توصلت لجنة صوغ البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة مساء أمس الى الاتفاق على صيغة في شأن بند المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في البيان. ورجحت مصادر وزارية عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار البيان خلال 24 ساعة. وأكدت الصيغة التوافقية في شأن المحكمة الدولية على احترام القرارات اتلدولية ومتابعة مسار المحكمة، التي انشئت لاحقاق الحق والعدالة بعيداً عن التسييس والانتقام وبما لا يمس استقرار لبنان ووحدته». وكانت الضغوط تكثفت على قوى الأكثرية التي تتشكل منها الحكومة اللبنانية الجديدة، نتيجة السباق المحموم بين إنجاز الحكومة بيانها الوزاري وبين صدور القرار الاتهامي (في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) الذي تؤكد غير جهة محلية وديبلوماسية أن توقيته بات داهماً، كما نتيجة السباق بين معالجة الخلاف على البند المتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبين المهلة الدستورية لإنجاز هذا البيان التي تنتهي في 12 تموز (يوليو) المقبل. ودفعت هذه الضغوط أمس، الجهود من أجل ابتداع صيغة توفق بين موقفي ميقاتي و «حزب الله» في شأن النص المتعلق بالمحكمة، بعد خلاف دام أكثر من أسبوعين رفض فيه الحزب أي نص عن تبني لبنان المحكمة، فيما أصر رئيس الحكومة على تضمين البيان الوزاري التزاماً بها وبالقرارات الدولية التي ترعى عملها وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري اجتماعها السابق مساء أمس برئاسة ميقاتي، بعد اتصالات بعيدة من الأضواء جرت ليل أول من أمس، وعرض خلالها ميقاتي على رئيس البرلمان نبيه بري صياغة لبند المحكمة يتضمن 3 فقرات، الأولى تؤكد دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وتحقيق العدالة من دون تسييس، والثانية تشير الى احترام لبنان القرارات الدولية المتعلقة بالمحكمة وحماية السلم الأهلي اللبناني والاستقرار، والثالثة تتناول إمكان دعوة «هيئة الحوار الوطني» الى الاجتماع للبحث في أي طارئ يتعلق بالمحكمة (وهي فقرة لا تنص على طرح الخلاف على المحكمة على الحوار). وقالت مصادر شاركت في اتصالات الساعات الماضية، إن بري رفض الفقرة الثالثة، فيما طلب منه ميقاتي السعي لدى «حزب الله» لإقناعه بالفقرتين الأوليين اللتين يصر عليهما لأن الحكومة لا تستطيع التهرب من التزامات لبنان الدولية وقرارات مجلس الأمن، لئلا تصبح في مواجهة مع المجتمع الدولي. كما طلب إليه إضافة العبارة التي تراعي مخاوف «حزب الله» وتتناسب مع التزامات لبنان الدولية. وذكرت المصادر نفسها ل «الحياة» أن بري طلب مهلة للتشاور مع قيادة الحزب، واقترح تأجيل اجتماع لجنة صوغ البيان الوزاري من الساعة الرابعة بعد ظهر أمس الى السابعة مساء للتداول مع قيادة الحزب في النص المقترح وما يمكن إضافته عليه، وعُقدت اللجنة في ضوء جواب تلقاه بري من قيادة الحزب على النص المتداول، وتوصلت الى اتفاق في شأنه. وقال عضو اللجنة وزير الصحة علي حسن خليل (حركة «أمل»)، الذي شارك في اتصالات الساعات الأخيرة، إن «الصيغة حول بند المحكمة سترضي كل الأطراف، ولن يكون أحد زعلاناً وحتى 14 آذار إذا كانوا يريدون الحقيقة فهذه الصيغة يجب أن ترضيهم». وكانت المخاوف من مأزق العودة الى فراغ حكومي في حال انتهت المهلة الدستورية لإنجاز البيان الوزاري من دون الاتفاق عليه وتحديداً على بند المحكمة، دفعت الرئيس بري الى القول إن مهلة الثلاثين يوماً لإنجاز البيان الوزاري، «هي مهلة إسقاط (بالمعنى القانوني) وليست مهلة حث (للحكومة على إنجازه) وبالتالي عدم إنجاز البيان في المهلة المحددة تُعتبر الحكومة معه مستقيلة وتصبح حكومة تصريف أعمال». وفي موازاة ذلك عكس الرئيس ميقاتي الخلاف على بند المحكمة بقوله في دردشة مع الصحافيين: «إذا لم نتوصل الى وضع البيان الوزاري لدى انتهاء المهلة الدستورية سأتخذ الإجراء الذي يمليه علي احترامي للدستور وقناعاتي الوطنية». وأكد ميقاتي أن «لبنان لا يمكنه الخروج على الشرعية الدولية». وعلمت «الحياة» أن هذه الأجواء نجمت عن وصول الاتصالات مطلع الأسبوع الحالي الى طريق مسدود، إذ ان «حزب الله» أبلغ ميقاتي، عبر المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل، مساء الأحد الماضي رفضه القاطع ذكر عبارة المحكمة والتزام لبنان بها في البيان الوزاري بعد أن عرض هو صيغته، إلا أن ميقاتي عاد فأصر على موقفه. وقالت مصادر في الأكثرية إن رفض «حزب الله» نص ميقاتي السابق يعود الى أنه كان اتفق مع ميقاتي في آذار (مارس) الماضي بعد تكليفه، على تجنب ذكرها «لا سلباً ولا إيجاباً»، والاكتفاء بالإشارة الى حرص الحكومة على معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة في جريمة اغتيال الحريري. لكن ميقاتي عاد فأبلغ الحزب أن المجتمع الدولي سيعتبر الاكتفاء بهاتين العبارتين تهرباً من التزامات لبنان الدولية يرتب موقفاً دولياً سلبياً. وفَهم بعض من التقوا ميقاتي أنه في هذه الحال قد لا يستمر في رئاسة الحكومة. من جهة ثانية، قالت مصادر في «قوى 14 آذار» ل «الحياة» إن قياداتها اجتمعت مساء أول من أمس لتقويم الوضع السياسي، وتركز البحث على كيفية مواجهة التطورات في حال صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية. ودعت أوساط في المعارضة الى ترقب ما سيعلنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في هذه الحال، تبعاً لما سيتضمنه القرار.