وصل الرئيس السوداني عمر البشير إلى العاصمة الصينية بكين، فجر أمس، متأخرا بنحو 24 ساعة عن موعده الذي كان مقررا سابقا في زيارة تستغرق أربعة أيام حيث أفادت تقارير أنه دخل المجال الجوي لباكستان لتجنب التحليق فوق تركمانستان. ونقلت صحيفة «سودان تريبيون» عن مصادر لم تسمها في الخرطوم قولها إن البشير عاد إلى إيران بعد أن أقلعت طائرته متجهة إلى بكين «بسبب مخاوف من أن مسار الرحلة ربما يجعلها تعبر فوق دول أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية التي سبق أن أصدرت مذكرة بتوقيف البشير». ونقلت الصحيفة في وقت لاحق عن مصادر دبلوماسية سودانية قولها إن طائرة البشير غيرت من مسارها مرة أخرى عبر الأجواء الباكستانية بعد أن ألغت تركمانستان تصريحها لطائرة البشير، واقترحت مسارا آخر. وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين بارزين برفقة البشير «أعربوا عن مخاوفهم» من أن تعديل المسار الذي اقترحته تركمانستان ربما يكون «مؤامرة لاعتقال رئيسهم». وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر اعتقادها بأن تركمانستان «تعرضت لضغط من الغرب» لمنع رحلة البشير، رغم أنها ليست من الدول الموقعة على نظام روما. وبعد أن حطت طائرة الرئيس في مطار بكين بسلام وسط استقبالات رسمية وشعبية، كشفت صحيفة «الانتباهة» السودانية في عددها الصادر، أمس، الأسباب الحقيقية لتأخر الطائرة على لسان نواب بالمجلس الوطني السوداني «البرلمان» أشاروا إلى مخطط كانت جهات أمريكية تعتزم تنفيذه عبر قوات خاصة لاختطاف الطائرة أثناء توجهها إلى الصين من إيران، وبالذات عندما تكون في سماء تركمانستان، ووصفوا المخطط ب«العمل اللا أخلاقي» وبأنه خرق واضح للقانون الدولي. وطالب المجلس بمراجعة علاقة الخرطوم بواشنطن في المجالات الأمنية والسياسية والإنسانية ووضع سياسة موحدة للتعامل مع أمريكا وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل. ونقلت الإذاعة السودانية في موقعها الإلكتروني، أمس، عن رئيس المجلس أحمد إبراهيم الطاهر قوله إن المجلس سيتخذ قرارا بهذا الخصوص بما يخدم أمن وسيادة البلاد، الأسبوع المقبل. وفي ذات السياق، قال حزب المؤتمر الوطني الحاكم إن تأخير وصول طائرة الرئيس بسبب ضغوط مورست على بعض الدول، وأكد أن وصوله إلى بكين يعتبر هزيمة لأمريكا. وألمح رئيس القطاع السياسي بالوطني قطبي المهدي لضغوط تمت على كثير من الدول لمنع الزيارة، وقال: «هناك دول لا تأتمر برأي الأمريكان». ويذكر أن الصين ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وتستثمر مليارات الدولارات في السودان، خاصة في مجال صناعة النفط. وسيشهد البشير التوقيع على اتفاقيات تشمل تطوير حقول إنتاج البترول الحالية بشمال السودان في مربعي « 2 و 4» في هجليج وبليلة بجنوب كردفان، بجانب شركات صينية ستدخل شريكا لتطوير الإنتاج بتكنولوجيا حديثة في مربع « 14» بمنطقة عوينات على الحدود مع ليبيا ومربع «9» بالجزيرة ومربع «13» بالنيل الأبيض. وأدى تأخر وصول البشير إلى إرباك جدول الزيارة، وجعل الجانب الصيني يقوم بتعديلات استثنائية فى مواعيد مقابلات المسؤولين الصينيين وإعادة ترتيب مسار الرئيس الزائر. وذكرت مصادر دبلوماسية أن اجتماع الرئيس الصينى مع البشير قد يتم اليوم. وكانت الصين رفضت الانتقادات الأمريكية بشأن زيارة البشير؛ مشيرة إلى أنها غير ملزمة بتسليمه لأنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونج لي أن بلاده «تحتفظ برأيها حول إجراء المحكمة ضد البشير، وأن دعوة رئيس دولة تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين إلى زيارتها أمر منطقي للغاية»، مشيرا إلى أن الرئيس السوداني «لقي استقبالا حارا في عدد من الدول التي زارها في الأعوام الأخيرة»