انعكس الجمود الذي أصاب عمل اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، بسبب صعوبة التوصل الى موقف موحد من البند المتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، تجديداً للسجال الداخلي حول الموقف من المحكمة، فكرر رموز قوى 14 آذار وقادتها، لا سيما كتلة «المستقبل» النيابية، التمسك بها باعتبارها موضوع إجماع في قرارات مؤتمر الحوار الوطني، مقابل تمسك «حزب الله» بعدم ذكر المحكمة في البيان الوزاري. ودعم رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون موقف الحزب قائلاً: «إذا لم يتضمن البيان الوزاري فقرة عنها فهل سيتوقف عمل المحكمة؟ لماذا تعظيم الأمور؟». وعُقدت اللجنة الوزارية للمرة السادسة عصراً أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، من دون التوصل الى اتفاق على النص المتعلق بموضوع المحكمة، على رغم تواصل الاتصالات الجانبية التي يجريها رئيس الحكومة مع قيادة «حزب الله» في هذا الشأن حول صيغة كان تقدم بها، تتضمن تكرار التزام المحكمة واحترام القرارات الدولية مع التشديد على صون الاستقرار الداخلي، ورفضها الحزب. وأوضحت مصادر حكومية أن هناك جموداً كاملاً في ما يتعلق بهذا البند. ولفتت كتلة «المستقبل» النيابية في بيان أمس بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الى «خطورة ما يحمله بعض مَن في الحكومة من أفكار، من شأنها أن تناقض الإجماع اللبناني في ما يخص الكشف عن المجرمين الذين وقفوا خلف جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه». وأضاف البيان: «تنبّه الكتلة المسؤولين في الحكومة الى أن الوقوع في شرك التراجع عن الإجماعات الوطنية، خصوصاً إزاء المحكمة وتحقيق العدالة، من شأنه أن ينقل لبنان من حال الى حال». وأكد أن «المحكمة الخاصة بلبنان هي الجهة المخولة التحقيق في الجريمة والكشف عن مخططيها ومرتكبيها وهي المسؤولة عن تقديم البراهين والأدلة». وردَّ رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع على القول إن المحكمة ستؤدي الى الفتنة، فاعتبر أن «اللعب بالمحكمة الدولية هو الوحيد، ولا شيء غيره، الذي يمكن أن يوصلنا الى الفتنة». كما رد على قول الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن «المحكمة خرجنا منها» فسأل: «هل المحكمة صالون يدخل إليها ويخرج ساعة يشاء؟». وذكّر بأن الحزب كان موجوداً في هيئة الحوار الوطني حين أُقرت المحكمة ثم في حكومتين تبنى بياناهما الوزاريان هذه المحكمة. ورأى جعجع في مجال آخر أن الحكومة الجديدة هي «حكومة وصاية غير منقحة». وأعلن وزير الإعلام وليد الداعوق مساء أمس إثر انتهاء اجتماع اللجنة الوزارية، أنها لم تصل بعد الى بند المحكمة. وأشار رداً على أسئلة الصحافيين الى أن السقف الدستوري للانتهاء من صوغ البيان الوزاري هو السقف الزمني للجنة (النص الدستوري يوجب على الحكومة التقدم ببيانها الوزاري قبل 13 تموز/ يوليو المقبل). وأوضح الداعوق أن «بند المحكمة قد يتم الاتفاق عليه في سرعة أو قد يحتاج الى الكثير من النقاش، ولذلك لا أستطيع أن أستبق الأمور». وعلمت «الحياة» ان «محاولة جدية» بُذلت ليلاً لتذليل عقدة الفقرة الخاصة ب«المحكمة الدولية»، وان الرئيس ميقاتي تمسك بموقفه الرافض وضع لبنان في اي مواجهة مع الشرعية الدولية. وإذ أشار الى أن اللجنة الوزارية ناقشت ملف المهجرين، وأنها وصلت الى صيغة شبه نهائية في ما يخص الملف الاقتصادي، فإن استمرار الخلاف على البند المتعلق بالمحكمة بدأ يطرح أسئلة عن المخرج في حال بقي الجمود مسيطراً على محاولات إيجاد مخرج للخلاف في شأنه بين ميقاتي مدعوماً من وزراء رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط، وبين «حزب الله»، الذي يرفض ذكر المحكمة في البيان. واعتبرت مصادر سياسية أن أمام الحكومة 14 يوماً متبقية لإنجاز بيانها الوزاري، فإذا تخطتها تصبح حكومة تصريف أعمال. إلا أن مصادر أخرى رأت أن الاتصالات ستتواصل بين ميقاتي و «حزب الله» توصلاً الى صوغ بند المحكمة، وربما كان المخرج إحالة هذا البند الى مجلس الوزراء للبتّ به إذا تعذرت صياغته في اللجنة الوزارية، تجنباً لتخطي المهلة الدستورية لإنجاز البيان. والأكثرية في مجلس الوزراء ستكون عندها لمصلحة وجهة نظر «حزب الله».