تفضيلية بعد اجتماعهما لكن لم تذكر تفاصيل. وتقيم بكين علاقات مع الجنوب، لكنها مازالت واحدة من الدول الداعمة للبشير وأكبر مصدِّر للسلاح إلى الخرطوم. إلى ذلك، اقترحت الحكومة السودانية التوقيع على اتفاق سلام مع «حركة التحرير والعدالة» لإنهاء الحرب في إقليم دارفور قبل تاريخ التاسع من تموز (يوليو) المقبل، رغم وجود خلاف حول تعيين أحد أبناء دارفور في منصب نائب الرئيس. ومن المنتظر وصول مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين إلى الدوحة السبت المقبل لمناقشة تفاصيل مراسم التوقيع مع الوسطاء. وتقول الحكومة انها ترغب في الشروع في وثيقة الدستور الدائم بعد انفصال الجنوب. وقال رئيس الوفد الحكومي المفاوض أمين حسن عمر في تصريح، إن المشاورات جارية الآن لتحديد تاريخ توقيع اتفاقية السلام، وإنهم يرون ان يتم التوقيع قبل التاسع من تموز، على ان يحدد ذلك تبعاً لبرنامج البشير، الذي من المقرر ان يشهد مراسم حفل التوقيع. وكانت الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» أكدتا أمام «مؤتمر أهل المصلحة»، المنعقد في نهاية أيار (مايو) الماضي في الدوحة، رغبتهما في توقيع اتفاق سلام. كما كشف أمين حسن عمر النقابَ عن قبول الحكومة بتعيين نائب للرئيس من دارفور. إلا أن مستشار الرئيس، مسؤول ملف دارفور، غازي صلاح الدين أوضح ان نائب الرئيس سيعين فقط خلال الدورة الرئاسية الحالية، لتأكيد رغبة الحكومة في السلام، ولن يتم النص عليه في الدستور، كما تطالب به الحركات المتمردة في دارفور.