زار الرئيس السوداني، عمر البشير، الصين قبل أيام من غير أن تعوق حركته مذكرة توقيف صادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية جزاء أعمال التمييز العنصري التي أمر بها في دارفور السودانية. وأمنت الصين له الحصانة. فبكين تحصل على ثلثي نفط السودان البلد الذي يمنح شركاتها العملاقة لاستخراج الطاقة امتيازات كبيرة. وتتولى حراسة مواقع استخراج النفط فرق عسكرية صينية، ويعمل فيها صينييون يؤتى بهم من السجون. وزيارة البشير الصين شابتها بعض العراقيل والصعوبات. فهو مطلوب من المحكمة الدولية. ورفضت تركمانستان وطاجكستان عبور طائرته اجوائهما، فاضطرت الى عودة الى ايران. وإثر تفاهم صيني - ايراني، بلغت الطائرة بكين عبر الاجواء الباكستانية. والبشير الذي يحكم السودان منذ 22 سنة هو اول رئيس دولة تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه. ومنذ عام 2009 لم يسافر خارج افريقيا، وهو زار كينيا والتشاد وجيبوتي. ولكن المذكرة هذه لم تربك الصين. وهي سوغت احجامها عن اعتقاله بعدم توقيعها على ميثاق روما الذي يمنح المحكمة الدولية حقوقاً مميزة. والسودان هو الشريك التجاري الثالث للصين في افريقيا، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 8،6 بلايين دولار. والسودان يأتي بالمرتبة السادسة بين الدول المصدرة للنفط الى الصين. وشراكة الخرطوم مع بكين مهمة. فالصين لا تستورد النفط السوداني فحسب، بل وتصدر للسودان الأسلحة و تقدم القروض المختلفة. وفي الأشهر الأخيرة تعاظمت المخاطر التي تواجهها الصين في السودان. ففي 9 تموز (يوليو) 2011 الجاري، ينقسم السودان الى دولتين: واحدة عربية في الشمال وأخرى في الجنوب. و75 في المئة من النفط يقع في دولة الجنوب. ويفترض نقله الى الأسواق العالمية استخدام خط انابيب تمر عبر شمال البلاد الى البحر الأحمر. ولذا، تضطر بكين الى التقرب من الجهتين. والحق ان انفصال جنوب السودان عن شماله اصبح ممكناً بعد موافقة الصين، وهي تربطها علاقات حسنة بالجنوبيين وشيدت في الجنوب مستشفيين. ويبعث مصير العلاقات بين شمال وجنوب السودان قلق الصين. ولذا، يحاول الرئيس الصيني اقناع البشير بعدم زعزعة استقرار بلده. * صحافي، عن «كومرسانت» الروسية، 29/6/2011، اعداد علي ماجد